استنفرت الجهات الأمنية والخدمية في مدينة جدة أمس، وفعلت خطط الطوارئ للتعامل مع عاصفة ترابية ضربت المحافظة، وأثّرت على مدى الرؤية الأفقية وحركة المرور، وأوقفت الملاحة البحرية إلى جانب تداعياتها السلبية على طلاب المدارس خصوصاً من الأطفال، ومرضى الجهاز التنفسي عموماً. و«نبشت» نُذر صفراء في أفق المدينة، خوف سكانها ومسؤوليها من تحت أنقاض «كارثة الأربعاء»، خشية من تأثيرات سلبية قد تطاول المواقع والأحياء المنكوبة وتنقض جراح الجداويين التي لم تلتئم بعد. وشلت العاصفة الترابية وتحذيرات الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة منها، حركة الملاحة البحرية في ميناء جدة الإسلامي بالكامل، إذ أعلن المدير العام للميناء الكابتن ساهر طحلاوي توقف جميع الرحلات الداخلة والخارجة إلى الميناء منذ فجر أمس، لافتاً إلى إيقاف تحرك خمس سفن كانت في طريق الخروج من أرصفة ميناء جدة إلى البحر. وقال الكابتن طحلاوي ل«الحياة»: «إن العواصف واحترازات الميناء بشأنها أمر طبيعي في البحر، حفاظاً على السلامة حتى تنتهي الموجة»، مشيراً إلى أن فترة التوقف أو توقعات انتهائها «أمر لا تهتم به إدارة الميناء، إذ هي تتعامل مع ما هو واقع على الأرض». وأوضح المتحدث الرسمي للأرصاد وحماية البيئة حسين القحطاني «أن حال الجو في مدينة جدة لا يستدعي القلق الشديد، وإنما الاستعداد الروتيني في مثل هذه الحالات من كل جهة معنية بحسب نوع عملها». وزاد: «ليست هناك توقعات بأن تسوء الحال الجوية أكثر في المدينة، بل على العكس المؤشرات تقول إن مستوى الغبار سينخفض مع دخول ليل اليوم (أمس) مع احتمالات بسيطة لاستمراره إلى الغد (اليوم)»، مشيراً إلى وجود توقعات تكوّن سحب ركامية وهطول أمطار خفيفة على مدينة جدة وعلى شمالها خصوصاً. وأكد القحطاني إبلاغ جميع الجهات المعنية بتنفيذ خطط الطوارئ في جدة بحال الطقس وموجة الغبار وتدني الرؤية الأفقية مبكراً، موضحاً أن الرئاسة على تواصل مستمر مع تلك الجهات وتنقل لهم المعلومة المتعلقة بالطقس وتغيراته باستمرار. فيما أكد سكان في مدينة جدة ل«الحياة» ضعف رسائل التوعية من الجهات البيئية المعنية مثل رئاسة الأرصاد وحماية البيئة، في شأن التغيرات المناخية التي تطاول المحافظة، مطالبينها في الوقت ذاته بدور أكبر بإعلان تنبؤات الطقس، ومحاولة إيصالها إلى جميع شرائح المجتمع الجداوي، الذي بات يقع فريسة سهلة للقلق بعد الكارثة. وامتداداً لتأثيرات عاصفة جدة بحراً، حذرت قيادة حرس الحدود في منطقه مكةالمكرمة مرتادي البحر من الصيادين والمتنزهين بأخذ الحيطة والحذر وعدم الدخول للبحر خلال سوء الأحوال الجوية وسرعه الرياح وارتفاع الأمواج إلى أكثر من مترين ونصف، وكذلك تدني مدى الرؤية الأفقية مع عواصف ترابية وسحب رعدية نبّه عنها تقرير الأرصاد الجوية (أمس). وفي شأن حركة الطيران في مطار الملك عبدالعزيز، أكد مسؤول الرحلات في المطار سمير ميرا أن الحركة التشغيلية للرحلات الجوية طبيعية منذ بدء العواصف الترابية فجر أمس، وإطلاق رئاسة الأرصاد تحذيرات في شأنها، نافياً توقف أي رحلات أو تأثر أي مرفق في المطار. وقال ميرا «إن الأمر لم يصل إلى حد إعلان حال الطوارئ في المطار، ولم تكن تحذيرات الأرصاد تستدعي ذلك أو تطالب به، إلا أن الجهات المختصة اتخذت احتياطاتها الروتينية في مثل هذه الحالات». وفشلت محاولات «الحياة» الاتصال بمدير الدفاع المدني في محافظة جدة العميد عبدالله جداوي، والمتحدث الرسمي باسم المديرية في منطقة مكةالمكرمة. في حين أكد مصدر في الدفاع المدني ل«الحياة» تزايد بلاغات سكان جدة أمس، مشيراً في الوقت ذاته إلى أنها كانت بلاغات عادية وتتعلق بحال الطقس، «إذ إن سكان المدينة باتوا يخشون «غدر المناخ» بهم، ولا يزالون تحت تأثير صدمة الكارثة التي حلت بمدينتهم، ويبادرون على الإبلاغ بأنفسهم بعد أن فقدوا الثقة نوعاً ما في سرعة تجاوب الجهات المعنية مع الكوارث البيئية». معدلات الإصابات الصدرية مرتفعة في المقابل سجلت مستشفيات جدة أمس ارتفاعاً في استقبال معدلات الحالات المصابة بالأمراض الصدرية والربو. وقال مدير الشؤون الصحية في المحافظة الدكتور سامي باداود ل«الحياة»: «إن تلك الحالات التي راجعت المستشفيات من مختلف الفئات العمرية، وأكثرها من الأطفال»، مشيراً إلى أن صحة جدة استعدت وأعلنت حال الطوارئ في المستشفيات أمس تحسباً لحدوث أي ظرف جراء العواصف الترابية. وفضّل الدكتور باداود عدم إعطاء أي رقم معين للحالات التي راجعت مستشفيات جدة جراء العاصفة، لأنه يتوقع أن تستقبل المستشفيات حالات مشابهة على مدار الساعة، خلال ال24 ساعة المقبلة. وأشار إلى أن المستشفيات لم تسجل تزايداً ملحوظاً في استقبال حالات إصابات في حوادث مرورية، جراء تدني الرؤية الأفقية بسبب الغبار. وقالت مصادر طبية ل«الحياة» إن مستشفى الولادة والأطفال في جدة كان من أكثر المستشفيات في المحافظة استقبالاً للحالات المصابة جراء العاصفة الترابية.