يعتقد الكثيرون أن كون العائلة ترسل أبناءها إلى مدرسة أهلية «كويسة» فهذا يعني بالضرورة أنها عائلة ثرية، ولعلها ثرية أحياناً، لكنها في الواقع ثرية بطموحها ورغبتها في الاستثمار في الصغار لعل حظهم في الدنيا يكون أفضل من حظ أهلهم. وما يجب أن يعرفه من يفكرون بهذه الطريقة أن الناس كثيراً ما يرسلون أبناءهم للمدارس الأهلية لأن أحياءهم لا تتوافر فيها المدارس، أو لأن المدارس المتوافرة في مبانٍ مستأجرة غير مناسبة للتعليم، أو أنها في مبانٍ حكومية لكنها مليئة جداً لدرجة لا يمكن معها إتمام عمليتي التربية والتعليم. وبالطبع هناك من يذهب للتعليم الأهلي من دون أي من هذه الأسباب، لكن بحثاً عن تأهيل أفضل يساعد أبناءه في المستقبل في مواصلة مشوار التعلم والعمل في مواقع أو مهن ممتازة. مناسبة «الحكي» أني تلقيت من بعض الآباء شكاوى من أسعار المقاصف المدرسية التي قصمت ظهورهم، ووترت علاقتهم بأبنائهم، وأرسل لي أحدهم صورة لأحد «الساندويتشات» فرأيته لا يساوي ريالاً واحداً، ولا يصل لمستوى مثله في «البوفيهات» العادية ويقول إن سعره ثلاثة ريالات، وفي القائمة التي أرسل أسعار خيالية لبقية المنتجات تجعله يضطر لدفع عشرة ريالات لطفل في المرحلة الابتدائية، وهو لديه أربعة أولاد في مراحل مختلفة ابتلاه الله بإرسالهم للمدارس الأهلية. وإذا أضفت الطلبات التي تطلبها هذه المدارس لإحضارها من المكتبات وجدت أن الموضوع برمته أصبح منهكاً جداً، وسمته تجارية بحتة، ونحن لا نختلف مع تحقيق الأرباح لهذه المدارس، لكن الاختلاف في إطلاقها أيدي العاملين فيها، أو المستأجرين منها لبعض المرافق وبالتالي الضغط على العائلات. السعوديون بدورهم «مبتلشون» بثقافة غريبة مفادها أن الأبناء يرفضون أخذ طعام من المنزل صحي ومغذٍّ ونظيف، بل إنهم في مرحلتي المتوسطة والثانوي يعتبرون ذلك «عيباً» ومثيراً لسخرية زملائهم الذين جاءوا من الثقافة نفسها. وفي الموضوع ذاته أفادني المرسل بأن شركات الوجبات السريعة دخلت على الخط بقوة، وأصبحت في عقر بطون التلاميذ في بعض المدارس، وهم أنتجوا منتجات «ميني» في الحجم بالأسعار نفسها تقريباً ويوزعونها على بعض المدارس التي تتغاضى عن هذه الممارسة غير الصحية. إن أعطيت ابنك ما يكفيه على رغم صعوبة البنود لديك في موازنة المعيشة، خسرت صحته، وملمحاً من تربيته، وأصابك الضيق كونه سيكون أقل من أقرانه، وإن حرمته لحقك الضيق كونك تعرف أن الأسعار فيها مبالغة، وأن تعويد طفل صغير على هذا النمط من الإنفاق ليس جيداً، والأهم إنك ستظنه يقضي معظم يومه الدراسي جائعاً، وهذه الأخيرة هي الأشد ألماً على الآباء والأمهات، وربما سبب سكوتهم وضعفهم. [email protected]