حوّلت الأمطار الغزيرة التي انهمرت على لبنان أمس، مداخل بيروت إلى ما يشبه مواقف كبيرة للسيارات التي عجز سائقوها عن تحريكها من أمكنتها ساعات بعدما تحولت الطرق إلى أشباه بحيرات ومستنقعات تفاوت عمق مياهها بين مكان وآخر، ناهيك بالأضرار المادية التي لحقت بمحال ومنازل داخل العاصمة وخارجها، غمرتها المياه إضافة إلى زحمة السير الخانقة التي أعاقت وصول الموظفين والطلاب الى أماكن عملهم ودراستهم وبخاصة في مناطق بشارة الخوري والمتحف وانطلياس والمكلس والحازمية وتقاطع الشفروليه وكاليري سمعان وجسر الواطي والكرنتينا. واستنفر المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي وبناءً على توجيهات وزير الداخلية زياد بارود وحدات القوى السيارة، شرطة بيروت والدرك الإقليمي لمؤازرة عناصر السير والدفاع المدني وفوج الإطفاء وفرق وزارة الأشغال الموجودة على الطرقات بأكبر عدد ممكن من العناصر بغية المساعدة في تسهيل أمور المواطنين والتخفيف من زحمة السير. وكانت المشكلة الكبرى التي تسببت بها غزارة الأمطار على الأوتوستراد الساحلي في محلة الناعمة (جنوببيروت) حيث غرق مسلكاه بشبه نهر حجز السيارات 4 ساعات. وذكر بعض أبناء المنطقة أن السبب تراكم نفايات وأتربة في جدول مياه على الطرف الشمالي للبلدة، فحصرت المياه بكمية كبيرة نتيجة لغزارتها ما أدى إلى «انفجار النهر» على حد وصف أحدهم، وسالت المياه وبلغ ارتفاعها متراً ونصف المتر فدخلت الى المنازل، ما استنفر الأجهزة المعنية من شرطة وبلدية وأجهزة، فاستقدمت آليات وتعزيزات عملت على فتح الطريق. وأصدرت قوى الأمن الداخلي بياناً دعت فيه المواطنين إلى «عدم سلوك طريق الجنوب وتحديداً أوتوستراد الناعمة بالاتجاهين». وكذلك كانت الحال في بعض المناطق الجنوبية. ففي مدينة النبطية، لم تستطع مجاري الصرف الصحي استيعاب المياه الكثيفة فتفجرت وغمرت المياه الآسنة جميع الشوارع، مما أعاق حركة السير. وشكلت الأمطار الغزيرة في منطقة صور وقراها مستنقعات مائية في العديد من الطرقات العامة والداخلية لمعظم البلدات والقرى، كما في حقول زراعية عديدة، ما أدى الى تساقط بعض جدران الدعم في عدد منها. وغمرت المياه المتساقطة البركة التي أقامتها القوات الدولية العاملة في الجنوب (يونيفيل) على الحدود بين فلسطين ولبنان قرب السياج الشائك بمحاذاة عبارة كفركلا، وبدأت صباحاً صهاريج للكتيبة الاسبانية بسحب المياه من البركة ومن البساتين والأراضي الإسرائيلية المحاذية للحدود الدولية. وغمرت الأمطار سهلي الخيام ومرجعيون وأدت الى ارتفاع منسوب نهر الليطاني قرب الخردلي ونهر الحاصباني. وحال المناطق الشمالية لم تكن أفضل، فأدت الأمطار الغزيرة الى قطع طريق زغار - عين كفاح التي تربط قضائي جبيل والبترون بسبب الانهيارات الصخرية والرملية. وفي اهدن، عملت الجرافات على فتح الطرقات التي أقفلتها الثلوج لا سيما الجرد العالي - طريق سيدة الحصن المؤدية الى نبع جوعيت، كما قطعت العاصفة اسلاك الكهرباء والهواتف، واقتلعت بعض نصوب التفاح في المدينة. وفي بشري حولت الأمطار الغزيرة الطرقات العامة الى بحيرات اختلطت فيها المياه والأتربة والحجارة والسيول التي رمت بها الأمطار بعدما جرفتها من المناطق الجردية وسدت الاقنية والمجاري العمومية. وأدت الأتربة والصخور المنهارة الى قطع طريق الكرسي البطريركي القديم، وعملت الآليات على توسيع عدد من مجاري المياه العمومية لتصريف المياه المتجمعة. الى ذلك لامست الثلوج ارتفاع 1600 متر وغطت غابة الأرز للمرة الأولى هذه السنة. وفي الكورة، دخلت المياه مدرسة مار بطرس في أميون وأغرقت الصفوف فتوقفت الدروس وعملت فرق الدفاع المدني - مركز أميون الى تفريغ المياه منها. وفي بلدة بشمزين، قطع الطريق العام بعد طوفان الوادي الذي لم يعد مجراه يحمل كمية المياه فاغرق الطريق وقطعها على المارة ومنع الأهالي من الخروج من منازلهم، وعملت فرق الدفاع المدني في أميون على فتح الطريق وإزالة الوحول والأوساخ والحجارة. وفي الضنية، دخلت مياه السيول، إلى بعض المنازل في بلدة السفيرة في أعالي المنطقة الجردية، وأدت إلى أضرار فيها. وتدخلت عناصر الدفاع المدني في مركز البلدة. كما أدت مياه الأمطار إلى انهيارات في بعض الجلول الزراعية، وتحديداً في بلدات بخعون، بقرصونا، بيت الفقس، عزقي وحقل العزيمة. ومن المتوقع ان تستمر موجة الطقس العاصف التي تضرب لبنان منذ مساء أول من أمس في اليومين المقبلين مصطحبة الأمطار والعواصف الرعدية والثلوج حتى ارتفاع 1400 متر.