إسلام آباد - أ ف ب، رويترز - فجر انتحاري نفسه امام مقر نادي الصحافة في بيشاور، كبرى مدن الإقليم الحدودي الشمالي الغربي القبلي في باكستان أمس، ما اسفر عن سقوط ثلاثة قتلى على الأقل و17 جريحاً. واعتبر هذا الهجوم الأول الذي يستهدف مقراً لمنظمة صحافية في باكستان، علماً ان المفجرين استهدفوا اخيراً قوات الأمن. وأوضح كريم خان الضابط الكبير في الشرطة ان الانتحاري اراد دخول المبنى، لكن شرطياً منعه ففجر نفسه»، مشيراً الى ان احد القتلى الثلاثة شرطي وأن اربعة صحافيين في عداد الجرحى الذين اصيبوا بقطع فولاذ ومسامير احتوتها العبوة الناسفة التي فجرها الانتحاري. وكشف ان الانفجار حطم معظم نوافذ المبنى الذي يقع فيه النادي، ودمر نقطة تفتيش وسيارات قريبة. وقال رئيس نادي الصحافة شميم شهيد، ان متمردي حركة «طالبان» المتواجدين قرب بيشاور هددوا مؤسسات اعلامية محلية مرات، «لذا عززنا الأمن ومراقبة الزوار»، لكن رجال الشرطة يحتاجون إلى أجهزة متقدمة للغاية لكشف القنابل والأسلحة. وهم يملكون عدداً محدوداً فقط لتحسين أمن مدينة يسكنها 1.5 مليون نسمة. وأوقعت اعتداءات تشنها «طالبان» اكثر من 2700 قتيل في باكستان خلال سنتين ونصف السنة. وتصاعدت وتيرتها منذ ان شن الجيش الباكستاني منتصف تشرين الأول (اكتوبر) الماضي عملية عسكرية واسعة في اقليمجنوب وزيرستان القبلي (شمال غرب) المحاذي للحدود مع افغانستان والذي يعتبر المعقل الأساسي ل «طالبان». وتعتبر بيشاور مدخلاً لممر خيبر الحدودي مع افغانستان ومعبراً لطريق تجاري قديم يربط بين سهول جنوب آسيا وجبال أفغانستان. وهي مسرح رئيسي لمعارك تشنها باكستان وحليفها الولاياتالمتحدة التي تريد ضمان عدم انشغال اسلام آباد بمعاركها الداخلية بدلاً من شن حرب واسعة ضد المتشددين. وكان الهجوم الانتحاري الأخير في بيشاور الخميس الماضي، حين سقط 15 قتيلاً بانفجار عند مدخل مسجد مكتظ لدى اداء صلاة الجمعة في منطقة تايميرغارا. وتعتبر اليوم أكثر المدن تضرراً في الحملة التي يشنها المتشددون ضد الحكومة. وربما يعني العجز عن احتواء العنف في بيشاور المزيد من العمليات الانتحارية في انحاء باكستان، لأنه سيسهل على المتشددين الوصول إلى المدن الكبرى والمناطق الاستراتيجية ما سينشر الفوضى والخوف في البلاد. وتدرك السلطات هذا الأمر جيداً، لذا فرضت حصاراً امنياً على بيشاور. ويفتش أفراد من الجيش والشرطة السيارات بحثاً عن أسلحة وقنابل. ويؤازرهم جنود يحملون بنادق آلية يترقبون ظهور أي انتحاري. ووضعت اكياس رمال أمام مصالح حيوية. وجرى تلقين التلاميذ تدريبات معينة يتعين اتباعها في حال وقوع تفجير. لكن خبراء يرون ان تشديد اجراءات الأمن ربما يحقق نجاحاً على المدى القصير فقط في بيشاور المدينة الفقيرة التي تبعد 170 كيلومتراً شمال غربي العاصمة اسلام آباد، والتي أوت يوماً زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن. وعادة ما يستغل المتشددون الفقر والبطالة ويحرضون شباناً يسهل التأثير فيهم لتنفيذ عمليات. وتمثل قدرة الدولة على اكتساب ثقة هؤلاء الشبان نصف المعركة. ويدفع مقاتلو «طالبان» مبالغ «لا بأس بها» لضم شبان إلى صفوفها وحمل السلاح، علماً ان بيشاور اعتبرت مدينة آمنة في مرحلة اولى حتى حصول التفجيرات التي أسفرت عن سقوط مزيد ومزيد من القتلى، حتى وصل العدد الى مئات منذ منتصف تشرين الأول. وخلال الثمانينات من القرن العشرين، أصبحت بيشاور مرتعاً للجواسيس والمتشددين حين مولت الولاياتالمتحدة حرب عصابات لإخراج القوات السوفياتية من أفغانستان. كما دعمت باكستان هذه الجهود.