وجود عين المياه الجارية بها على مدار العام أكسبها تسمية «ذي عين»، القرية الواقعة في منطقة الباحة، إذ ترتفع العين عن المزارع دون العلم عن منبعها ولا تاريخ وجودها، رغم اعتماد قاطني القرية عليها في الشرب والزراعة، والتي تغطي أكثر من مليوني متر مربع من إجمالي مساحة القرية، ما أسهم في زيادة إنتاج المزارع في فصل الصيف، فضلاً عن إنتاجه في الشتاء. وما زال قاطنو قرية ذي عين يعملون في مزارعهم، إذ أنشئت جمعية لهم باسم «جمعية ذي عين التعاونية» في عام 1435ه، ويقومون بتسوية الأراضي والتلال وتحويلها إلى مدرجات زراعية بالطريقة نفسها التي كان يتبعها أجدادهم مع إدخال بعض المعدات الحديثة ميدان الزراعة واستصلاح الأرض وتشكل المدرجات المستصلحة الجزء الرئيس والأكبر من مساحة البلدة الواقعة على رأس تل يطل على الأراضي الزراعية التي تحيطه، فالقرية بمثابة نواة داخل الأرض الممتدة مع بساتين وأشجار مثمرة. وتبلغ المساحة الإجمالية للمدرجات الزراعية ما يقارب 40 ألف متر مربع وتتميز هذه المدرجات بإنتاج عدد من المنتجات المحلية ومنها الموز المحلي الذي يتميز عن غيره بصغر الحجم واعتدال الطعم ويعتمد عليه كثير من أهالي القرية كمصدر للدخل، وتزرع أشجار الليمون والنخيل والكادي وهو نبات عطري ذو رائحة زكية. وتختص القرية بوجود قانون وضعه الأهالي لتوزيع المياه، إذ يلجأون إلى اجتماعات أفراد القبيلة والمجالس الدورية لحل المشكلات التي تنشب بسبب حصص المياه الموزّعة، إذ مد الأهالي قناة ذات منسوب متوازن يحافظ على انسياب المياه بشكل عادل حتى بداية المزارع. وتضم مباني ذي عين على قمة جبل أبيض من الصخر عدداً من المنازل ومسجداً صغيراً، وقد استخدم الأهالي في البناء الحجارة التي نُقلت بواسطة الجمال أو على ظهور الرجال من السفوح المجاورة، أما السقف فمن أشجار العرعر التي نقلت إليها من الغابات القريبة وزينت الشرفات بأحجار المرو على شكل مثلثات متراصة، إضافة إلى بعض الحصون التي كانت تستخدم للدفاع عنها ولحمايتها من الغارات أو لأغراض المراقبة، إذ تم البناء وفق نظام الحوائط الحاملة ويراوح عرض الحائط ما بين 70 و90 سنتيمتراً وسقفت تلك المباني بخشب السدر الذي تعلوه رقائق من الحجر غطيت بالطين وتتوزع حجرات المبنى على الاستعمالات اليومية لأهل القرية. وبعض هذه المباني لا تزال متماسكة ومحتفظة بشكلها المعماري المميز، بينما هناك عدد من المباني المتهدمة جزئياً، ويذكر أهالي القرية خلال حديثهم إلى «الحياة» أن ثلاثة مبان فقط بنيت خلال فترة حياتهم، أما بقية المباني فوجدت قبل ميلادهم، ويقع مسجد القرية في الجزء الأسفل منها وقد روعيت في اختيار موقعه عوامل عدة أهمها توسط الموقع بين القرية والمزارع، ما يمكن المزارعين من الصلاة في المسجد خلال تأديتهم أعمالهم الزراعية اليومية. ...وتحتفل سنوياً بمهرجان الموز والكادي تحتفل قرية ذي عين الأثرية كل عام بمهرجان «الموز والكادي» وتضم القرية بين جنباتها أكثر من خمسة الآف شجرة موز، و70 ألف عذق لنبات الكادي الشذي، إذ احتفلت القرية يوم 20 من شهر جمادى الأولى للعام الحالي بالمهرجان في نسخته الثالثة. وأوضح محافظ المخواة المشرف العام على المهرجان الدكتور محمد دادا في تصريح سابق، أن أبرز ما تتميز به قرية ذي عين من مقومات تراثية وثقافية وعمرانية وتاريخية واقتصادية صنفت كأجمل قرية تراثية على مستوى المملكة طبقاً لتقرير الهيئة العامة للسياحة والآثار، إضافة إلى ما صدر أخيراً من المقام السامي من إدراج قرية ذي عين التراثية لمنظمة اليونسكو العالمية ليضعها ذلك على خريطة السياحة المحلية والعالمية، موكداً أن الهيئة العامة للسياحة والآثار بدأت مع جمعية ذي عين التعاونية منذ عام 1435ه في تأهيل وتطوير القرية للمرحلة الأولى بكلفة ستة ملايين ريال، فيما تنطلق حالياً المرحلة الثانية بدعم يقدر ب 10 ملايين ريال، ليتجاوز بذلك زائرو القرية ال 200 ألف زائر.