هل يُعقل يا سادة يا كرام أن تستمر هذه المهازل أمامنا وتمر كأنها قصة قصيرة، وما تلبث أن تغيب عن الذاكرة لتعود بقصة مماثلة لا تختلف كثيراً عن سابقتها سوى أسماء الأشخاص فقط، المآسي نفسها تتكرر، وفشلنا كمجتمع في وضع قانون خاص بهذه المشكلات التي لا تنتهي، فبالأمس ضُربت سيدة هي وأختها ومحاميتها أمام مبنى الحقوق المدنية وأمام الموظفين الرسميين وغير الرسميين، وبالأمس أجبر أب أطفاله بالجبر والتخويف أن يقولوا أمام بعض الموظفين بأنهم لا يريدون رؤية والدتهم (على رغم أن الموظفين ليسو ذوي صفة) وحتى لو قالها الأطفال طوعاً لأن ذلك يسمى (عنفاً غير لفظي يهدد أمن وسلامة الأطفال النفسية والجسدية ويعبث في استقرارهم) هذا التصريح والتصرف الطفولي لا (يحرم أم من مشاهدة أولادها) حتى لو كان كل ما سبق ضد رغبتهم. أن تُحرم أم من أبنائها لمدة عام وثمانية أشهر، على رغم وجود حكم شرعي بتمكينها من الرؤية (فهذا ما يجب أن نتوقف عنده) ليس معقولاً ولا منطقياً أن يمسك المرء بصك حكم لا يُنفذ لأن الفائدة من الحكم انتفت بعدم التنفيذ السريع! أن تضرب أنثى في الشارع وعلى مقربة من مبنى تنفيذي للأحكام الصادرة! أن تُنقل أختها إلى المستشفى بسبب ما تعرضت له ثم يفُرج عن الطليق المعتدي الممتنع عن تنفيذ الحكم (بكل بساطة)!، هو ما يستوقفني أن يُنقل الوالد أبنائه ويغير مكان سكنه لمدة عام، بينما أم ملتاعة تتوسط هنا وهناك فقط لرؤية أبنائها واحتضانهم. ما الذي يجعل بعض الرجال والنساء يسيئون التصرف ويحاولون تهميش وتغييب الطرف الثاني الذي لم ولن يمحيه صك طلاق أو صك خلع؟ على أي شيء يستندون؟ أحد الأشخاص راسلني يقول إنه محروم من رؤية ابنته منذ ولادتها، والسبب لأنه لا يستدل على مكان الوالدة، على رغم أنه أعطى الجهات الأمنية أرقام وهواتف أسرتها وإخوانها وأخوالها وأعمامها! ست سنوات يُحرم أب من ابنته التي لم يشاهدها منذ ولادتها هل يُعقل هذا؟ كتبت مرات عدة لأكثر من عشرين أو ثلاثين مقالاً عن أهمية وجود قانون يحتم تحديث البيانات تماماً كما تفعل البنوك، يتم فيها إعطاء الجهات الأمنية بنك معلومات خاضع لوزارة الداخلية ومرتبط بالمحاكم والأحوال المدنية، عناوين المواطنين والمواطنات وأرقام هواتفهم وأوضاعهم الأخيرة (طلاق، زواج، وفاة وغيره) مع قانون واضح عن عقوبة الكذب في هذه المعلومات الهامة، حتى لا نظل نسمع عن أم محرومة من أطفالها، ولا أب لم يشاهد طفلته منذ ولادتها، مع عقوبات صارمة ضد الهاربين والهاربات من تنفيذ الأحكام، وعقوبات أخرى على الجهات التي تتساهل في تنفيذ الأحكام. همسة.. الجميع قد لا يملك الوعي الكافي، وترك الناس لأخلاقها وضمائرها أثبتت الوقائع والأحداث أنها لا تكفي، وأن ما ينظم حياة الناس ويحل الخلافات هو القانون الذي يجب أن يُحترم. [email protected]