لم يعد طلاب جدة عاجزين عن خلق الأعذار التي تمنعهم من الذهاب إلى المدرسة حالياً، بعد أن تعددت أخيراً، بظهور أنفلونزا الخنازير، إضافة إلى كارثة جدة أواخر الشهر الماضي، إذ بات سهلاً على التلاميد التغيب بحجة المخاوف من عدوى فايروس H1N1، فيما فريق آخر أصبح يجد من السهولة المكوث في المنزل وعدم التوجه إلى المدرسة بمجرد تلبد السماء بالغيوم، خشية هطول المطر، وتدفق السيول محدثة كارثة أخرى أشبه بما وقعت في أواخر نوفمبر الماضي. رولا الجفري تقول: « في الأعوام الماضية كان من الصعوبة أن أجد عذراً مناسباً يمنعني من الذهاب إلي المدرسة، وإذا تغيبت عنها وقدمت أي سبب حول عدم حضوري ترد عليّ المعلمة بأنه عذر أقبح من ذنب، أما حالياً لاسيما بعد كارثة جدة، أصبح لدينا الكثير من الأعذار التي نقدمها حول أسباب عدم حضورنا، في ظل تخوف إدارة المدرسة من وجود حالات مرضية من H1N1 أو تساقط المطر».مشيرة إلى أنه بمجرد شعور الطالبة حالياً بارتفاع قليل في درجة حرارتها، أو تلبد السماء بالغيوم تقرر البقاء في المنزل، ويحظى قرارها هذا بتشجيع من الأسرة وربما إدارة المدرسة. وتتفق معها سمية الطويرقي طالبة في المرحلة الثانوية التي لجأت لعذر المرض لتتهرب من اختبار بعض المواد العلمية التي تقض مضجعها، لافتة إلى أن خوفها من الرياضيات التي لم تستعد لها جيداً دفعها للاعتذار بالمرض والتغيب عن المدرسة. أما انتصار الأحمد فتؤكد أن كارثة جدة وسعت من هامش الأعذار الذي من الممكن أن يستفيد منه المتغيبون عن المدرسة، موضحة أنه بعد أن كانوا يتحججون بمخاوفهم من أنفلونزا الخنازير، باتوا حالياً يخشون هطول الأمطار بمجرد تلبد السماء بالغيوم. بدورها، قالت وكيلة في إحدى المدارس الخاصة في جدة فاطمة الغامدي في حديثها إلى «الحياة»: «جرت العاده أن تحضر الفتاه تقريراً طبياً في حال تغيبها عن المدرسة، أما حالياً يطلب منها تقرير طبي يثبت أنها سليمة وخالية من الأمراض». من جانبه، أرجع استشاري الأمراض النفسية هاني الغامدي لجوء الطلاب والطالبات لاستخدام عذر المرض في الغياب كعذر جديد هذا العام إلى غياب الوعي بالمرض و أعراضه وإسهام وسائل الإعلام في تضخيم مشكلته. وقال ل «الحياة»: «من الطبيعي أن يستخدم الطلاب والطالبات المرض كعذر للتغيب عن المدرسة، خصوصاً و أنهم يلاحظون هالة الخوف والهلع التي ترتسم على وجوه معلميهم في المدارس عند اكتشاف المرض لدى أحدهم داخل الفصل»، مضيفاً «إن حال الخوف التي يلحظها الطلاب ليست مقتصرة على إدارات ومعلمي المدارس، بل تحيط بهم في منازلهم، إذ لن يتردد الوالدان في السماح لأبنائهما بالغياب في حال شكواهم من أدنى مرض. وأكد الغامدي أن هالة الخوف لم تكن موجودة في السابق لدى أولياء الأمور و المعلمين، مشيراً إلى أنه كان من المستحيل أن يلجأ الطلاب والطالبات لهذا العذر من قبل، مطالباً بتكثيف عملية التوعية بهذا المرض، لاسيما أنه أخذ حيزاً كبيراً في وسائل الإعلام العالمية، ما أدى إلى تضخيمه وتخوف الناس منه باعتباره وباء قاتلاً.