انتظر الطفل حيدر المقيلي ذو الخمسة أعوام هدية والده، التي وعده بها في حال واظب على حضور صلاة الجماعة، وبالتحديد الجمعة، وكان من المفترض أن يتسلمها اليوم، لكن هذا الطفل ذا الخمسة أعوام رحل قبل أن يتسلمها، بعد أن راح ضحية التفجير الإرهابي الذي طاول المصلين في مسجد الإمام علي بن أبي طالب في بلدة القديح، ليسجل اسمه ك «أصغر شهداء» هذه الحادثة الأليمة. ولا تخفي نظرته التي سجلتها صورة له وهو على مقاعد الدراسة في إحدى رياض الأطفال، الحزن والألم وملامحه الطفولية، ويداه الصغيرتان تخطان سؤالاً كبيراً جداً: بأي ذنب يسفك دمي في المسجد؟ وهو ينوي ختم مواظبته له بهدية وعد بها وكان يمني النفس أن يتسلمها اليوم، فكانت الشهادة أسرع من حلم طفل صغير، وأكبر من أمله في دراجة أو كرة قدم. وبين قرية الدالوة شرق محافظة الأحساء، والقديح التي هي أقرب إلى الشمال الغربي لمحافظة القطيف مسافة لا تقل عن ثمانية أشهر، جمعت جريمتين، يتجلى فيهما النفس الذي يهدف إلى تمزيق الوحدة الوطنية، من خلال تأجيج الفتنة، راح ضحيته الكثير من الأبرياء باختلاف أعمارهم، ولم يسلم حتى الأطفال من يد الإرهاب الذي تفنن في اختراق حتى قدسية المساجد وأراق الدماء في بيت من بيوت الله. أعادت أحداث القديح في يوم الجمعة الأسود الصورة كاملة لما مرت به بلدة الدالوة في الأحساء، والتي لم تخمد حرارة الفقد لدى ساكنيها، إلا أن الأخيرة أثبتت قوة كبيرة في التحمل والحكمة، وكانت المشاركة الشعبية من جميع مدن ومناطق المملكة وحتى من دول خليجية وعربية عبر وفود شاركت في العزاء والمواساة، كانت صورة حضارية وطنية أضاعت على صناع الفتنة هذه الفرصة. فيما سارعت شخصيات دينية وثقافية واجتماعية لإصدار بيانات حول هذا الحدث. وقال السيد حسن النمر الموسوي، عبر بيان أصدره حول جريمة القديح: «ها هو الإرهاب التكفيري يصيب أهلنا في مقتل ويودي في عمل إجرامي آثم بحياة جماعة من المؤمنين الأبرياء، ركّع سجّد بين يدي ربهم». وأوضح الموسوي في بيانه: «أننا نرفع أصواتنا بالإدانة والاستنكار الشديدين لهذا التفجير الإرهابي، ونطالب الجهات المختصة بالكشف عن الأيادي الخفية التي خططت له، أو حرضت عليه، ونطالب أيضاً بالملاحقة القانونية لكل من يعلن تأييده له». وازدحمت وسائل التواصل الاجتماعي برسائل التهدئة والمحافظة على رباطة الجأش والتحلي بالصبر وانتظار التحقيقات وعدل القضاء. وأعادت حادثة بلدة القديح تفاصيل حادثة الدالوة، وأصبح الربط بينهما واضحاً، لأعداد الضحايا وبشاعة التخطيط والتنفيذ، والأهداف.