إضافة إلى الدور الذي يلعبه الاحتلال الإسرائيلي في ترويج المخدرات داخل المدن الفلسطينية التي يسيطر عليها أو حتى تلك التي لا يسيطر عليها في شكل مباشر، لم تنشئ السلطة الفلسطينية منذ قيامها في العام 1994 أي مركز لمعالجة الإدمان سواء في محافظات الضفة الغربية أم قطاع غزة، علماً أن الإدمان بين الشبان الفلسطينيين لا يقتصر على المخدرات الثقيلة بل يتجاوزها إلى إدمان الكحول أو المواد المهدئة إضافة إلى تلك التي تحتوي على نسبة من النيكوتين كالسجائر والمعسل والتنباك. ويعتبر المجتمع الفلسطيني عموماً قليل الإقبال على المخدرات. فعدد المتعاطين في الضفة الغربية يتراوح بين 30 و35 ألفاً بينما عدد المدمنين فعلياً يناهز ال 700 وذلك بحسب مدير إدارة مكافحة المخدرات في الشرطة الفلسطينية العقيد عبد الجبار برقان. وبحسب المصدر نفسه يرتفع عدد المتعاطين في قطاع غزة إلى نحو 45 ألف متعاط، منهم ألف مدمن، علماً أن هذه الإحصاءات الخاصة بغزة تعود إلى ما قبل سيطرة حركة «حماس» على القطاع. تلك هي الأرقام الرسمية، أما غير الرسمية فلا أحد يعرفها إلا التاجر والمتعاطي نفسه. واسوأ ما في الأمر أنه لا وجود لمراكز متخصصة في علاج الإدمان، لا في الضفة ولا القطاع. وفي لقاء مع «الحياة» قال برقان: «طالبنا ونطالب الحكومات ومنذ قيام السلطة الفلسطينية باستحداث مراكز مختصة تهتم بالمدمن نفسياً وطبياً وتساعده على التخلص من إدمانه، وتم وضع خطة علاجية لإعادة تأهيل المدمن لكن، وللأسف، لا يوجد تنسيق كاف بين الجهات المختصة. وما يضعف الخطة أكثر حاجتها إلى موازانة ضخمة لم تقر». وعن كيفية تعامل الشرطة مع المدمن الذي يلقى القبض عليه، يقول برقان: «نتعامل مع المدمن بموجب القانون، فيتم تحويله الى النيابة العامة ومن ثم يحاكم بتهمة حيازة المخدرات، إلا اذا أبدى المدمن رغبة في العلاج والتخلص من إدمانه، فيتم حينئذ التنسيق مع مراكز مختصة غير حكومية لينقل اليها». ومن تلك المراكز جمعية «الصديق الطيب»، وهي مؤسسة غير حكومية، ومقرها في بلدة العيزرية قرب مدينة القدس وتخضع للسيادة الإسرائيلية. وهناك يتابع المدمن ندوات توعية وإرشاد أكثر مما يتلقى متابعة طبية فهذه المراكز غير متطورة في شكل كاف لتقدم العلاج بحسب خطة صحية وطبية سليمة إضافة إلى أن تكاليف الانضمام إليها تقارب الألف دولار عن كل ثلاثة أشهر. وفي وقت أكد مدير دائرة الصحة الأولية في وزراة الصحة الفلسطينية الدكتور أسعد الرملاوي، أن «عدم وجود مراكز لعلاج المدمنين مشكلة حقيقية»، إلا أنه كشف عن مشروع استحداث مركز متخصص لعلاج الإدمان في مدينة رام الله في 2010. واعتبر الرملاوي ان الوزارة أولت هذه المسألة أهمية كبيرة في الفترة الأخيرة، خصوصاً بعد تشكيل الرئيس الفلسطيني محمود عباس لجنة عليا لمكافحة المخدرات ترأسها وزارة الصحة بالتعاون مع وزارات وأجهزة أمنية أخرى. وقال: «إلى أن ينفذ المشروع بشكله النهائي، سيتم استئجار مبنى موقت في موقع مناسب خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وسيتم تجهيزه لهذا الغرض وتوفير طاقم طبي ونفسي متخصص، بالتعاون مع منظمات دولية ومنظمة الصحة العالمية، ومنظمات مكافحة الإيدز أيضاً». وأضاف الرملاوي: «عقدنا اجتماعات عديدة كانت نتائجها العمل على تأهيل المدمنين ومتعاطي المخدرات في الأراضي الفلسطينية من خلال المركز الفلسطيني الحكومي المزمع إنشاؤه، وبالفعل تم تعيين طبيب متفرغ من وزارة الصحة لمتابعة هذا الملف وبدأنا الاتصال بوزارة الصحة الأردنية للمساعدة وتقديم العون لنا في هذا الشأن». وعن الإشاعات القائلة بأنه يتم تحويل المدمنين الى مستشفى للأمراض العقلية والنفسية في مدينة بيت لحم قال: «بالفعل تم تحويل بعض الحالات التي تحتاج إلى تأهيل نفسي إلى ذاك المستشفى، فالجانب النفسي مهم جداً في علاج المدمنين على المخدرات بأنواعها، خصوصاً مع توافر طاقم طبي متخصص بالأمور النفسية في مثل هذه المستشفيات، في حين يرسل بعض المدمنين للعلاج في مراكز خاصة غير حكومية مقرها مدن وبلدات تحت الاحتلال الإسرائيلي».