كثر الكلام هذه الأيام عن القرار 1559 مع صدور تصريحات مرفوضة ومثيرة للاستغراب تطالب بإلغائه. فهل يمكن مواطناً لبنانياً حريصاً على سيادة بلده وعلى إحلال دولة القانون أن يطالب بمثل هذا الإلغاء، فيما يقول بعض المسؤولين لديبلوماسيين إن هذا القرار قد مات؟! وينبغي التذكير بظروف صدور القرار 1559 عندما شعر المجتمع الدولي أن انتهاك الدستور اللبناني وخرق دولة القانون قد حصلا عند إعادة التجديد للرئيس السابق إميل لحود، على رغم رفض المجتمع اللبناني لذلك، وحتى المجتمع الخارجي والدول الأقرب للشقيقة سورية، مثل إيران التي حث رئيسها في حينه محمد خاتمي، حليفه السوري على عدم التجديد للحود. ولكن بعد ذلك حصل ما حصل وتم التجديد للحود وفرض ذلك على البرلمان اللبناني على رغم كل ما حدث من رفض لهذا التجديد. فصدر القرار 1559 لوقف انتهاك دولة القانون وإقرار سيادة القرار اللبناني وإبعاد التأثيرات الخارجية التي كانت وباستمرار تتدخل في الشاردة والواردة من تعيين رئيس للجمهورية الى تعيين أي موظف صغير في الدولة. وصدور هذا القرار برعاية فرنسية – أميركية عن مجلس الأمن، هدفه حماية سيادة لبنان ودولة القانون والدعوة الى تحويل العلاقات بين لبنان وسورية الى علاقة بين دولتين شقيقتين تتبادلان السفارات. وهذه العلاقات الديبلوماسية تجسيد لسيادة لبنان، فلماذا يطالب البعض بإلغاء هذا القرار؟ فهو يحمي سيادة لبنان ويقر بإقامة دولة القانون على أن تتولى فيه الدولة السلطة الأمنية، وهذا طبيعي في دولة سيدة مستقلة تريد بناء مستقبل آمن لأبنائها. ولكن هناك في لبنان والخارج، بدءاً بإيران وبعض الفصائل الفلسطينية من ليس له مصلحة في الحرص على سيادة لبنان، والدليل على ذلك هو الحوادث الأمنية المتمثلة في تفجيرات الضاحية، واشتباكات عين الحلوة. ومن مصلحة لبنان عاجلاً أم آجلاً أن تنفذ بنود القرار 1559، أي إقامة دولة القانون، على أن تكون المرجعية الأمنية بين أيدي السلطات اللبنانية. والدليل على أن مصلحة لبنان في أن تكون الدولة قوية ومسطرة على أمنها، هو أنه على رغم تحسن الظروف السياسية ما زال ممنوعاً على طائرات شركة «طيران الشرق الأوسط» أن تقوم برحلات مباشرة الى الولاياتالمتحدة وأن تحط طائرات الشركة الوطنية في مطارات أميركية. واليوم أدرج لبنان ضمن لائحة 17 دولة وضعتها الولاياتالمتحدة، بهدف إخضاع مواطني هذه الدول الوافدين الى الأراضي الاميركية لتفتيش استثنائي تحسباً لعمليات إرهابية. ولا شك في أن عدم سيطرة الدولة على أمن البلد كلياً يضعف ثقة اللبنانيين والمجتمع الدولي ويحول دون أن يصبح لبنان دولة قانون. لذا فمن الضروري أن يبقى القرار 1559 لأنه يحمي هذه المبادئ مثل القرارات الأخرى المتعلقة بانسحاب إسرائيل من الأراضي التي تحتلها، وهي ضرورية للتذكير بأن إسرائيل تنتهك القانون الدولي. والقرار 1559، على رغم كل الحملات التي يتفضل البعض في لبنان بشنها عليه، هو قرار دولي لن يلغى لأن القرارات الدولية موجودة لكي تنفذ. ولا أحد اليوم في لبنان يشكك بضرورة مقاومة إسرائيل وانتهاكاتها اليومية، لكن كل اللبنانيين يتمنون أن يكون النفوذ الأمني بيد السلطة التي تشاركها فيها المقاومة اللبنانية. وقوة الدولة اللبنانية ينبغي أن تتجسد اليوم في كونها المرجع الوحيد لتولي الأمن في البلاد، بحيث لا تبقى بقع أمنية هنا وهناك خارجة عن هيمنة دولة القانون. فالقرار 1559 ضمانة لمبادئ تصون دولة القانون السيدة!