ينتمي جان كلود أورفلي المصري المولد ذو الجذور اللبنانية، الى عائلة من الموسيقيين. فوالده كان مؤلفاً وملحناً وعازفاً على البيانو، وقد غرس فيه حب الموسيقى وعلّمه أصول هذه الآلة قبل أن يلتحق بمعاهد موسيقية عدة في الإسكندرية أولاً ثم في باريس التي جاءها مراهقاً. وسرعان ما شعر أورفلي برغبة ملحة في العزف على البيانو وبدأ فور إنهائه تعليمه، يفتش عن الفرص المناسبة التي قد تكسبه خبرة مهنية في الموسيقى، فوجد ضالته مع فرقة موسيقية كانت تعزف فوق باخرة تطوف العالم وتنقل الأثرياء في جولات سياحية. كان ذلك في العام 1984، ومنذ ذلك الحين تطورت الأمور في حياة أورفلي الفنية، فبعد اكتسابه الخبرة، عاد إلى باريس وحصل على عقود للعزف المفرد في أكبر فنادق مدينة النور، ثم في العاصمة البريطانية لندن ومدن أوروبية أخرى. إلا أن الموسيقى التي عزفها أورفلي في حينه كانت عبارة عن جاز ومقطوعات كلاسيكية خفيفة معروفة عالمياً، إلا أنه نجح دائماً في حشر مقطوعة أو مقطوعتين من تأليفه الشخصي في وسط الألحان الشهيرة التي كانت مطلوبة منه. وكم كان يشعر بالغبطة عندما كان يلاحظ مدى تقبل الجمهور لمؤلفاته وتصفيقه لها بل طلب إعادتها في نهاية السهرة، أو سؤاله عن اسم المقطوعة وعن إمكانية العثور عليها في الأسواق. وفي عام 1997 أسس أورفلي مع قائد الأوركسترا الفرنسي المعروف جيرار كوربيون، فرقة موسيقية تحمل اسم «بي بي 15»، تعزف مقطوعات الجاز في أكبر النوادي الباريسية المتخصصة، ولكن أيضاً في برشلونة ولندن. وإذا كان أورفلي من أبرز أفراد هذه الفرقة، فهو يحب بين الحين والآخر أن يطير بجناحيه ويقدم وصلات موسيقية بمفرده في مناسبات فنية مختلفة، بل أن يصطحب على البيانو كبار أسماء الأغنية الفرنسية والدولية كلما قدموا إلى باريس أو لندن لإحياء سهرة فوق مسرح كبير، وبين هؤلاء سيلين ديون وليونيل ريتشي وكوينسي جونز ورون وود أحد أبرز أفراد فرقة «رولينغ ستونز»، وجوني هاليداي وماريا كاري وبول ماكارثني وغيرهم. ولا يتوقف نشاط أورفلي عند هذا الحد، فهو يتفرع إلى المسرح والسينما حيث يؤلف الموسيقى التصويرية لأفلام روائية مثل «الحبل» لزكي النجار أو لمسرحية «غنوا» لمنعم حسين، وثم لاستعراض «لقاءات» لجاك ليبراتي. وحدث أنه ألف موسيقى خصيصاً لترافق معرضاً فنياً. وبما أن أورفلي مولع بالسينما، فهو يؤدي بعض الأدوار الثانية، وهكذا ظهر في «الأخير» و «جت ست 2» و «ابن الفرنسي» والمسلسل التلفزيوني الأميركي «هايلاندر» و «حديقة الكركم» و «قطط وكلاب» و «ثروات الحرب» لحساب التلفزيون البريطاني «بي بي سي». وفي أوقات فراغه يلبي أورفلي طلب قنوات التلفزيون الفرنسية بتأليف الموسيقى التي تصاحب بعض البرامج الثقافية والفنية والأدبية. ويلخص أورفلي مشواره الفني بهذه الكلمات: «الموسيقى حياتي كلها منذ سن الصبا، ربما لأنني أنتمي إلى عائلة احترفت الفن أصلاً، وإنني أتعلم الجديد في الموسيقى مع طلوع كل يوم ولا ينتهي مشواري معها أبداً لأنها حية تتمتع بروح وقادرة على مغادرة صاحبها في غمضة عين إذا خانها أو غدر بها. أعتبر نفسي بمثابة العامل الحرفي الدقيق فالموسيقى حرفة تعالج الروح والعقل عند من يصنعها ومن يسمعها».