واشنطن، لندن - رويترز، أ ف ب - أكد صندوق النقد الدولي في تقرير نشر أول من أمس أن موظفيه تعرضوا بسبب الأزمة الاقتصادية، إلى ضغوط قوية من قبل الدول الأعضاء لتصحيح فقرات من تقاريره حول اقتصادات هذه البلدان أو شطبها. وذكر الصندوق في تقرير هو الأول منذ 2005 حول شفافية نشاطاته ونشراته أن «أزمة المال العالمية سببت مؤخراً صعوبات إضافية في تطبيق سياسة الشفافية». ويفترض أن تخضع الدول ال 186 الأعضاء في الصندوق مبدئياً لفحص سنوي مستقل من قبل الهيئة الدولية، حول أوضاعها وسياساتها الاقتصادية والنقدية. لكن بلداناً مثل الأرجنتين ترفض، وأخرى تقبل به مع معارضتها نشر التقرير المتعلق بها مثل البرازيل. وأضاف الصندوق أن «الأسواق أصبحت اكثر تقلباً والدول صارت أشد ضعفاً أمام الأخبار السيئة. لذلك تزايدت طلبات إدخال تغييرات على التقرير، وتدل مؤشراتٌ على أن هذا التوتر ازداد خلال الأزمة». وتابع الصندوق، أن هذه الدول تريد إلغاء أرقام أو تقديرات في التقرير وتشير إلى الطابع الحساس للأسواق ما يجعل إصدار «الأحكام صعباً». خطط الصندوق في أوروبا من جهةٍ أخرى، تهدد السياسات الداخلية والاستياء الشعبي في البلدان الأوروبية من أوكرانيا إلى أيسلندا خطط صندوق النقد الدولي الهادفة إلى إنقاذ الاقتصادات فيها، ما يثير قلق المستثمرين الذين يرون أن هذه السياسات ضرورية للإنعاش المالي. ووعدت حكومات في ذروة الأزمة العالمية، باعتماد سياسات تقشفية مؤلمة في مقابل حصولها على قروض من الصندوق، لكن ثبت أن إقناع الناخبين بهذه الإصلاحات الاقتصادية أمر صعب. ويترك هذا الواقع الدول في مواجهة أزمات مع الصندوق ما قد يصيب أسواقها بالذعر ويترك الحكومات من دون أموال تدفع بها المرتبات العامة وتسدد الديون السيادية. وقالت الباحثة في مركز البحوث «تشاثام هاوس» في لندن فانيسا روسي: «كانت هناك توقعات كثيرة غير واقعية العام الماضي، حول مدى السهولة التي يمكن من خلالها حل الأزمات. لكنها مثل أي مفاوضات في شأن الديون، ستكون صعبة ومرتبكة وتعاني إخفاقاً من حين إلى آخر، وتستمر سنوات عدة، ولا يمكننا تجاهل العملية الديمقراطية». واكتنفت شكوك الأسبوع الماضي حزمة المساعدات الاقتصادية إلى أيسلندا عندما رفض رئيسها مشروع قانون لتسديد أكثر من خمسة بلايين دولار إلى بريطانيا وهولندا خسرها مدخرون في ايسلندا بعد أن انهار قطاعها المصرفي عام 2008. وعارض مشروع القانون 70 في المئة من الأيسلنديين، الذين شكوا من أنه يحملهم تكلفة أخطاء المصارف. ولكن رفض مشروع القانون قد يضر بجهود انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي والدعم المالي من دول بحر الشمال ومن صندوق النقد الدولي. وخفضت وكالات التصنيف مستوى أيسلندا بعد الرفض. وستجرى معظم البلدان الأوروبية ذات الاقتصادات الأكثر انكشافاً للأخطار، لاسيما أوكرانيا ولاتفيا والمجر، انتخابات رئيسة خلال 2010، ما يعني أن الأولوية ستكون للأهداف السياسية القصيرة الأجل على الأرجح، على تلبية مطالب صندوق النقد الدولي. وجرى بالفعل تعليق اتفاق أوكرانيا مع صندوق النقد إلى ما بعد انتخابات رئاسية تجرى في 17 الجاري، والتي قد لا تنهي شهوراً من الشلل السياسي والخلافات الداخلية التي عرقلت الإصلاحات. واستطاعت حكومة لاتفيا تمرير موازنة مقلصة بشدة وخفضت معاشات من خلال البرلمان لترفضها المحكمة الدستورية وتعيدها إلى طاولة التفاوض مع المقرضين. وقد تسبب الانتخابات البرلمانية المقررة هذه السنة، توتراً أو قد تؤدي إلى انهيار الائتلاف الحاكم، ما يعرض للخطر كلاً من الاتفاق مع صندوق النقد الدولي وعملة لاتفيا، ويشكل فشلها تهديداً للأسواق في أرجاء أوروبا. وتأجلت العام الماضي أحدث خطة يقودها الصندوق لإنفاق 20 بليون يورو في رومانيا قبل الانتخابات، لكنه يأمل باستئناف المدفوعات بعد تمرير مشروع موازنة حكومة الوسط الائتلافية الجديدة في البرلمان ربما منتصف هذا الشهر. وأعلنت المجر أن الاتفاق مع صندوق النقد لا يزال في المسار لكنه قد يتعطل بسبب الانتخابات البرلمانية المقررة في نيسان أو أيار ( أبريل أو مايو). وإذا لم تتبع الدول سياسات صندوق النقد، سيتعين عليه أن يقرر ما إذا كان سينسحب ويخاطر بتركها تنهار وتتخلف، ما قد يسبب اضطراباً أوسع نطاقاً في الأسواق أم يقلل من تشدده في مطالبه.