كشف طفلان، أنهما حاولا الانتحار، على رغم صغر عمريهما، إذ كانا ينويان وضع حد فاصل لما يتعرضان له من أذى. ولم يجدا وسيلة إلا الانتحار. ويروي الطفل الأول (13 سنة) قصته في دراسة حديثة، أنه حاول الانتحار بعد أن ضربه والده ضرباً «عنيفاً»، وهو مخمور، فألقى به من على سطح المنزل. وكانت نتيجة هذا الفعل تدخل الشرطة، التي هددت الأب بإيداع الابن دار الملاحظة الاجتماعية، وعزله عن أهله. كما أوصت بمتابعة وضع الأسرة من جانب إدارة الحماية الاجتماعية. ونصحت الزوجة برفع طلب إلى الضمان الاجتماعي، للحصول على مساعدة مالية. أما الطفل الثاني، فذكر أنه تناول مبيداً حشرياً مُسمماً، نتيجة تعرضه إلى الإهمال من جانب العاملة المنزلية، وعدم متابعة أمه لها. وتمت معالجته في المستشفى الذي نُقل إليه. وذكرت الدراسة التي أجراها مركز «رؤية للدراسات الاجتماعية»، بعنوان «العنف الأسري بين المواجهة والتستر»، أن «ضحايا العنف الأسري من الأطفال الذكور، تعرضوا لأشكال متعددة من العنف الجسدي واللفظي والجنسي، إضافة إلى الإهمال المُتعمد». وذكر جميع الأطفال (عينة الدراسة)، أنهم تعرضوا إلى العنف الجسدي، مثل «الضرب الشديد، والصفع، والركل، وقرص الأذنين بقسوة، والدفع إلى الأرض». كما أن أغلبهم مورس عليهم العنف بأداة معينة مثل «العصي، والعقال، وفي بعض الأحيان يستخدم أي شيء قد يقع في متناول يديه المُعنف». وأبانت أن «العنف اللفظي يأتي في المرتبة الثانية بين أشكال العنف التي تمارس على الأطفال الذكور. ويستخدم الآباء في سب الأطفال الذكور كلمات «نابية»، فيها إهانة للطفل وأمه في الوقت ذاته». ونبهت إلى أن عدداً من زوجات الآباء «يمارسن عنفاً قاسياً على أطفال أزواجهم، وبخاصة فيما يتعلق بالتشكيك بنسبهم إلى آبائهم، وفق ما ذكره أحد الأطفال (11 سنة)، كقولها له «يا ابن الحرام»، التي لم يعلم معناها إلا من أحد زملائه الأكبر منه سناً». وأشار كثير من الأطفال إلى تعرضهم إلى «الإهمال المُتعمد»، الذي حل في المرتبة الثالثة بين أشكال العنف التي تعرضوا لها. وذكر 33 في المئة من الأطفال، الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و13 سنة، أن آباءهم أجبروهم على العمل في بيع السلع الرخيصة، مثل علب المناديل وزجاجات المياه في الشوارع وعلى الأرصفة، بعد الخروج من المدرسة، مشترطين عليهم الاستمرار في العمل إذا ما أرادوا مواصلة دراستهم. وبرروا تصرفهم بأن «على الأبناء أن يتحملوا جزءاً من أعباء الحياة، وأن يخففوا العبء عن كاهل آبائهم». وتشير رواية 20 في المئة من الأطفال، إلى أن «الإهمال الاقتصادي المُتعمد كان مصحوباً بنوع من الإيذاء النفسي، من خلال التهوين من ذواتهم وقيمتهم في سعيهم، لينالوا نصيباً من التعليم، مقابل رفضهم العمل». وأكدت الدراسة، أن «من يمارس العنف على الأطفال بالدرجة الأولى، هم: الآباء، والأعمام، والأخوة الذكور الأكبر سناً. وتأتي الأمهات وزوجات الآباء في ترتيب لاحق في ممارسة العنف على الأطفال الذكور»، مبررة ذلك بأن «الطفل كلما كبر في العمر، واشتد عوده؛ استطاع أن يقاوم العنف الذي يمارس عليه، وبخاصة إذا كان صادراً من شخص لا ولاية له عليه على نحو مباشر، مثل زوجة الأب». واستشهدت الدراسة بروايات أربعة أطفال، حول أن زوجة الأب لا تقوم بضرب أحدهم إلا في حضور الأب، الذي يشجعها على القيام بذلك. ويتوعد الطفل إذا حاول مقاومتها، أو منعها من الاعتداء عليه. وأضافت أنه «في بعض الأحيان؛ قد يقوم الأب بإكمال مهمة زوجته، لكسب رضاها عنه». ولفتت إلى أن «أحداً من الأطفال الذكور، لم يشر إلى أن العاملة المنزلية مارست عليه عنفاً بدنياً»، مرجعة ذلك إلى أن «الأسرة العربية لا تقبل أن يتعرض ابنها إلى الإهانة من عاملة، وإن كانت قد تتسامح في ذلك بالنسبة للبنت». وعزت الدراسة ممارسة العنف على الأطفال إلى «إثارة الشغب في المنزل، والفوضى، وبخاصة إذا تم ذلك في وقت يكون فيه الأب راغباً في نيل قسط من الراحة بعد عناء يوم من العمل الشاق».