توعد الجناح المتشدد المشكك في أوروبا في "الحزب المحافظ" الذي سعى ديفيد كاميرون إلى تهدئته مع الاعلان عن استفتاء حول عضوية المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي، بأن يكون عقبة في طريق رئيس الوزراء إلى حين اجراء التصويت. وكان من المفترض أن يجرى الاستفتاء أواخر العام 2017، لكن يمكن أن يتم في العام المقبل. كل شيء مرهون بمدى تقدم المفاوضات التي يعتزم كاميرون اجراءها سعياً لتهيئة الظروف المواتية لانتماء بلاده إلى تكتل الدول الأوروبية ال 28. وتبدو معاودة التفاوض صعبة لاسيما وإن بعض المطالب البريطانية تتناقض مع المبادئ الأساسية للاتحاد الأوروبي، لذلك تبدو المعركة التي سيخوضها رئيس الوزراء داخل فريقه لاحتواء أعضاء حزبه المشككين صعبة أيضاً. وكان كاميرون المؤيد لبقاء بلاده في الاتحاد مع المطالبة بادخال تعديلات على نظامه قبل الاستفتاء، ليس المسؤول الأول المحافظ الذي يتعرض لهجمات المشككين في البناء الأوروبي، ففي العام 1993 وصف جون ميجور ساخطاً ثلاثة من وزرائه كانوا يعارضون معاهدة "ماستريخت" ب " المعتوهين". وسيضطر كاميرون الذي اعيد انتخابه بغالبية 12، نائباً فقط في مجلس العموم، لمواجهة مجموعة النواب المتمردين المشككين في أوروبا. وحذر البروفسور في جامعة "سوراي" سايمون اشروود بأنه "بامكانهم أن يسببوا له صعوبات حقيقية وسيفعلون ذلك". ويطالب حوالى 50 من النواب المحافظين ال 330 بانسحاب بلادهم من الاتحاد الأوروبي اياً تكن التنازلات التي يمكن الحصول عليها. وكان لدى الغالبية ميولا مشككة، لكنها تنتظر نتيجة المفاوضات قبل أن تحسم قرارها للقيام بحملة من أجل البقاء أو الخروج من الاتحاد الأوروبي. وانضم ايضاً أكثر من 90 نائباً إلى مجموعة جديدة باسم "المحافظون من أجل بريطانيا"، انشئت لمناقشة الرد على حزمة الاصلاحات المحتملة التي ستخرج من إعادة التفاوض. وأكد المشارك في ترؤس المجموعة ديفيد كامبل بانرمان "لن نبدأ الحملة للخروج من الاتحاد، نريد دعم رئيس الوزراء في إعادة التفاوض". وحذر النائب الأوروبي في الوقت نفسه أنه "إن لم تكن إعادة التفاوض مرضية بنظر أعضاء المجموعة فإننا مستعدون لخوض حملة من أجل الخروج من الاتحاد". ويرغب أكثر المشككين تشدداً في أن يكون من حق البرلمان البريطاني الاعتراض على أي تشريع يأتي من بروكسل، لكن وزير الخارجية فيليب هاموند المشكك هو نفسه استبعد هذا الاحتمال. واظهرت أول مناقشة مخصصة لمشروع القانون حول الاستفتاء الثلثاء الماضي، حجم الانقسامات التي يثيرها الاتحاد الأوروبي لدى الطبقة السياسية البريطانية منذ دخول المملكة المتحدة في العام 1973 إلى هذا النادي الذي كان يسمى انذاك ب" المجموعة الإقتصادية الأوروبية". وقال أحد الوجوه البارزة للمشككين البريطانيين في أوروبا جون ردوود أن "الاستفتاء يوفر فرصة للناخبين لاستعادة حقوقهم الثابتة". وذكر بيل كاش وهو أيضاً من المشككين البارزين إن "ديموقراطيتنا وبرلماننا الوطني هما ما ناضل الناس وماتوا لاجله في الحربين العالميتين". وعلى رغم دعمهم لاجراء الاستفتاء فإن المشككين في إوروبا قلقون من الظروف المحيطة بالتصويت. واثارت تصريحات لرئيس الوزراء الاسبوع الماضي، فسرت على أنها دعوة للوزراء الرافضين إلى الانسحاب من الحكومة، عاصفة سياسية إعلامية. ما اضطر كاميرون إلى "توضيح" تصريحاته، مؤكداً إنه لم يتخذ قراراً في شأن الموضوع. وقال النائب المشكك اوين باترسون محذراً انه إذا شعر الناخبون بأن الاستفتاء "مزيف" فإن النتيجة "قد تعتبر غير شرعية".