على كرسيه المتحرك بدا واثقاً بنفسه ومبدياً تفاؤلاً كبيراً بالحياة ومتحمساًً للحديث معه من دون أدنى شعور سلبي بسبب الإعاقة التي تغلّب عليها. فإرادته القوية قادته لتعلم قيادة السيارة الخاصة بالمعوقين، نجح وأخذ رخصة القيادة وأثبت للجميع انه قادر على ان يحقق حلماً من احلامه. أما الحلم الثاني فكان الزواج وهو أيضاً تحقق مع زوجة وولدين. إنه مرهون بن بطي الغافري (39 سنة) الذي يعمل كاتباً إدارياً في الطيران العماني، وهو عضو في مجلس ادارة الجمعية العمانية للمعوقين وجمعيات محلية اخرى إضافة إلى عضويته في الجمعية الخليجية للإعاقة ومقرها البحرين. يروي الغافري تجربته مع الإعاقة التي بدأت عندما كان عمره عاماً واحداً، ويقول: «ولدت طبيعياً وبعد مرور سنة أصبت بشلل الأطفال. حاول الأهل علاجي في مستشفيات السلطنة ولكن دون جدوى، كانت دراستي بالمدارس الحكومية العادية وأكملت دراستي الثانوية طبيعياً وكنت أشارك في جميع النشاطات المدرسية وكانت هوايتي التصوير الضوئي واذكر اني حين كنت في الإعدادية شاركت في مسابقة التصوير الضوئي وأحرزت المركز الثاني على مستوى السلطنة». الإصابة المبكرة بالإعاقة لم تشكل منعطفاً في حياة مرهون الغافري فلم يشعر يوماً بأنه معوق، يقول إنها كانت تلازمه منذ الصغر ويرى أن حاله أفضل من المصابين حينما يكونون في عمر أكبر نتيجة أسباب مختلفة كحوادث السير. فهؤلاء برأيه «كانوا يمارسون حياتهم الطبيعية وفجأة يقعون ضحية الإعاقة». اما هو فتقبل وضعه منذ الصغر ويقول: «لم احس بيوم اني اقل من الآخرين. بالعكس كنت اريد أن اثبت للجميع اني مثلهم واكثر». ويؤكد أن «الإعاقة تعطي الحماسة اكثر»، وهو لا ينكر أن المجتمع قدم له الكثير خصوصاً مع وجود جمعيات كثيرة وهي بحد ذاتها دليل على وعي المجتمع وتفهمه. ويقول: «تضطلع الجمعية بدور التوعية في المجتمع وأنا أقدم محاضرات في كل مناطق السلطنة في المدارس أو المعارض أو المناسبات العامة مثل مهرجان مسقط ومهرجان خريف صلالة وغيرها». لكن الغافري يرى أن ذلك الوعي ليس كافياً، ويطالب بأن يراعى الشخص المعوق وحاجاته خصوصاً في مواقف السيارات وضرورة وجود منحدرات في المراكز التجارية والمباني والشوارع لتسهل الحركة فلا يتحول المعوق عالة على المجتمع والأسرة. ويشير الغافري إلى مجموعة من الخدمات التي تقدمها الحكومة عبر وزارة التنمية الاجتماعية كالكراسي المتحركة والأجهزة التعويضية، لكنه يطالب بتفعليها وآخرها بطاقة المعوق التي تتيح لحاملها إعفاءات من رسوم تسجيل السيارات والأراضي الممنوحة من الدولة، وإمكان الحصول على تخفيضات في المؤسسات والشركات. ويشير الغافري الى أن عدم وعي المعوق الخدمات الممنوحة له وعدم تجاوب المؤسسات يعيقان الاستفادة منها، مثل قانون يفرض على كل دائرة حكومية تخصيص نسبة 3 في المئة من الوظائف للمعوقين. لكن هذا القرار غير مفعّل كما يجب، لعدم المطالبة الفعلية به.