أكد مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الديموقراطية وحقوق الإنسان والعمل مايكل بوزنر ضرورة إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة في مصر في جو يتسم ب «النزاهة والشفافية»، موضحاً أن بلاده «تقف موقفاً محايداً في هذه الانتخابات ولا تأخذ موقفاً ضد أي فرد». وتجري في مصر في نيسان (أبريل) المقبل انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان) وفي تشرين الأول (اكتوبر) تجري انتخابات مجلس الشعب (الغرفة الأولى في البرلمان)، وهي انتخابات مهمة تمهّد لتحديد القوى التي سيتاح لها تقديم مرشحين لانتخابات الرئاسة التي تجرى في عام 2011. ولم يتضح بعد موقف الرئيس حسني مبارك من الترشيح فيها، إذ يصر الحزب الوطني الحاكم على عدم إعلان اسم مرشحه إلا قبل الانتخابات بفترة قصيرة وسط تكهنات بإمكان خوض أمين السياسات في الحزب نجل الرئيس جمال مبارك انتخابات الرئاسة مرشحاً عن حزبه. ورد بوزنر على سؤال خلال مؤتمر صحافي عقده في مقر السفارة الأميركية في القاهرة في ختام زيارته لمصر حول توقعاته لما ستسفر عنه الانتخابات بالقول إن «الولاياتالمتحدة تتعامل بنهج ديبلوماسي مع القاهرة في هذه القضايا». وأجرى المسؤول الأميركي محادثات مع ناشطين حقوقين ووزراء ومسؤولين أمنيين وبرلمانيين في مصر. وبحث معهم في أوضاع المرأة والحريات الدينية وأوضاع الديموقراطية وقانون الطوارئ، وطلب أن تتاح لمنظمات المجتمع المدني حرية العمل وتوافر المعلومات والفرصة للتحدث بحرية عن أوضاع حقوق الإنسان. وقال: «لكننا لن نقول لها كيف تعمل». ولم يوجّه بوزنر أي انتقاد لأوضاع حقوق الإنسان في مصر واكتفى فقط بالقول إنه ناقش قانون الطوارئ الذي وعد الرئيس حسني مبارك بتغييره. وتأتي زيارة بوزنر وسط تنديدات محلية ودولية بحادث نجع حمادي في صعيد مصر الذي قُتل خلاله ستة أقباط وجندي مسلم كان يحرس كنيستهم بعد إطلاق النار عليهم عشية عيد الميلاد لدى الأقباط. وقال بوزنر في المؤتمر الصحافي تعليقاً على الحادث إنه «مقلق للغاية»، مشيراً إلى أن المصالحة بين المسلمين والأقباط أمر مهم لكنه غير كاف. وشدد على ضرورة إجراء محاكمات قضائية لمرتكبي الحادث وتطبيق العدالة عليهم. وقال: «يجب أن يتوقف الإحساس بالإفلات من العقاب... هناك حاجة إلى مزيد من المعلومات لمعرفة من المتورط الذي حرّض على القتل». واعتبر بوزنر أن هناك مناخاً من «عدم التسامح» بين الطرفين في مصر. وكان مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان استضاف حواراً مفتوحاً بين مساعد وزيرة الخارجية الأميركية وممثلي عشر منظمات لحقوق الإنسان تطرق النقاش خلاله إلى حادث نجع حمادي، إذ استطلع بوزنر وجهات نظر الناشطين الحقوقيين إزاء الحادث وأسباب تكرار الحوادث الطائفية في مصر وما إذا كان هناك تغيير في نهج الحكومة المصرية في التعامل مع هذه الحوادث خلال الفترة الماضية وخصوصاً في حادث نجع حمادي. وسبق اللقاء خلوة جمعت بوزنر مع مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بهي الدين حسن الذي أوضح ل «الحياة» أن هدف اللقاء كان استيضاح الصورة عموماً عن حال حقوق الإنسان في مصر كما يراه الناشطون في هذا المجال، مشيراً إلى أن المسؤول الأميركي «كان يطرح أسئلة لاستيضاح الأمور أكثر من مناقشتنا في الحوار». وأضاف: «ناقشنا حادث نجع حمادي وموضوع الحوادث الطائفية والحريات الدينية عموماً وأوضحنا لبوزنر أن سبب تصاعد الحوادث الطائفية هو عدم محاسبة الحكومة المتهمين في جرائم العنف الطائفي خلال عام 2009 وقبله ما شجع (المتطرفين) على التمادي في العنف ضد الأقليات الدينية وكذلك عدم إعمال المساواة بين المسلمين والأقباط في مصر وأيضاً بين المسلمين السنّة وغيرهم من أصحاب المذاهب الأخرى». وأضاف أن «المسؤول الأميركي استوضح ما إذا كان هناك تغيير في تعامل الحكومة المصرية مع حادث نجع حمادي خصوصاً أنها أعلنت توقيف منفذي الجريمة وتعتزم محاكمتهم فأجابه الناشطون الحقوقيون بأن لا تغيير في هذا الصدد، إذ إن الموقوفين مجرمون جنائيون وليسوا متطرفين وبالتالي فإن ارتكابهم جريمة عنف طائفي يدل على أن وراءهم محرضين، وأبلغنا المسؤول الأميركي أن الحكومة المصرية تخطئ بإخفائها المحرّضين والتعامل مع الحادث على أنه جنائي». وأشار بهي الدين حسن إلى أن المسؤول الأميركي كان يطرح تساؤلات أكثر مما يعطي انطباعات أو ردود لكن بدا أنه «تفاجأ حين استشعر أن لا تغيير أو تحسن في حال حقوق الإنسان في مصر منذ 20 عاماً حين كان يمارس نشاطاً حقوقياً ويعد تقارير عن أحوال الديموقراطية وحقوق الإنسان في مصر». وقال بهي الدين حسن إن «نشطاء حقوق الإنسان أبلغوا المسؤول الأميركي تخوفهم من أن مصر لن تشهد انتخابات برلمانية أو رئاسية نزيهة خصوصاً أن الانتخابات المحلية والطلابية السابقة شهدت تجاوزات غير مسبوقة... وعبرنا عن مخاوفنا من تزوير نتائج الانتخابات المقبلة أو عدم إتاحة الفرصة لمنافسة جادة خصوصاً أن انتخابات البرلمان هي التي ستؤهّل القوى السياسية الفائزة لطرح مرشحين لخوض انتخابات الرئاسة... أبلغناه أننا نتوقع الأسوأ».