القاهرة - رويترز - كان أيمن رأفت، وهو مصري وُلدَ مسيحياً، يبلغ تسعة أشهر حين اعتنق والده، الذي لم يره في حياته قط، الإسلام. ويُقاتل رأفت الآن وقد بلغ الثالثة والعشرين من العمر لتعترف الدولة بأنه مسيحي لأن هذه هي الديانة التي يؤمن بها ويريد تسجيل هذا في وثائق هويته الضرورية للحياة اليومية. نشأ رأفت مسيحياً، لكن الدولة تقول إن الأبناء يُصبحون مسلمين تلقائياً بالتبعية متى يعتنق والدهم الإسلام، وهو ما يصيب حياة عشرات الأشخاص بحالة ارتباك في مجتمع لا يعترف عملياً بتغيير الديانة إلى أي ديانة أخرى سوى الإسلام. ورأفت واحد من 40 شخصاً يواجهون المشكلة المحيّرة نفسها الخاصة ببطاقات الهوية، وقد رفعوا دعوى قضائية لتغيير بيان الديانة في بطاقاتهم إلى المسيحية، وهو الأمر الذي يمسّ وتراً حساساً في العلاقات بين المسلمين والمسيحيين الذين تفيد تقديرات بأنهم يمثّلون قرابة عشرة في المئة من سكان مصر البالغ عددهم 77 مليون نسمة. وقال رأفت في مكتب محاميه قرب كنيسة ومستشفى قبطيين مشهورين في القاهرة إنه تخرّج العام الماضي ولا يستطيع الحصول على عمل لأنه لا يملك بطاقة هوية. وأكد هاني عبداللطيف المسؤول في وزارة الداخلية المصرية أنه لا توجد أحكام تنطوي على هذا النوع من التمييز، وهو موقف يكرره جميع المسؤولين الآخرين في مصر. لكن المحامي بيتر النجار قال إن أبناء المتحوّلين عن الإسلام لا يحصلون على موافقة على بطاقات الهوية الجديدة التي يحاولون استخراجها لتسجيل أنهم مسيحيون. وأضاف أن هذه الطلبات تُرد إلى أصحابها عادة ويُطلب منهم إصلاح «الأخطاء». واستطرد قائلاً انه إذا اعتنق أي شخص الإسلام وذهب إلى مصلحة الأحوال المدنية سيتم تغيير الديانة خلال 24 ساعة. وعلى الرغم من أن التحوّل من ديانة إلى أخرى، أياً كانت، غير محظور رسمياً في مصر إلا أنه يلقى رفضاً من كثيرين ممن يعتنقون الديانة التي ارتد عنها الشخص. وقد تثير هذه المسألة اضطرابات طائفية. والعلاقات بين المسلمين والمسيحيين في مصر هادئة في معظمها، لكن الخلافات التي قد تتحول إلى أعمال عنف تتفجر حول قضايا من بينها النزاعات على الأراضي التي تُستخدم لبناء الكنائس والعلاقات أو الزيجات بين أشخاص ينتمون إلى ديانتين مختلفتين. ويضمن الدستور المصري حرية العقيدة، لكن على صعيد الممارسة يرفض المسؤولون الاعتراف بديانات غير الإسلام والمسيحية واليهودية. وفي نيسان (ابريل) هاجم بعض القرويين المصريين منازل بهائيين وهم يمثّلون أقلية صغيرة. ورشق المهاجمون المنازل بالحجارة والقنابل الحارقة. ويقول حسام بهجت من «المبادرة المصرية للحقوق الشخصية» إن المحاكم المصرية عادة تُصدر أحكاماً ترفض الاعتراف بالتحوّل من الإسلام إلى أي ديانة أخرى بغض النظر عن الظروف وإن من المرجح أن ترفض المحكمة أيضاً دعوى النجار. ويضيف: «معظم المحاكم ترتكب خطأ قانونياً في التعامل مع المدعين على أنهم مرتدون بينما هم ليسوا كذلك لأنهم لم يكونوا مسلمين بالفعل على مدار حياتهم». ويقول المحامي النجار، وهو مسيحي، إنه بنى دعوى موكليه الأربعين على فتوى صدرت عام 1983 عن دار الافتاء. ويوضح أن الفتوى نصّت على أنه لكي يكون الإنسان مسلماً يجب أن ينطق بالشهادتين. ويضيف أنه لم يسبق أن نطق بها أي من موكليه. وتفاديا للحساسيات، أوضح النجار أنه لا يتحدث عن أي شخص يتنصل من ديانته «فهذه ليست القضية»، على حد قوله. وقال الشيخ ابراهيم نجم الناطق باسم دار الإفتاء إنه لم تصدر عن الدار أي فتوى متعلقة بمن يغيّر دينه. وقال الشيخ محمود جميعة، المدير العام لإدارة الإشهار في الأزهر، إنه ليس مفوّضاً بالحديث إلى وسائل الإعلام عن هذه القضية. ويقول المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية التابع للأزهر الشريف على موقعه على الانترنت إن في وسع أي شخص اعتناق أي ديانة لكن يجب ألا ينشر معتقداته بين الناس فيشوِّش قيمهم الأخلاقية.