أوضح الناقد السوداني محيي الدين الفاتح أن قيمة كتاب «أثر المتنبي بين اليمامة والدهناء» للأديب الراحل عبدالعزيز التويجري تتمثل في الفكر المتسع، والرؤية العميقة التي يمتاز بها التويجري إضافة إلى معرفته الواثقة، ولغته الثرية، وامتلاكه لنواصي الحكمة، والقدرة على إدارة حوار ذكي يحتفل بعبقرية المكان ممثلة في نجد بين اليمامة والدهناء، ويتجاوز الزمان إلى عصر المتنبي. وقال في ندوة العلامة عبدالله الطيب في جامعة الخرطوم، التي كان موضوعها حول كتاب التويجري، ونظمت مساء الاثنين الماضي، بالتعاون مع «أصدقاء الأدب السعودي بالسودان» والملحقية الثقافية في الخرطوم وشاركه فيها أستاذ الأدب في جامعة الخرطوم الدكتور الصديق عمر الصديق، إن «معارف وملكات وقدرات التويجري البارزة في كل رسائله ال50، هي وحدها التي تفسر استدعاءه للمتنبي دون غيره، وهو يستأنس بكفاءته التي تؤهله لمثل هذا الحوار مع المتنبي»، مشيراً إلى أن التويجري «استند إلى البادية باعتبارها المسرح العريض الذي شهد مكارم الأخلاق، وخرجت منه أنوار الرسالة المحمدية التي عمت العالم، لكنه استناداً لا يقف جامداً على الأطلال، بل يستنطقه في أسرار وأغوار النفس البشرية ويوازن بينه وبين الحاضر، ويستشرف ما يجب أن يكون عليه المستقبل». وزاد الفاتح: «ان أسلوب الرسائل النقدية المباشرة تحتاج دون غيرها من ألوان الإبداع إلى ملكة خاصة تجمع بين التركيز والاستطراد والربط والاستقراء والتصوير والإحاطة والإحالة إلى المشاهد المختلفة، والانتقال عبر الزمان والمكان، وهو ما برع فيه الشيخ عبدالعزيز التويجري دون غيره من كبار الكتاب». من جهته، ذكر مدير معهد العلامة عبدالله الطيب للغة العربية الدكتور الصديق عمر الصديق أن الكاتب «كان متفرداً وقد أوتي جوامع المعرفة وحسن البيان وفصل الخطاب، فعلى رغم تواضعه الجم والتزامه بمتطلبات التلمذة أمام المتنبي، فقد استطاع أن يبسط رؤيته الخاصة ويبرز رأيه في ما اتفق فيه مع أستاذه، وما اختلف حوله معه»، مستعرضاً مجموعة من رسائل التويجري إلى المتنبي، متوقفاً باستفاضة عند فصول المرأة مقدوحةً وممدوحة لديه، والمسألة الكافورية، وحرص التويجري الإيماني على إزالة اللبس والغموض الذي تحدث عنه الباحثون في عقيدة المتنبي، موضحاً أن المتنبي غير مظنونٍ فيه من خلال موقفه من الدنيا والآخرة». وفي السياق ذاته، ذكر الملحق الثقافي في السودان ناصر نافع البراق أن تخصيص ندوة لقراءة نتاج ثقافي لأديب سعودي يعتبر «شكلاً من أشكال التواصل الثقافي الهادف، وقناة يجب أن تستمر مفتوحة بين الشعوب العربية قاطبة»، مشيراً إلى أن «من نتائجها المحمودة المرتقبة إشاعة ثقافة الحوار، وكسر حواجز الجهل بموروثات الأشقاء الثقافية»، مضيفاً أن الراحل التويجري الذي فرغنا من قراءة كتابه الآن هو أحد الأسماء الثقافية البارزة في خريطة الوطن الثقافية، والتي لا تكاد تخلو مكتبة سعودية من نتاجه الأدبي. وإضافة إلى عمقه الثقافي والمعرفي، كان رجلاً ذا رؤية ثقافية بعيدة الأفق».