يُبشّر الدوري الأميركي لكرة القدم (مايجور ليغ سوكر) بأيام وردية، وفق تصريحات مفوض البطولة دون غاربر، مؤكداً أنها ستصبح بمستوى الدوريات الأوروبية الكبرى عام 2022، أي بعد نحو 25 عاماً من انطلاقتها بصيغتها الجديدة، التي اعتمدت عام 1996 بعد مونديال الولاياتالمتحدة عام 1994. ويبدو أن أصحاب رخص الأندية القائمون على هذه البطولة يُكثّفون نشاطهم لهذه الغاية، وبعضهم عوّض اعتزال نجوم مخضرمين من رموز الملاعب الأوروبية أمثال الفرنسي تييري هنري والبريطاني ديفيد بيكهام، بضم البرازيلي كاكا والإسباني دافيد فيا، والإيطالي الدولي سيباستيان جيوفنكو. وشهد الموسم الحالي دخول فريقين جديدين هما نيويورك سيتي أف سي وأورلارندو، الذي ضم كاكا في مقابل 7,2 مليون دولار سنوياً (أعلى راتب في البطولة). بينما تعاقد نيويورك مع فيا، وتبلغ موازنته 100 مليون دولار. ومؤشرات ما يطمح إليه غاربر تترجم بمعدل الحضور الجماهيري في مباريات الموسم الماضي، الذي بلغ 23633 متفرجاً، ما يعني أنه أصبح لكرة القدم في الولاياتالمتحدة جمهور حقيقي متابع. واستقطبت مباراة المنتخب مع نظيره البرتغالي (2-2) خلال مونديال البرازيل العام الماضي، 24,7 مليون مشاهد في الولايات الأميركية، أي ما يقارب معدل متابعة نهائيات دوري كرة السلة للمحترفين. كما تابع مليونا مشاهد نهائي بطولة الموسم الماضي. والتطور المضطرد شعبياً وفنياً رفع حقوق النقل التلفزيوني إلى 720 مليون دولار للأعوام الثمانية المقبلة، ودفعتها شبكات «أو إس بي إن» و«فوكس» و«اونيفيجن»، ما يسمح بالتالي للبطولة بتوسيع آفاقها وتعزيز تطورها لاسيّما من خلال استقطاب رعاة. ويعتبر اختصاصيو التسويق أن المبالغ المرتفعة في السوق الأميركية برهان على أن المنتج رائج ومطلوب، وفق معادلة «إعلانات أكثر.. أموال أكثر»، والنتيجة جذب للاعبين جيدين. وتستثمر أندية الدوري الأميركي 30 مليون دولار سنوياً في أكاديمياتها التي تُعد الناشئين. كما رصدت «أديداس» 200 مليون دولار بدل ألبسة وتجهيزات لفرق الدوري، وجددت عقدها حتى 2018. ولعل تجربة الإيطالي الدولي جيوفنكو (28 عاماً)، الذي انتقل من يوفنتوس إلى تورنتو في مقابل 6,2 مليون دولار سنوياً، دليل على أهمية هذه السوق الواعدة في ضوء اقتصاد مزدهر، وفق أسلوب حجز موقع باكراً. وتنص بنود الحصول على رخصة لخوض دوري المحترفين أن يوفر النادي المعني ملعباً خاصاً، ما يشجع أيضاً مؤسسات على الانخراط في التمويل والرعاية. فإلى العقد التلفزيوني الضخم دخلت على الخط شركات مثل «آودي»، «جونسون آند جونسون» و«هاينكن» التي دفعت خمسة ملايين دولار. وعموما تضاعفت عقود الرعاية منذ عام 2010. ويجد اختصاصيون في دوري كرة القدم الأميركية «بطولة صاعدة» في ضوء اهتمام جمهور فتي (مواليد 1980 وما فوق)، في مجتمع يُعد مُستهلكاً كبيراً. فمثلاً تتراوح أعمار معظم أنصار فريق إيمباكت مونتريال، المنضم إلى الدوري الأميركي منذ عام 2012 بين 18 و35 عاماً، وهم من دون شك يؤثرون في عائلاتهم ومحيطهم. ويعتمد قسم التسويق في النادي سياسة «من الباب إلى باب» الشائعة في عمليات البيع المباشرة، فيوزع تذاكر المباريات ويروّج في المدارس والأحياء. واللافت أنه بات في اتحاد كيبيك لكرة القدم 200 ألف لاعب مسجل رسمياً، في مقابل 95 ألف لاعب هوكي على الجليد (اللعبة الشعبية الأولى في كندا عموماً). ويضم الدوري الأميركي 20 نادياً موزعة بين المنطقتين الشرقية والغربية (على طريقة دوري كرة السلة)، والهدف أن يبلغ العدد 24 نادياً عام 2014. وفي حال حصلت الولاياتالمتحدة على شرف تنظيم المونديال عام 2026، سيرتفع ثمن كل رخصة ليبلغ أرقاماً خيالية. وكان كل من لوس آنجليس اف سي وأتلانتا أعلنا انضمامهما عام 2017، ومينيسوتا عام 2018. كما ينتظر أن يفي النجم بيكهام بوعده ويطلق فريق ميامي، بعدما استحصل على رخصة إنشائه عندما كان لا يزال لاعباً في فريق لوس آنجليس غالاكس في مقابل 25 مليون دولار. واستفاد من تسهيلات في الدفع لإتمام شرائه، لكن لم يحسم أمره بعد ولم يعلن عن موقع إنشاء ملعبه «سوكر سبسيفيك»، خصوصاً أنه حصل على مراعاة خاصة، إذ سمح له موقتاً بأن يستخدم ملعب جامعة ميامي. وأوضحت صحيفة «ميامي هيرالد» أن بيكهام يبحث عن مستثمرين، ووافق مهتمون على المشاركة في المشروع، لكنهم لم يقرروا إذا كانوا سيضخون مبالغ كبيرة لجذب نجوم أمثال الأرجنتيني ليونيل ميسي والبرتغالي كريستيانو رونالدو، المتوقع انتقاله إلى الدوري الأميركي بعد انتهاء عقده مع ريال مدريد عام 2018. إذ سيكون في سن ال33، علماً بأن نيويورك سيتي مهتم بضمه أيضاً.