يسود عالم اليوم بكافة دوله، متقدمة كانت او نامية، ظواهر سلوكية استهلاكية عديدة، جعلت من الانسان المعاصر مجرد آلة أو أداة استهلاكية، لا همّ له إلاّ أن يقتل نفسه جهداً ليزيد دخله ويحصل على ما يشتري به من ادوات استهلاكية مادية غير ضرورية، فرضتها على تفكيره وسائل الاعلام وفنون الاعلان، بزعم أنها مقاييس المكانة الاجتماعية ومصادر للهناء الفردي. ومن ذلك: أولاً : ظاهرة المجتمع الاستهلاكي: والمجتمع الاستهلاكي مجتمع يسوده المال من حيث يلهث فيه المرء وراء الكسب ليتمكن من استهلاك أوفر ورفاهية أفضل، ومن حيث ان حركة الاستهلاك هذه موجهة بالفعل ومخطط لهابشكل مدروس ومبرمج. وللأسف فان العالم الاسلامي قد تحول الى مجتمع استهلاكي تسوده تطلعات عارمة للثراء الفاحش على حساب كثير من القيم الدينية والاجتماعية والانسانية. لقد فهم العالم المتقدم الصناعي اوضاعنا الدينية والاقتصادية والاجتماعية قبل غزوه لنا بفكرة المجتمع الاستهلاكي. فمن الملاحظ أن العالم الغربي ومن خلال تبنيه لمبدأ حرية المستهلك، حريته في اختيار ما يشاء من السلع والخدمات، وحريته في توزيع دخله بين تلك السلع والخدمات، قد أكسب مجتمعه عادات استهلاكية سيئة، نقلها الى مجتمعنا الإسلامي المعاصر بوسائل عديدة ومن خلال وسائل مميزة. ثانياً: ظاهرة الشراء النزوي: والشراء النزوي هو شراء سلع لم تكن في ذهن المشتري قبل دخول المتجر أو السوق. وقد أصبح هذا النوع من الشراء عادة استهلاكية وظاهرة سلوكية نتيجة لحدوثها باستمرار خاصة بعد انتشار المتاجر التي تعرض السلع بشكل جيد وجذاب، وتستخدم أسلوب الخدمة الذاتية. إن هناك العديد من الدراسات التي أثبتت أن 60% من قراراتنا قرارات نزوية.. ثالثاً : ظاهرة حمّى الشراء: إن الإدمان على ا لشراء لا يقل خطراً ودماراً نفسياً عن خطر الإدمان على الكحول والمخدرات. جاء في بعض التحقيقات الصحفية ما يلي: يقول أحدهم: نزلت الى السوق وليس لدي نية للشراء، فخطرت على بالي أشياء فاشتريتها. ويقول آخر: إننا نستسلم للإغراء، فنشتري ما لانحتاج اليه. ويقول ثالث: دائماً اشتري اشياء زائدة عن حاجتي، وتقول احدى النساء: إن السبب الرئيسي الذي يكون وراء دفع النساء الى الافراط في إنفاق المال هو السعي الدائم من المرأة من أجل الحصول على احساسها بالرضا. لقد باتت حمّى الشراء والتسوّق تستشري كثيرا، لأن ضغوط الشراء الدعائية والتسابق من اجل رفع مستوى المعيشة وتسهيلات البيع وأسلوب العرض تتحكم في الانسان، وقد اوقعت بأسر كثيرة في شباك هذا الهوس. رابعاً: ظاهرة الاستهلاك التبذيري: حيث تنتشر هذه الظاهرة في بعض المجتمعات، على شكل إسراف في الانفاق على سلع ترفيه وكمالية. وعادة ما يكون هذا النوع من الانفاق التبذيري مقترناً بمستويات عالية من الدخول. إن الاستهلاك التبذيري إنفاق على سلع غير ضرورية وفي مناسبات غير ضرورية يشوبه الاسراف والترف بقصد حب التباهي والظهور وتعويض نقص اجتماعي معيّن. كما أن الاستهلاك التبذيري يعد استنزافاً للموارد والدخول، اذ هو انفاق بدون عائد، ويعد من جهة أخرى استهلاكا غير ضروري، يدخل في إطار إهدار الثروة. وخطورة هذه الظاهرة أنها بدأت في الانتقال إلى ذوي الدخول المحدودة غير المدركين لحجم مخاطر هذا الاستهلاك. عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية