يتناول موقع المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني على الشبكة العنكبوتية نشأة المؤسسة على النحو التالي: كانت بداية المؤسسة متزامنة مع تسلم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز (رحمه الله ) مقاليد الحكم في المملكة، ويعد إنشاؤها خطوة إيجابية اتخذتها الدولة لضمان تأمين قاعدة قوية لإعداد وتأهيل عمالة فنية ومهنية قادرة على التعامل مع التطورات المستمرة في مختلف المجالات ومواكبة مستجدات العصر. وقد جاءت تلك الخطوة بعد دراسات مستفيضة للحاجة القائمة من القوى العاملة ومدى توافقها مع متطلبات القفزة التنموية التي تعيشها المملكة، حيث رأى المسئولون أن أفضل السبل لتطوير برامج هذا النوع وتركيز الجهود في هذا المجال هو إنشاء مؤسسة عامة تتولى مسؤولية تنفيذ خطط تطوير القوى العاملة. لذا تم دمج المعاهد الفنية التي كانت تشرف عليها وزارة المعارف مع مراكز التدريب المهني التي كانت تتبع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في مؤسسة واحدة أطلق عليها (المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني) حيث صدر الأمر السامي الكريم رقم م/30 وتاريخ 10-8-1400ه بالموافقة على نظام المؤسسة الذي بموجبة أصبحت ذات شخصية اعتبارية مستقلة لتنفيذ الخطط والبرامج الموضوعة لتطوير القوى الوطنية المهنية والفنية في إطار السياسات التي يضعها مجلس القوى العاملة الذي تزامن إنشاؤه مع إنشاء المؤسسة ليقوم بالمهام التالية: تخطيط القوى العاملة وتنميتها وتدريبها وتطويرها، دراسة الاحتياجات القائمة من القوى العاملة للوفاء بمتطلبات خطط التنمية، التنسيق مع الجهات الحكومية لتنمية الطاقة البشرية، رسم السياسات لتنمية مهارات القوى العاملة وتوزيعها، ووضع الحوافز المادية والمعنوية التي تشجع على العمل. وقد حدد النظام الذي تم بموجبه إنشاء المؤسسة أن تقوم بتنفيذ البرامج المتصلة بالتعليم الفني في مجالاته المختلفة كالصناعة والزراعة والتجارة، وكل ما يتصل بالتدريب المهني بمختلف أشكاله ومستوياته مثل التدريب المهني والتدريب على رأس العمل وغيره في المجال الفني والتدريب المهني، إضافة إلى إجراء البحوث والدراسات المهنية لتطوير الأداء والكفاية الإنتاجية للقوى العاملة الوطنية. انتهى ثم جاء بعد ذلك صدور قرار مجلس الوزراء رقم 268 بتاريخ 14-8-1428ه الذي نص على تعديل نظام (اسم) المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني (اسم المؤسسة القديم قبل صدور هذا القرار) إلى المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، تمشياً مع الدور الذي ينبغي للمؤسسة لعبه بعد أن رأت نفسها بين مسارين مختلفين تماماً في مستوياتهما ومضمونهما ومناهجهما. دمج المعاهد الفنية التي كانت تشرف عليها وزارة المعارف مع مراكز التدريب المهني التي كانت تتبع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية كان هو السبب الرئيس في إنشاء هذه المؤسسة الضخمة ولذلك تم إطلاق اسم المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب التقني عليها تماشياً مع ما أريد لها أن تقوم به. فدمج تلك المعاهد تحت مظلة واحدة لم يكن قراراً خاطئ بل صدر لحاجة تلك المعاهد والمراكز لجهة واحدة تكون لها مرجعية تتقوى بها وتستمد أنظمتها من خلالها. نعلم جميعاً أن البلاد يعمها حالة من البطالة لم تشهدها سابقاً على الإطلاق ليس لوجود أكثر من مليون عاطل وعاطلة (برغم من إعلان وزارة العمل لوجود نصف هذا العدد رسمياً لديها، إلا أن من لم يتقدم لوزارة العمل طلباً للمساعدة في توظيفه لم يتم حسابه ضمن العدد الكلي للعاطلين والعاطلات وهو ما دعاني افتراضاً لذكر رقم المليون) تلك الحالة التي لم تشهدها البلاد ليس لعدد العاطلين والعاطلات بل لتفاقم ذلك العدد وتزايده نسبةً لأعداد الخريجين من المؤسسات التعليمية بمختلف درجاتها ومروراً بالمتسربين من التعليم العام النظامي وانتهاءً بمن لم يحالفهم التوفيق بإكمال دراساتهم العليا. هذه الحالة تتطلب القيام بإستراتيجيات كثيرة ليس الغرض من هذا المقال ذكرها إلا أن ما يجدر ذكره أنه يجب علينا عامةً الإيمان بأن الوظائف لم تعد كما كانت في السبعينيات أو الثمانينيات تستطيع أن تتلقف من يحمل مؤهلاً ثانوياً أو لغة إنجليزية ولم تعد بالتالي الحاجة موجودة كما كانت لخريجي الجامعات من المتخصصين في المجالات النظرية التي امتلأت بهم السوق، بل يجب أن نؤمن أن الوظائف في معظمها حالياً ومستقبلاً مرتبطة بالتخصصات المهنية والفنية. ويجب أن لا نكابر في إغفالنا لهذا الجانب، فقد فاقت أعداد المؤهلين في التخصصات غير المهنية أضعاف ما تحتاجه السوق ولعل زيارة واحدة لإحدى إدارات الموارد البشرية في أي شركة عملاقة تكفي لإثبات ما تقدم دون نقاش. القاعدة البشرية في سوق العمل تتركز في قاعها وفي ما بعد القاع وتشح الوظائف بل وتنعدم كلما صعدنا هرم التراتبية الوظيفية، القاعدة وما يليها تتطلب أيدي عاملة بمؤهل لا يتجاوز الثانوية التخصصية كالصناعية والزراعية، والمراقبين الفنين لما يليها، وهي أي تلك القاعدة من يتركز فيها أكبر عدد من العمالة الوافدة ويتم إصدار مئات الآلاف من التأشيرات سنوياً عليها. الجهات الرسمية بما فيها المؤسسة العامة للتدريب المهني والتقني عملت ولازالت تعمل لتخريج شباب سعودي قادر على مليء تلك القاعدة سواءً فنيين أو مساعدي فنيين ويبقى أمر نجاح تلك المساعي مرهون بمدى تقبل المجتمع لشغل تلك الوظائف من جهة، ومن جهة أخرى إقبال رجالات القطاع الخاص بمختلف أنشطته لاستيعاب أولئك الشباب. لا يمكن اليوم المراهنة على نجاح جهة حكومية دون أن يكون لنشاطها مردود واقعي ولا يمكن بالتالي أن يكون ذلك المردود واقعياً طالما بقيت الأجهزة الأخرى تعمل بشكل منفرد ودون أن تمد يدها لإنجاح مساعي الجهات الأخرى. نحن أمام قضية وطنية لا يستطيع أكثر المتفائلين تجاوزها إن لم تتكاتف جميع الأجهزة، المنزل والمدرسة والمجتمع والإعلام والشاب، للعمل على حلها والقيام بما يجب من أجل تجاوزها. إلى لقاء قادم إن كتب الله.