دخل الصراع بين الحكومة التركية والاوساط الانقلابية في الجيش التركي مرحلة جديدة يتوقع ان تكون حاسمة هذه المرة، بعد دخول رجال الامن والمحققين الى «غرفة نوم» الجيش حيث ارشيف القوات الخاصة وغرفة العلميات الخاصة بحال الطوارئ او ما يسمى في تركيا ب «سفربرلك»، وهما اكثر اقسام الجيش التركي سرية وحماية ولم يسبق لأي مسؤول مدني أن دخلهما سابقا. فقد اجرى المحقق العام للجمهورية عملية دهم وتفتيش للمرة الثالثة خلال يومين في تلك الاقسام بحثاً عن أدلة تفيد بتورط ضباط في الجيش في مخطط لاغتيال نائب رئيس الوزراء بولنت ارينش وعدد من السياسيين الاتراك. وجاءت العملية على خلفية اتفاق بين رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان ورئيس الاركان الجنرال ألكر باشبوغ بعد اجتماع خاص بينهما استمر اكثر من ثلاث ساعات السبت الماضي. وبدأت العملية بعد توقيف ضابطين في الجيش وهما يرصدان منزل ارينش الاسبوع الماضي، وبعد عملية تفتيش لمنزليهما ومكتبيهما في الجيش أدت الى توقيف ثمانية ضباط آخرين على ذمة التحقيق. لكن المحقق في القضية طلب التعمق اكثر لكشف ملابسات العملية، وبناء على نقاش بين اردوغان وباشبوغ تم الاتفاق على ضرورة نقل التحقيقات الى مرحلة لم يسمح من قبل بالوصول اليها، من خلال تمكين المحقق من البحث داخل قسم العمليات الخاصة وأرشيفه، وفي قسم «سفربرلك» المعني بوضع خطط لادارة تركيا في حال تعرضت للاحتلال او الحرب، وذلك بعد الاشتباه في ان يكون احد هذين القسمين مسؤولا او مشاركا في الخطط الانقلابية السابقة أو يرسم خططاً جديدة. وبحث مجلس الامن القومي التركي في اجتماعه الدوري الاخير لهذا العام قضية الانقلابيين في الجيش، وكرر تصريحات رئيس الاركان التي شدد فيها في نيسان (ابريل) الماضي على انه لن يسمح لأي انقلابي بالعمل او بالتستر تحت جناح الجيش. وقال مسؤول تركي مطلع ل «الحياة» ان الانطباع السائد لدى الحكومة كان ان قضية «ارغاناكون» كفيلة بوئد اي توجه او نزعة انقلابية لدى بعض الاوساط في الجيش، خصوصاً مع تقديم رئيس الاركان الحالي دعمه لعملية ابعاد الانقلابيين عن صفوفه، لكن ظهر من خلال التطورات الاخيرة ان الأمر قد يحتاج حملة جديدة في العمق تكون حاسمة هذه المرة عبر استهداف القلب السري للجيش وقدس الاقداس فيه والعقل المسؤول عن جميع الخطط التي يتم تنفيذها في حالات الطوارئ او الظروف الخاصة. وأكد المسؤول ان الحكومة ورئاسة الأركان متفقان على ضرورة المضي قدماً في تصفية اي مجموعة ذات نزعات انقلابية او تخريبية في الجيش من خلال القضاء. في المقابل رأى الصحافي الشهير شامل طيار الذي تتبع قضية «ارغاناكون» منذ بدايتها وتوقع العديد من التطورات المتعلقة بها، ان هناك من يسعى حاليا لرفع دعوى قضائية جديدة لحظر «حزب العدالة والتنمية» الحاكم. وقال ان الحكومة كانت تمهلت في اتخاذ اجراءات جريئة ضد بعض الاوساط والقيادات في الجيش من أجل منع هذا الاحتمال، واشار الى ان رفع مثل هذه القضية أمر محتمل لكنه ان حصل سيزيد حدة التوتر بين الحكومة وبعض القيادات العسكرية.