قضى الشاب السوري عبدالله عواد العايد (17 سنة) عندما أطلق مجهولون النار على حافلة تقل 25 راكباً سورياً على الطريق الدولية في بلدة دير عمار بين طرابلس وعكار الثانية والنصف فجر أمس، وأصيب آخرون بجروح طفيفة ناجمة عن تطاير زجاج النوافذ. وكانت الحافلة تقل عمالاً سوريين من دير الزور في سورية إلى بيروت، ولدى وصولها إلى محلة شبه خالية في بلدة دير عمار على مسافة من حاجز مشترك للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، أطلقت عليها من رشاش كلاشنيكوف، 7 طلقات أصابت ثلاث منها الحافلة واخترقت احداها النافذة لتصيب الشاب في رأسه وكتفه ما أدى الى مصرعه على الفور، ونقل لاحقاً الى المستشفى الإسلامي في طرابلس. وعلى الفور حضرت الأجهزة الأمنية وباشرت التحقيقات وجمع الأدلة لمعرفة مطلقي النار. وكذلك حضر والد الضحية الى المكان بعدما أبلغ بأن حادثاً وقع لابنه، وقال إن ولده عمره 17 سنة وهو يعمل في بيروت، وإن «لا خلفية سياسية ولا أمنية له ولا غاية له سوى العمل». وادعى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر على مجهول في حادثة اطلاق النار وانتقل الى مكان الحادثة يرافقه قاضي التحقيق العسكري فادي صوان والنائب العام الاستئنافي في الشمال عمر حمزه اللذان اجريا كشفاً ميدانياً على المكان. وكلف القاضي صقر الأدلة الجنائية رفع البصمات والتقاط الصور والشرطة العسكرية إجراء التحقيقات الأولية وأحال الادعاء الى قاضي التحقيق العسكري الأول رشيد مزهر الذي طلب من الأدلة الجنائية اجراء التحقيقات الفنية والتقنية وضبط موقع الجريمة وانتدب القاضي فادي صوان لإجراء التحقيقات. وتابع رئيس الحكومة سعد الحريري الموضوع وأجرى اتصالات مع القيادات الأمنية المعنية، طالباً منها الإسراع في إجراء التحقيقات اللازمة لمعرفة الجناة وملاحقتهم بأقصى سرعة ممكنة وإحالتهم على الجهات القضائية المختصة. واتصل وزير الخارجية السوري وليد المعلم بكل من نظيره اللبناني علي الشامي والأمين العام للمجلس الأعلى السوري - اللبناني نصري خوري لبحث موضوع «الحادث الإجرامي» الذي ذهب ضحيته مواطن سوري صباح امس. وطلب المعلم «بإعلام سورية بالسرعة الممكنة بمجريات التحقيقات التي تجريها السلطات اللبنانية ونتائجها وتحديد الفاعلين ومن يقف وراءهم»، مشيرة الى انه طلب من خوري «متابعة الموضوع». وقال المعلم في تصريح اذاعي: «نحن ننتظر نتائج التحقيق ونريد أن نعرف من يقف وراء الحادث خصوصاً انه وقع في أعقاب الزيارة الناجحة للرئيس سعد الحريري». وفي المواقف اللبنانية، استنكر وزير الاقتصاد محمد الصفدي الحادث، قائلاً: «إذا كان الهدف من هذه الجريمة هو إطلاق النار على زيارة الرئيس الحريري لدمشق فإن المتضررين من التفاهم اللبناني - السوري لن ينجحوا في تخريب التقارب الحاصل». اما وزير الدولة يوسف سعادة فقال: «انها رسالة لن تؤثر في زيارة الرئيس الحريري لسورية، وبالتالي يجب التعامل معها بحزم ومعاقبة الفاعلين، لافتًا الى أن الكل يعوّل على القوى الأمنية لكشف الفاعل». وأكد عضو تكتل «لبنان أولاً» النيابي هاشم علم الدين ان «الاعتداء، ما هو إلا عمل جبان ومأجور يأتي لتأجيج الفتنة من جديد، وكأني بهؤلاء الذين أرتكبوا جريمتهم لم يكونوا من نسيج هذه المنطقة التي تؤمن بخيار الاعتدال ونهج الرئيس الشهيد رفيق الحريري وبخيار رئيس الحكومة الذي زار الرئيس السوري بشار الأسد». ودان عضو كتلة «المستقبل» النيابي أحمد فتفت الحادثة، داعياً الى «معاقبة المجرمين»، مذكراً بأنّ فريقه كان يدين التعرض للحافلات السورية «في عزّ أزمة التوترات». واعتبر فتفت في حديث إلى «ال بي سي» أنّ «هناك من لا يزال يحاول أن يُحدث فتنة»، كاشفاً عن معلومات تسرّبت له حول «التعرض لصورة لرئيس الحكومة سعد الحريري في المنطقة نفسها قبل أيام»، معتبراً أنّ «الحادث أمني منظم وهو خارج نطاق أي تأييد شعبي لأنّ الواضح أنّ الرأي العام يقف خلف الحريري». ولمح عضو الكتلة نفسها النائب خضر حبيب إلى أن «هناك متضررين من زيارة الرئيس الحريري لسورية ومن التقارب العربي - العربي، وهم يحاولون اليوم إحداث بلبلة وإشاعة أجواء سلبية حول هذه الزيارة». ودعا الأجهزة الأمنية كافة إلى «تحديد هوية الفاعلين ومعاقبتهم في أسرع وقت». واستنكر عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب قاسم هاشم الاعتداء، معتبراً انه «اعتداء على امن الدولة اللبنانية، ويستهدف الاستقرار الوطني الذي يأتي مع نهاية زيارة الرئيس الحريري لسورية، والتي اثبتت نجاحها وتؤسس لمرحلة جديدة على مستوى العلاقات، ويبدو انها لم تستسغ لدى بعض المتضررين من العلاقات الاستراتيجية الأخوية والمصيرية بين البلدين، والتي لم تستطع بعض اصوات النشاز وأصحاب المواقف الحاقدة ان يحدوا من نجاح الزيارة وآثارها الإيجابية التي سيحصدها البلدان والشعبان». الفصائل الفلسطينية وأصدرت فصائل المقاومة الفلسطينية في الشمال بعد اجتماع استثنائي عقدته، بياناً حول الحادث، جاء فيه: «ندين ونستنكر هذا الحادث المجرم الذي أودى بحياة مواطن سوري بريء، ونستغرب في الوقت نفسه تصريح النائب فتفت على شاشة «ال بي سي»، لأن مخيم نهر البارد واقع تحت السيطرة الأمنية للدولة اللبنانية والجيش اللبناني، كما أن مخيم البداوي بعيد من موقع الحادث أكثر من 7 كيلومترات، وهناك مواقع أمنية وحواجز للجيش اللبناني في المنطقة». وأضافت: «نحن نقرأ الحادث بأن الذين قاموا به متضررون من زيارة الرئيس الحريري لدمشق، ومن التقارب اللبناني - السوري، علماً أن فصائل المقاومة الفلسطينية مرتاحة جداً الى الزيارة، لأنها تصب في خدمة الشعبين اللبناني والسوري، وسيستفيد منها بالتأكيد الشعب الفلسطيني».