لم يكن فضيلة الشيخ محمد بن صالح بن محمد بن عثيمين فقيهاً للمسلمين، أو شيخاً علامة أو خطيباً جليلاً بل كان مجمعاً إنسانياً وإماماً عرف عنه الورع والزهد ورحابة الصدر والرعاية لكافة الأمور الخيرة التي ترتبط بمصالح الأمة، وبالأخص منها ما يمر به شبابنا من معطيات حديثة تؤثر على حياتهم وسلوكياتهم فقد كان يحرص على لقاء الشباب في مدارسهم وكلياتهم ويحثهم دوماً على التمسك بتقوى الله عز وجل والحرص على الخير وطاعة ولاة الأمر واستغلال التطور في العلم والمعرفة والدعوة إلى الله، فأحبه شباب الأمة وحرصوا على التدارس معه ومنه ولعل مداومته على إلقاء دروسه من غرفته في المسجد الحرام لا سيما بعد اشتداد المرض عليه في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك لدليل على هذا الوصل والتواصل وعلى حسن خلقه وطيب معشره وسعة علمه فهو بحر لا تكدره الدلاء في علوم القرآن الكريم والسنة والشريعة الإسلامية وعلوم العصر الموصلة إلى فهم الكتاب والسنة بالإضافة إلى أريحته فهو رجل مجتمع قريب من الناس يحضر مناسباتهم أيا كانت ويشاركهم أفراحهم وأحزانهم ولا ينقطع عن مجالستهم المتكررة دورياً أو اسبوعياً أو شهرياً فهذا الأسلوب في التعامل مع التلاميذ ومع العامة خلد له في قلوب جميع عارفيه خاصة والمسلمين قاطبة منزلة وحظوة جعلت جميع القلوب تعتصر لوفاته، فإنا لله وإنا إليه راجعون لانفصام هذا العضو من اعضاء الأمة والذي سيظل التاريخ باحرف من نور يسطر ويتناول مناقبه ومكارمه، نسأل الله عز وجل بمنه وكرمه أن ينزل العزاء في أنفسنا وفي أنفس ذويه وآل بيته، وان يكتبه عنده في المحسنين وان يجعله في عليين وان يجزيه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء وان يجعل فيما خلفه من العلم الخير للأمة الإسلامية جمعاء.