طهران - أ ب، رويترز، أ ف ب - يشكّل تشييع رجل الدين الإيراني حسين علي منتظري، الخليفة المعزول لمؤسس الجمهورية الإسلامية الإمام الخميني، استفتاءً على شعبية المعارضة التي خسرت بغيابه صوتاً معنوياً قوياً، اذ يعتبره كثيرون «الأب الروحي للحركة الإصلاحية في إيران» بعد دفاعه المتكرر عنها خلال الاضطرابات التي رافقت الانتخابات الرئاسية الأخيرة. وتوفي منتظري في مدينة قم ليل السبت - الأحد عن 87 سنة. وأفاد موقع إلكتروني «إصلاحي» أن «آلافاً» من أنصاره يتجهون من أصفهان ونجف أباد ومدن أخرى إلى قم لتشييعه اليوم، فيما نقلت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية (إرنا) عن أحمد منتظري نجل رجل الدين الراحل، قوله ان «والده أوصاه بعدم إضفاء أي طابع سياسي على مراسم تشييعه». منتظري الذي وصفه الخميني يوماً بأنه «ثمرة حياتي» وشارك مع الأخير في قيادة الثورة الإسلامية، لم تلقَ وفاته اهتماماً كافياً من وسائل الإعلام الرسمية، حتى ان وكالتي «إرنا» و»فارس» لم تصفاه بلقب «آية الله العظمى» عندما أوردتا نبأ وفاته، ما تقاطع مع تأكيدات مراقبين ان طهران سعت إلى التقليل من مكانته، لئلا تتحول تصريحاته الى شعارات سياسية. وأصدر المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي بياناً نعى فيه منتظري، واصفاً اياه بأنه «فقيه جليل وأستاذ بارز ارتوى من منهله العذب وعلمه الواسع طلاب كثيرون»، ومشيراً الى انه «قام بعمل جهادي كبير وتحّمل كثيراً من المصاعب». لكن خامنئي الذي خلف الخميني بدل منتظري، اعتبر ان «الله امتحن (منتظري) في الأيام الأخيرة من حياة الإمام الراحل (الخميني) اختباراً صعباً وخطراً، فنسأل الله سبحانه أن يشمله بمغفرته ورحمته ويجعل من المشاكل الدنيوية كفارة لتلك المرحلة». وأشار المرشد بذلك الى ان منتظري أخطأ في تلك المرحلة. اما رئيس «مجلس خبراء القيادة» هاشمي رفسنجاني، فاعتبر ان وفاته تركت «فراغاً»، واصفاً اياه بأنه «فقيه بارز وشجاع ومناضل». كما وصف الرئيس السابق محمد خاتمي رجل الدين الراحل بأنه «عالم زاهد ومجتهد كبير ومجاهد شجاع». وكان ناصر منتظري حفيد رجل الدين الراحل أعلن أن جده «توفي أثناء نومه». وأفادت وسائل اعلام رسمية إيرانية أن أزمة قلبية المّت به، مشيرة الى انه كان يعاني من الربو وتصلب في الشرايين. اما التلفزيون الإيراني فأعلن انه توفي «بسبب المرض والخرف». وسيشيّع منتظري في قم حيث سيُدفن في ضريح السيدة «المعصومة». وذكر موقع «غويا نيوز» ان عدداً من المراجع الدينية المؤيدة للمعارضة، تجمع في منزل منتظري بعد وفاته، فيما أفاد موقع «برلمان نيوز» الإصلاحي بأن «آلافاً» من أنصار منتظري يتجهون من أصفهان ونجف آباد مسقط رأس الراحل ومدن أخرى إلى قم لتشييعه. وانتشرت شرطة مكافحة الشغب بكثافة في قم، فيما تجمّع أنصار المعارضة في ساحات العاصمة، حداداً على منتظري. وأظهر شريط فيديو بُث على الإنترنت مئات يتجمعون لوداع منتظري عند الجامعات في طهران، فيما هتفت حشود في نجف آباد: «هنيئاً لك الحرية» و»سنسير على نهجك يا منتظري المظلوم». في الوقت ذاته، تعهد مهدي كروبي المرشح الإصلاحي الخاسر ب»عدم التراجع». وقال: «يعتقدون أن الحركة الإصلاحية الشعبية تعتمد على شخص واحد. عقدت العزم على مواصلة هذا الطريق وفي وجود التهديدات بالاعتقالات، لن أتراجع». والسلطات التي تخشى تحوّل مراسم تشييع منتظري الى عرض قوة للمعارضة، منعت وسائل الإعلام الأجنبية من تغطية الحدث، كما منعت الصحافيين من السفر الى قم. وأفاد موقع على الإنترنت بأن رجل دين اصلاحي اعتُقل خلال توجهه من مشهد الى قم. وكان منتظري الخليفة المعيّن للخميني قبل شهور من وفاته عام 1989، لكنهما اختلفا وأبعد الأول لمصلحة خامنئي. لكن منتظري واصل اعتراضاته العلنية على النظام، وفُرضت عليه الإقامة الجبرية عام 1997، بعد تشكيكه بأهلية خامنئي للحكم. لكن العقوبة رُفعت عنه بعد 5 سنوات. ووصف منتظري المؤسسة الدينية في البلاد ب»الديكتاتورية»، مشككاً بنزاهة الانتخابات الرئاسية الأخيرة، كما دان قمع المتظاهرين.