أنهى شريكا الحكم في السودان «حزب المؤتمر الوطني» و «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، أزمة سياسية بينهما استمرت أسابيع، واتفقا بعد أربعة أيام من المحادثات بين الرئيس عمر البشير ونائبه رئيس حكومة الجنوب سلفاكير ميارديت، على ثلاثة قوانين ينظم أبرزها الاستفتاء على تقرير مصير إقليمالجنوب المقرر عام 2011. وقرر الطرفان عرض مشاريع القوانين على القوى السياسية لتحقيق إجماع في شأنها، فيما تمسكت المعارضة بالتظاهر اليوم أمام البرلمان للمطالبة بتسريع تمرير القوانين المرتبطة بإطلاق الحريات. وقال مساعد الرئيس ونائبه في «المؤتمر الوطني» نافع علي نافع في مؤتمر صحافي مشترك مع الأمين العام ل «الحركة الشعبية» باقان أموم عقب اجتماع لمؤسسة الرئاسة، إن الاتفاق شمل القضايا الخلافية في ما يتصل بقانون الاستفتاء، موضحاً أن الطرفين اتفقا على إخضاع قانون جهاز الأمن الوطني والاستخبارات لمزيد من النقاش، تمهيداً لتقديمه إلى البرلمان مرة أخرى لإقراره. وأشار إلى أن شريكي الحكم سيجريان مشاورات مع القوى السياسية الأخرى في شأن مشاريع القوانين مثار الخلاف التي لا تزال عالقة. وأوضح أنه تم الاتفاق على قانون «المشورة الشعبية» لولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق والاستفتاء على تقرير مصير الجنوب واستفتاء مواطني منطقة ابيي بين البقاء ضمن الشمال أو الانضمام إلى الجنوب. وقال إن الاتفاق سيطرح على القوى السياسية في البرلمان وخارجه، مشيراً إلى تشكيل لجنة سياسية برئاسة باقان أموم لمعالجة القضايا السياسية. وشدد على أن تفاصيل الاتفاق لن تعلن إلا بعد اطلاع المعارضة عليها، لافتاً إلى أن هذه القوانين ستجاز قبل انتهاء الدورة البرلمانية التي تبقّى على فترتها أسبوعان. وأكد الأمين العام ل «الحركة الشعبية» أن نواب حركته الذين يقاطعون أعمال البرلمان منذ ستة أسابيع سيعودون لحضور جلساته خلال 24 ساعة، مؤكداً التوصل إلى اتفاق مع «المؤتمر الوطني» على «قوانين مهمة متعلقة بالتحول الديموقراطي والتمهيد للانتخابات المقبلة». ورأى أن الاتفاق «يمهد الطريق» لتجاوز الأزمة السياسية التي كادت أن تعصف باتفاق السلام الشامل. وقال: «توصلنا إلى اتفاق في شأن ثلاثة قوانين مهمة للغاية كانت محل خلافات خطيرة بين الطرفين». وكشف أن الطرفين اتفاقا على مناقشة قانون الأمن الوطني والاستخبارات في إطار لجنة مشتركة لتفادي أي خلافات حادة في البرلمان، معرباً عن أمله في تجاوز ما تبقى من قضايا خلافية لبناء السلام وإنهاء الحرب في دارفور لإشراك الإقليم في عملية السلام. وأضاف أن اللجنة السياسية التي كلف برئاستها ستنظر في القضايا الخلافية الخاصة بالانتخابات بين شريكي الحكم والقوى السياسية الأخرى، مبيناً أنهما اتفقا على «اتخاذ إجراءات ضرورية حتى يكون الإعلام الرسمي مفتوحاً أمام القوى السياسية لبناء نظام ديموقراطي يمنع الخلافات والعنف في الممارسة السياسية»، كما اتفقا على تشكيل لجنة للنظر في «القضايا الإدارية». ونقلت وكالة «اسوشييتد برس» عن البريطاني ديريك بلمبلي رئيس لجنة تقويم ومراقبة اتفاق السلام بين الشمال والجنوب قوله ان الاتفاق بين الطرفين «اختراق مهم»، لكنه شدد على أنه «ما زال هناك كثير لعمله... وفترة السنة قصيرة». ومن المنتظر أن يكون مجلس الوزراء عقد جلسة طارئة ليل أمس لتمرير القوانين الثلاثة قبل عرضها على البرلمان. وتمسكت قوى المعارضة بالخروج في تظاهرة اليوم أمام البرلمان لتسريع إقرار القوانين المرتبطة بالحريات والتحول الديموقراطي، لكن مدير شرطة ولاية الخرطوم الفريق محمد الحافظ قال في مؤتمر صحافي أمس إن «المعارضة لم تحصل على إذن بالتظاهرة، وستعتبر الشرطة أي تجمع غير مشروع». إلى ذلك، أعلنت المفوضية القومية للانتخابات أن العدد النهائي للمسجلين في سجلات الناخبين بلغ 15.7 مليون ناخب. وأكدت أنها لم تتسلم حتى الآن أي طعن في عمليات التسجيل التي وصفتها بأنها «مثالية». وشددت المفوضية في مؤتمر صحافي أمس على أن «عمليات التسجيل غطت كل مناطق السودان، بما فيها مثلث حلايب» المتنازع عليه مع مصر. وشملت أيضاً السودانيين في 18 دولة. وقالت إن «عمليات التسجيل أجريت من دون أي خلل أمني أو اضطرابات»، داعية الأجهزة الأمنية إلى «التحوط بدقة لمرحلة الاقتراع» في نيسان (أبريل) المقبل «لأنها أكثر حساسية».