لم يهضم لاعب ومدرب منتخب الجزائر سابقاً القائم بأعمال نادي سوشو الفرنسي حالياً عبدالغني جداوي، قرار هداف الدوري الجزائري عبدالملك زيايه التوقيع لنادي اتحاد جدة لموسمين، وإغلاقه الباب والسماعة في وجه سوشو، المدرسة التي تخرج فيها كثير من نجوم الكرة الجزائرية. واتهم جداوي رئيس نادي الوفاق بالتأثير في قرار زيايه، وهو ما نفاه سرار جملة وتفصيلاً، إذ إنه أكد في تصريحات له، وأنا أعرف سرار جيداً، أن زيايه اختار القرار بحرية كاملة، لأنه ربما يشعر بارتياح نفسي للعب في الاتحاد، على أن يلعب في فريق ليس بالضرورة أن أبواب النجاح الواسع مضمونة فيه وبه ومنه. والسؤال الذي أطرحه هو كيف اقتنع زيايه؟ وأعتقد جازماً بأن المسألة ليست في قيمة العقد المالي وحده، فهو يفوق ما عرضه النادي الفرنسي، ولكن السبب في تصوري هو تواصل نجم الوفاق مع الكرة العربية عموماً، والسعودية خصوصاً، من خلال دوري أبطال العرب، وهنا مربط الفرس كما يقولون. فشبكة راديو وتلفزيون العرب art توّجت مسارها في خدمة الإعلام الرياضي بهذه البطولة الرائعة بالشراكة مع الاتحاد العربي لكرة القدم، إذ إنه يكفي أن يذكر الرياضيون العرب الشيخ صالح كامل بأنه حلقة أساسية في الحركة الرياضية العربية، وتأسيسه دوري أبطال العرب يكفي لتخليده في التاريح، ولو بعد رحيل قنوات ART الرياضية إلى جزيرة الدوحة. فدوري أبطال العرب حقق ما عجزت عنه مؤسسات الجامعة العربية مجتمعة 60 عاماً، وصار الشباب العربي من شنقيط إلى جزر القمر يعرفون الأندية واللاعبين، ويكتشفون شوارع وملاعب وتقاليد العرب بعيداً عن السياسة ومتاعبها، وصار التقارب بين أبناء العرب يعلو على إفرازات الخلافات، التي تجعل الوحدة حلماً بعيد المنال، وهو ما جعل لاعباً موهوباً قادماً من عمق الجزائر لا يحتار بين بابين، ويختار الباب العربي، لينضم إلى فريق ليس صغيراً كما تصور جداوي، ولكنه ينتمي لبطولة قوية في بلد شارك في «المونديال» أربع مرات متتالية، وأفلت منه التأهل هذه المرة في ثانيتين، فالفضل في اختيار زيايه لاتحاد جدة له جانبه النفسي، ولكنه أيضاً جاء لجدية النادي وجدوى العرض وتجديد الأجواء، فهنيئاً للاتحاد بهذا العصفور النادر، الذي قد ينسي جماهيره الصفقة المثيرة للجدل قبل ثلاث سنوات مع نجم آيل للأفول في حجم لويس فيغو. فربما خيرها في غيرها، وهنيئاً أيضاً لمالك زيايه اللاعب الذي يمتلك مهارات ماجد عبدالله السعودي، وقوة محمود الخطيب المصري، وارتقاءات أحمد راضي العراقي، وقتالية كريمو المغربي، وهدوء عدنان الطالياني الإماراتي، وحس التهديف لدى جاسم يعقوب الكويتي وفطنة عادل السليمي التونسي. وأكثر من هذا كله أنه جاء من المدينة التي أنجبت أسطورة وسط ميدان منتخب الستينات والسبعينات الجزائري مصطفى سريدي، الذي كلّف بمراقبة ملك الكرة البرازيلي بيليه بوهران في العام 1965 وفي نهاية المباراة، كما روى لي سريدي ذات يوم تقدم منه بيليه، وقال له: "أنت رائع جداً وتستحق قميصي للذكرى"، واحتفظ بالقميص سنوات طويلة قبل أن يهديه بدوره لنجم الكرة الجزائرية السابق موسى صائب، عندما زار مدينة قالمة في أوج تألقه، ومن دون شك سيكون قميص زيايه في الاتحاد ذا قيمة عندما يقدم هدية لسريدي في حفلة أكون عراباً لها. [email protected]