أعلنت مفوضية الانتخابات في العراق استعدادها لإجراء الانتخابات في 27 شباط (فبراير) العام المقبل بعد مصادقة البرلمان العراقي على قرار يفسر قانون الانتخابات، قبل عشر دقائق من منتصف ليل أول من أمس، تفادياً لنقضه من جانب نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي. وتوصلت الكتل البرلمانية العراقية مساء الأحد، إثر مداولات ماراثونية وتدخلات دولية ومحلية، الى «اتفاق اللحظة الأخيرة» لإقرار قانون الانتخابات نهائياً وجنبت البلاد مأزقاً سياسياً كبيراً كاد يهدد بحصول «فراغ دستوري» من شأنه ان يضع البلاد أمام المجهول. ولاقى إقرار البرلمان التعديل النهائي لقانون الانتخابات ترحيباً محلياً وإقليمياً ودولياً، وقال رئيس مجلس النواب اياد السامرائي بعد التصويت برفع الأيدي على مذكرة تضاف الى التعديلات التي أدخلت على القانون الأساسي قبل اسبوعين «تمت الموافقة بشبه إجماع». وتنص النسخة الجديدة على إضافة مقعدين على التعديلات السابقة ليصبح بذلك عدد المقاعد الكلي للبرلمان 325 بينها 310 للمحافظات و15 مقعداً تعويضياً. ويبلغ عدد المقاعد في البرلمان الحالي 275. وتمت إضافة المقعدين الى محافظة السليمانية بعد اعتراض الأكراد على حرمانها من زيادة المقاعد. يشار الى ان المقاعد التعويضية ال15 مقسمة بين 8 للأقليات و7 توزع على القوائم الصغيرة التي تفوز محلياً وليس على الصعيد الوطني. ويخصص القانون 5 مقاعد للمسيحيين في بغداد واربيل ودهوك ونينوى وكركوك، ومقعداً لكل من الصابئة في بغداد والايزيدين والشبك في نينوى. وأدخل البرلمان تعديلات على قانون أقره في 8 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي بعد اسابيع من المشاورات وتأجيل الموافقة عليه عشر مرات. وتم احتساب أعداد المقاعد وفق احصائيات وزارة التجارة لعام 2005 مع احتساب النمو السكاني بنسبة (2,8) في المئة. اما المهاجرون فينتخبون من يختارون من المرشحين كل بحسب محافظته لا سيما ان القائمة ستكون مفتوحة. ورحب المالكي بالقرار، واصفاً في بيان التوافق الذي توصل اليه البرلمان بأنه «يشكل بداية مرحلة جديدة للشروع بالعملية الانتخابية بعد إزالة آخر العقبات». وأشاد البيت الأبيض بتبني البرلمان العراقي قانون الانتخابات ورأى الناطق باسم البيت الأبيض روبرت غيبس في ذلك «لحظة حاسمة للديموقراطية العراقية»، مضيفاً «ان هذه البادرة التشريعية ستتيح للعراق تنظيم انتخابات ضمن الإطار الدستوري الخاص به». وقال ان الرئيس باراك اوباما ونائبه جو بايدن تباحثا الأحد مع رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني. وأوضح غيبس ان «الرئيس ونائبه جددا تأكيد التزام الولاياتالمتحدة البعيد الأمد في العراق بما في ذلك تجاه الحكومة الإقليمية في كردستان». واستمر الأكراد حتى آخر لحظة يحاولون تجنب تراجع حجمهم في البرلمان المقبل. ففي عام 2005 وبسبب مقاطعة السنة حصل الأكراد على ما مجموعه 58 مقعداً (53 التحالف الكردستاني وخمسة لإسلاميين أكراد) من اصل 275. وفي البرلمان الجديد الذي يضم 325 مقعداً، سيحصل الأكراد على 41 مقعداً مخصصة للمحافظات الثلاث ومقعدين إضافيين مخصصين للمسيحيين، فضلاً عن حوالى 10 مقاعد أخرى على المستوى الوطني يمكن ان يحصلوا عليها. وبإمكان أي عضو من مجلس رئاسة الجمهورية، المكون من الرئيس جلال طالباني ونائبيه عادل عبد المهدي والهاشمي، نقض القانون مرتين فقط، وإعادته الى مجلس النواب الذي يستطيع تمريره بموافقة ثلاثة أخماس النواب، اي 165 من اصل 275 نائباً. وكان الهاشمي هدّد بنقض القانون مجدداً قبل انقضاء المهلة القانونية منتصف ليل الأحد الاثنين اذا لم تعاد المقاعد التي تم انتزاعها من المحافظات ذات الغالبية السنية بسبب التعديلات التي أقرت على القانون قبل اسبوعين. وقالت مصادر برلمانية عدة ان النقض الثاني كان سيدخل البلاد في متاهة تضعه أمام المجهول لانعدام الخيارات باستثناء تمرير القانون في المجلس بغالبية ثلاثة أخماس، اي 165 نائباً من اصل 275. لكن جمع هذا العدد من النواب ليس مؤكداً في ظل الانقسامات والتشرذم السائد في أوساط الكتل ما يبقي البلاد في مرحلة من الغموض تهدد بحصول فراغ دستوري. من جهته، قال قاسم العبودي مدير الدائرة الانتخابية في المفوضية ان «المفوضية عقدت اجتماعاً بطلب من طارق الهاشمي بحضور ممثلي الأممالمتحدة لمناقشة إجراءات المفوضية وتحديد موعد الانتخابات». وأضاف ان «المفوضية، وبالتشاور مع الأممالمتحدة، حددت يوم 27 شباط 2010 موعداً لإجراء الانتخابات». وأكد العبودي ان «الهاشمي وعد بالعمل على إصدار قرار مجلس الرئاسة للمصادقة على قانون الانتخابات وتحديد الموعد المطلوب، اما اليوم او غداً». وأعلنت بعثة الأممالمتحدة لدى العراق انها «تدعم بقوة الجهود المبذولة لتوضيح المسائل المتعلقة بتصويت العراقيين في الخارج اضافة الى وجوب إدراج توزيع المقاعد على المحافظات ضمن القانون وإعلان التاريخ النهائي للانتخابات، على ان يعتبر 27 شباط خياراً قابلاً للتحقيق لأسباب عملية ودستورية». وكان النائب الأول لرئيس البرلمان الشيخ خالد العطية أعلن أول من أمس ان «البرلمان يفضل ان تجرى الانتخابات في 27 شباط وأيده في ذلك نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي». وتجرى حالياً مشاورات بين رئاسة الجمهورية والمفوضية لتحديد موعد الانتخابات وإصدار المرسوم الجمهوري بشأنه. على صعيد متصل أعلنت «هيئة النزاهة العامة» تشكيل فرق لكشف استخدام أموال الدولة في الحملات الانتخابية. وقال بيان أصدرته الهيئة أمس انها «شكلت 17 فريق عمل يرتبط برئيس الهيئة لكشف استخدام اموال وموارد الدولة في الحملات الإعلامية للمرشحين». وأضاف البيان ان «هذه الفرق ستباشر مهامها عشية انطلاق الحملات الانتخابية لضمان نزاهة وقانونية الانتخابات». وبين ان «هذه الفرق تتوزع بواقع فريق رقابي في كل محافظة يعمل بالتنسيق مع مكتب المفوضية المستقلة للانتخابات في المحافظة المعنية، إضافة الى تخويل مكتبي تحقيقات كركوك ونينوى تشكيل فريقي عمل اضافيين لمراقبة الحملات الانتخابية في اقليم كردستان بالتنسيق مع ممثلية الهيئة في الإقليم». وذكر البيان ان «هيئة النزاهة كانت شكلت في نهاية تشرين الاول (أكتوبر) الماضي 18 فريق عمل للتدقيق في شهادات المرشحين»، مؤكداً ان «كل الفرق ترتبط برئيس الهيئة القاضي رحيم العكيلي».