أرفقت إسرائيل حملتها الديبلوماسية الدولية ضد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن) بداعي رفضه العودة إلى طاولة المفاوضات، بتهديدات لحركة «حماس» بأنها «لن تتردد» في الرد العسكري في حال تواصل إطلاق القذائف الصاروخية من قطاع غزة على جنوبها المستمر منذ أيام. وحذر وزير الدفاع إيهود باراك قيادة «حماس» من عواقب اللجوء إلى خطوات «قد تندم عليها في المستقبل»، وقال إن الردع الذي حققته إسرائيل في حربها على غزة قبل عام «ما زال قائماً وقوياً، وحماس ترتدع جداً من خوض اشتباك مباشر آخر مع إسرائيل، لذا أنصحها بدرس خطواتها كي لا تغرق في ما بعد في دموع التماسيح وتندم في حال اضطررنا إلى التحرك العسكري». وأضاف خلال مشاهدته شريطاً مصوراً عن نجاح التجربة التي تمت الأسبوع الماضي على منظومة «القبة الحديد» لاعتراض القذائف قصيرة المدى، ان قصف جنوب إسرائيل بالقذائف الصاروخية «يعكس عجز حماس عن السيطرة على أعمال المنظمات الأخرى مثل الجهاد الإسلامي ولجان المقاومة الشعبية التي تسعى إلى تعكير صفو الهدوء». واعتبر مشروع «القبة الحديد» نتاج «الدماغ اليهودي» وقدوة يحتذى بها لتطوير المنظومات القتالية، مشيراً إلى أن نتائج التجربة فاقت التوقعات السابقة. وأضاف أن المنظومة الحديثة ستؤدي إلى تغيير المعادلة «وقد تردع عناصر متطرفة عن القيام باعتداءات على إسرائيل». وتابع أن عجز إسرائيل في الماضي عن اعتراض قذائف صاروخية قصيرة المدى ألزمها خوض معارك عسكرية، «بينما المنظومة الجديدة قد تمكّنا في المستقبل من الاستغناء عن المعارك واسعة النطاق». وأيد إقامة جدران وأسوار على حدود إسرائيل، معتبراً «وجود أسيجة جيدة يضمن جيراناً جيدين». إلى ذلك، كشفت الصحف العبرية عن حملة ديبلوماسية دولية أقرها رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو تهدف الى النيل من دعم المجتمع الدولي للرئيس الفلسطيني، بداعي رفضه العودة إلى طاولة المفاوضات. وكان نتانياهو بدأ هذه الحملة بتصريحاته أول من أمس في مستهل جلسة حكومته عندما قال إن السلطة الفلسطينية عادت إلى التحريض على إسرائيل. ولاحقاً دعا نتانياهو خلال لقائه السيناتورين الأميركيين جون ماكين وجو ليبرمان في القدسالمحتلة المجتمع الدولي إلى «الكف عن عناق أبو مازن» والبدء في الضغط عليه للعودة إلى طاولة المفاوضات. وأصدر مكتب رئيس الحكومة بالتنسيق مع وزارة الخارجية تعليمات إلى ممثلي إسرائيل الديبلوماسيين في أنحاء العالم بالمضامين التي ينبغي أن تعتمدها الحملة الديبلوماسية ضد عباس. وتلقى هؤلاء قبل أسبوع «ورقة موقف» تحت عنوان «الرفض الفلسطيني لإجراء مفاوضات سلام». وتم صوغ الورقة في وزارة الخارجية في أعقاب توجه مكتب نتانياهو وطاقم الإعلام فيه إلى الوزارة. وبررت أوساط نتانياهو هذه الحملة بغياب الضغط الدولي على عباس لاستئناف المفاوضات. وقال موظف كبير في مكتب رئيس الحكومة إن الورقة «تؤكد حقيقة أن إسرائيل قامت بلفتات طيبة كثيرة تجاه الفلسطينيين، لكن أيضاً تؤكد حقيقة أن الفلسطينيين يواصلون المرة تلو الأخرى صد المحاولات الإسرائيلية للتوصل إلى اتفاق سلام، وهذا السلوك يطرح علامات استفهام في إسرائيل عما إذا كان جيرانها ملتزمين السلام». وتتهم الورقة الفلسطينيين بالقيام بحملة دولية لنزع الشرعية عن إسرائيل والمس باقتصادها، كما تشير إلى «الموقف السلبي» للسلطة الفلسطينية من قرار الحكومة الإسرائيلية تعليق البناء جزئياً في المستوطنات. وأضاف أن الرسالة المركزية في الحملة تقول إنه «خلافاً لمصر والأردن، فإن الفلسطينيين يتوقعون تحقيق السلام بشروطهم فقط من دون العودة إلى مائدة المفاوضات للتوصل إلى اتفاق سلام». ووعد السيناتوران الأميركيان أركان الدولة العبرية بأن يحبط الكونغرس أي محاولة من الإدارة الأميركية لحجب المساعدات السنوية عن إسرائيل، بهدف إرغامها على العودة إلى المفاوضات. وانتقد ليبرمان تلميحات الموفد الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل باحتمال لجوء واشنطن إلى وقف ضمانات القروض لإسرائيل في حال أفشلت الأخيرة العودة إلى المفاوضات. وأضاف أنه لا يتفق مع ميتشل «وأعتقد أننا سنسمع قريباً من الإدارة الأميركية أن هذه ليست سياستها». وكان نتانياهو قال لأعضاء حزبه «ليكود» إن تفسير أقوال ميتشل على أنها تهديد لإسرائيل ليس صحيحاً، وهذا ما قاله أيضاً الوزير المتشدد بيني بيغين للإذاعة العامة أمس، مشيراً إلى أنه قرأ بتمعن نص المقابلة التلفزيونية مع ميتشل «ولا أرى أي داع لإثارة ضجة». وأضاف أن ميتشل يتعامل مع إسرائيل «بإنصاف، ولا داعي لردود الفعل المبالغ فيها التي قوبلت بها أقواله». من جهة ثانية، انضم بيغين إلى الوزراء الذين توعدوا «حماس» بعمل عسكري في حال لم يتوقف إطلاق القذائف الصاروخية من غزة، وقال إن في جعبة الجيش الإسرائيلي «ردوداً عدة على أي تطور محتمل في المنطقة».