كشفت وسائل الإعلام العبرية أمس أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو استغل ترقُّب الساحة السياسية الداخلية والرأي العام نتائج المداولات المتواصلة التي أجراها خلال يومين متتاليين «المنتدى السباعي» الوزاري في ملف تبادل الأسرى، ليلتقي سراً نواباً من حزب «كديما» المعارض ويحضهم على الانسلاخ من الحزب بهدف إضعافه وتشكيل كتلة برلمانية جديدة تدعم الائتلاف الحكومي الحالي وتنخرط في حزب «ليكود» بزعامته. وكان «ليكود» بادر قبل أشهر إلى سن قانون جديد يتيح لسبعة نواب من أي حزب في الكنيست الانسلاخ عنه وتشكيل كتلة برلمانية جديدة. وعرف القانون ب «قانون موفاز» حين ترددت شائعات أن الغرض منه هو تمكين الرجل الثاني في «كديما» شاؤول موفاز المتمرد على زعامة تسيبي ليفني للحزب من الانشقاق وستة نواب آخرين وتشكيل كتلة جديدة تدعم الائتلاف الحكومي الحالي، لكن موفاز أوضح في أكثر من مناسبة أنه لا يعتزم العودة إلى «ليكود»، وأنه سينافس من جديد على زعامة «كديما». وحيال هذا الموقف، لجأ نتانياهو إلى نواب من الصف الثاني من «كديما» والتقى في اليومين الماضيين ثلاثة منهم، وأغراهم بمناصب حكومية وبرلمانية في حال نجحوا وأربعة آخرين في مغادرة «كديما». وفسر مراقبون جهود نتانياهو هذه التي ساعده فيها زعيما «العمل» و «إسرائيل بيتنا» إيهود باراك وأفيغدور ليبرمان، على أنها محاولة لتقويض «كديما» الذي تأسس أواخر عام 2005 عندما انسلخ عن «ليكود» زعيمه رئيس الحكومة السابق آريئل شارون وشخصيات رفيعة أخرى من الحزب، بينها ليفني وموفاز، وأسسوا، بمشاركة نواب من «العمل» حزبهم الجديد «كديما» الذي فاز في انتخابات عام 2006، فيما تدهور تمثيل «ليكود» البرلماني بزعامة نتانياهو إلى 12 نائباً فقط. وفي الانتخابات الأخيرة، قبل أقل من عام تسبب «كديما» في انهيار مماثل لحزب «العمل» بزعامة باراك الذي انحسر تمثيله البرلماني في 13 نائباً، فيما استعاد «ليكود» عافيته وظفر بالحكم من جديد. ويرى نتانياهو أن مهمة القضاء على «كديما» والثأر من أركانه ليست صعبة، إذ إن الحزب حديث العهد ولم يضرب جذوراً بعد في أوساط الإسرائيليين كما أنه يعاني سوء التنظيم وتسوده خلافات داخلية كثيرة من السهل تغذيتها. ونقل عن نتانياهو، أنه أقسم عشية الانتخابات الأخيرة بأنه سيعمل ما في وسعه للثأر من «كديما»، «ليدفع ثمن فعلته» عندما حطّم «ليكود» في انتخابات عام 2006. ويرى معلقون أن نتانياهو يرى أن الوقت الحالي، إذ ينعم ائتلافه الحكومي بالاستقرار، هو الأنسب للإيفاء بقسمه، وأن في إمكانه تحطيم الحزب الجديد إلى شظايا يعسر ترميمها وبالتالي يضمن دعماً لائتلافه من نواب من «كديما» ينسلخون عن الحزب، مع العلم أن عدداً من نواب «كديما» يثيرون انطباعاً بأنهم غير مرتاحين على مقاعد المعارضة وتنقصهم نِعَم الحكم التي تمتعوا بها وتعودوا عليها في السنوات الماضية. وعلى رغم أن محاولات نتانياهو لم تحقق نجاحاً في هذه المرحلة، حملت أوساط قيادية في «كديما» عليه في شدة، وتساءلت عن «أخلاقيات العمل السياسي» وكيف وجد الوقت للاجتماع بنواب من «كديما» لحملهم على الانشقاق عن الحزب في وقت بث للجمهور الإسرائيلي أنه منشغل 24 ساعة يومياً في ملف الجندي الأسير في قطاع غزة غلعاد شاليت. وذكّرت هذه الأوساط بأن «كديما» سحب مشروعه لنزع الثقة عن الحكومة الاثنين الماضي كي لا يثقل على وزراء «المنتدى السباعي» ورئيس الحكومة وليتيح لهم التركيز في قضية تبادل الأسرى. وزاد استهجان هذه الأوساط لسلوك نتانياهو بعد أن ألغى الأخير أول من أمس اجتماعه الدوري مع ليفني كزعيمة للمعارضة لإطلاعها على آخر المستجدات بداعي انشغاله وإرهاقه، ليتبين لاحقاً أنه في الموعد الذي كان مقرراً للقاء كان نتانياهو يمارس الرياضة في معهد اللياقة البدنية في الكنيست ثم انصرف إلى مكتبه ليلتقي ممثلين عن عائلات «متضرري الإرهاب» الذين حضروا لمطالبته بعدم إطلاق سراح أسرى فلسطينيين قتلة. وحمل معلقون بارزون على نتانياهو الذي سرّبت أوساطه في الأيام الثلاثة الماضية إلى وسائل الإعلام قصصاً عن «عذابه وآلامه وتخبطاته» في حسم ملف الجندي شاليت وأنه «يشعر بالإرهاق، وجسمه منهك وحنجرته تؤلمه ما اضطره إلى الانصراف إلى بيته للراحة»، فيما يتبين أنه التقى خلال هذه الأيام نواباً من «كديما» لحضهم على الانشقاق عن الحزب. وكتب كبير المعلقين في «يديعوت أحرونوت» ناحوم برنياع أمس أن الاجتماعات التي عقدها نتانياهو وباراك مع نواب من الصفوف الخلفية في «كديما» في أوج ترقب دولة بكاملها مناقشات «المنتدى السباعي» في قضية شاليت «تكشف زيف الادعاءات بأن نتانياهو يتلوى ألماً». وأضاف أن «نتانياهو ليس متألماً ولا بطيخ... تعنيه وباراك السلطة لا أقل مما يعنيهما الجندي شاليت». ورأى أن «تبلد الحس يثير الغضب... لكن الرياء يثير الحنق أكثر. السياسيون يتعانقون عناقا كاذباً، يذرفون دموع التماسيح ويتظاهرون بأن الأمر (شاليت) يعنيهم. الضحك على اللحى هو جزء لا يتجزأ من عملهم، لكن عندما يفعلون ذلك في قضية حساسة ومشحونة مثل قضية شاليت التي أضحت صدمة قومية يجب أن نقول لهم كفى. قوموا بصفقاتكم المشبوهة في مكان آخر وفي وقت آخر». وأنهى بارنياع مقاله: «لا يعني نتانياهو وباراك شيء باستثناء البقاء في الحكم. توسيع قاعدة الائتلاف قد يلغي فيتو متوقعاً من متمردي اليمين أو حزب العمل. وفي وضع كهذا، يستطيع نتانياهو وباراك الانصراف إلى بيتهما ليناما مرتاحين».