بينما كنت أتجول في أحد أروقة حرم جامعة السوربون الباريسية، التقيت باحثاً صينياً جاء الى فرنسا لاستكمال بحثه العلمي، وتبادلنا أطراف الحديث. فمازحته قائلاً، أنتم الصينيون ستحكمون العالم خلال السنوات العشر المقبلة، فأجابني: «نعم، هناك فرصة كبيرة لذلك، ولكن الفضل الأكبر يعود الى العرب والمسلمين، فشكراً لكم». فسألته وقد اعترتني الدهشة: كيف ذلك ونحن نعاني مشاكل جمة على كل الصعد الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، فكيف لنا أن نلعب دوراً جباراً كهذا؟». نظر إلي مبتسماً وأجاب: «منذ انهيار الاتحاد السوفياتي اتخذت الولاياتالمتحدة والدول الأوروبية التي تعد أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم الحديث من الإسلام عدواً لها، وقامت بتكريس كل إمكاناتهما لمحاربة هذا العدو المزعوم، ما أتى بنتائج سلبية سياسياً واقتصادياً واجتماعياً على هذه الدول، فالولاياتالمتحدة على سبيل المثال، غرقت في مستنقع حرب كلفتها خسائر بشرية ومادية جمة في العراق وأفغانستان، بينما في أوروبا خلق هذا الشعور المتنامي بالعداء للإسلام شرخاً كبيراً في مجتمعاتها حيث توجد الجاليات العربية والإسلامية فيها بكثرة، الأمر الذي أدى الى عزل أبناء هذه الجاليات في وطن ولدوا فيه وترعرعوا.وأثناء انشغال عملاقي العالم الاقتصاديين بهذا العدو الافتراضي تمكنا خلال هذه الفترة من بناء صيننا العظيمة ولم يستفق الآخرون إلا بعد أن أصبحنا قوة عالمية. نظرت إليه مبهراً وأجبته: «نعم، نحن لعبنا دوراً مهماً في بناء الصين العظيمة». في هذا الحديث، ما يؤكد مدى تأثير التحريض الإعلامي الذي لا يتوقف على مدار الساعة عن تشويه صورة العرب والمسلمين وأن التصويت الأخير الذي قامت به سويسرا من حظر بناء المآذن على رغم أنها ليست عضواً في الاتحاد الأوروبي نتيجة حتمية لهذا التحريض. نحن كطلاب عرب في أوروبا أصبحنا نعاني عنصرية لا يوجد لها مثيل في العالم في كل نواحي الحياة، في الجامعات ومراكز الشرطة وفي البحث عن سكن وفي الاندماج في المجتمع، حتى وصلنا الى مرحلة التوسل من أجل الحصول على حقوقنا البسيطة كطلاب، ومع اشتداد هذه العنصرية أصبحنا نعاني من أزمة وجود وهو الرفض من العودة الى بلداننا الأصلية التي لا يوجد فيها أدنى حق للعيش أو البقاء في بلدان ينتظرنا فيها النبذ والعنصرية أو حتى الموت كما حصل (في ألمانيا) مع الطالبة المصرية مروى، إذاً ما هو الحل؟