الديباج «للمعلومية القصوى» هوالحرير، وأخته من الرضاعة الديباجة، وهي المقدمة تقال توطئة للكلام أو الكتابة، وربما كان اشتقاقها من الديباج، لأنه ناعم وأملس ويمكن «زحلقة» الموضوع، وفي حالات أخرى «تمريره» على رغم أن التمريرات مقطوعة هذه الأيام لسوء تركيز اللاعبين. والديباجة عادة، أقصر مما يلحقها، لكن في بعض الخطب العربية يكون الموضوع كله ديباجة. ويحسن البعض استخدامها كثيراً، مثل مصنعي الحديد والأسمنت الذين يرومون قرارات في مصلحتهم، بعد أن ظفروا بقرارات سابقة كانت في مصلحتهم في فترة إنتاجية وتجارية سابقة. ويعتقد البعض خطأً، أن الديباجة الطويلة تروق للمسؤولين، وهم لا يعرفون أن المسؤول ينتظر «الزبدة» لأن وقته ثمين، ولأنه ينتظر أن يكون الإحساس بالوقت موجوداً لدى من استرعاه الأمانة. المراهقون يعطون دروساً معقولة في اختصار الديباجات، يقول لك ابنك: «الرياضيات صعبة والمدرّس ما يشرح زين» معناها مدرّس خصوصي، وفي حالات أخرى مدرسة خاصة من «أمهات المدرسين الكويسين»، الابنة بدورها تقول: «الجو ما ينطاق» يعني هناك مخطط تقوده والدتها إلى السفر في الإجازة المقبلة. هذا من طرف «النعومة»، أما من طرف أخشن، فيمكن أن تكون كلمة «الدبج» الشعبية مشتقة من الديباج، والدبج في بعض المحكيات السعودية تعني الضرب، ويقول الناس عن المعركة الصغيرة الحامية «دبج ودبيج» بمعنى يمكن فهمه في ما يحدث في سوق الأسهم السعودية على رغم ديباجات كُثر من رؤساء الشركات والقنوات الفضائية. ولو كان يمكن أخْذ إذن من الدكتور سعد الصويان واشتقاق العامي كما الفصيح لقلت، دبج يدبج فهو دابج، ويمكن استخدام صيغة الفاعل هذه في نواحٍ كثيرة من حياتنا شريطة أن نضمن أن تكون ردود الفعل أقل حدة من غضبة الظافرين بتوقيع المؤلف، على مراقبي التواقيع الذين رسموا عن معرض الكتاب صورة لدى العامة، فأصبحوا يجيبون من يسألهم عن الثقافة بالقول: «دبج ودبيج».