عثرت فرق الإنقاذ التي لا تزال تبحث عن ضحايا سيول جدة على أربع جثث أمس، ليرتفع بذلك عدد قتلى الكارثة التي ضربت هذه المدينة الواقعة على البحر الأحمر إلى 113 شخصاً. ولم يستبعد خبراء ارتفاع محصلة الضحايا، خصوصاً أن عدد البلاغات التي تقدم بها ذوو مفقودين ارتفع هو الآخر من 24 إلى 39 بلاغاً. وقالت مصادر الدفاع المدني أن لا أمل البتة في إمكان العثور على احياء بعد مضي أكثر من أسبوع على وقوع الفاجعة التي دفعت خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى تشكيل لجنة للتحقيق وتقصي الحقائق لتحديد الجهات التي تتحمل مسؤولية التقصير، ينتظر أن تبدأ اللجنة أعمالها اليوم. في هذا الوقت، استمرت مخاوف السكان من فيضانات جديدة في ظل تحذيرات الارصاد الجوية من أمطار غزيرة يتوقع هطولها خلال الايام المقبلة، فضلاً عن أن خطوات اتخذتها أمانة جدة أخفقت في تهدئة مخاوف السكان من فيضان مدمر محتمل إذا ارتفع منسوب مياه بحيرة الصرف الصحي في جدة جراء الأمطار. واستنفر «مركز مواجهة الحالات الطارئة» الذي انشئ أخيراً للتعامل مع الأمطار والسيول ومراقبة بحيرة الصرف الصحي المعروفة ب «بحيرة المسك» طاقاته كافة للتعامل مع الأمطار المرتقبة، وشوهدت المعدات والآليات وقوارب النجاة في حالة تأهب قصوى للتدخل السريع وقت الحاجة. وأعلن مدير المركز الإعلامي لمواجهة الحالات الطارئة في محافظة جدة العميد محمد عبدالله القرني ارتفاع عدد ضحايا كارثة السيول إلى 113، بعد العثور على أربع جثث أمس، وذكر العميد القرني أن عدد البلاغات عن مفقودين ارتفع إلى 39 بلاغاُ. وعلمت «الحياة» أن عدداً كبيراً من المتضررين من سيول جدة تراجعوا عن رفع دعاوى ضد الجهات الادارية المسؤولة عن الأحداث الأليمة التي أعقبت السيول. وقال محامون إن الأمر الملكي الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين بالتحقيق في أسباب الفاجعة، وقراره صرف مليون ريال لأسرة كل شخص قضى، «حسم النزاع قبل أن يبدأ». وقال المحامي السعودي أحمد المالكي، في تصريح الى «الحياة»، أن التعويض الذي أمر الملك عبدالله بصرفه لذوي الضحايا «يفوق مبلغ الدية الشرعية بتسعة أضعاف، وبالتالي لم يعد هناك أي مبرر لإقامة دعاوى ضد أي جهة حكومية». بيد أن ذلك لم يوقف حملة الأهالي في بعض الأحياء المتضررة ضد أمانة مدينة جدة، إذ اتهم سكان منطقتي «الحرازات» و «وادي قوس» المشاريع التي تنازل المقاولون الأصليون عن تنفيذها لشركات مقاولات من الباطن، ومنها طرق الأسفلت التي نفذت في المنطقة، بالضلوع في كارثة جدة، مشيرين إلى مشاريع يتم تسليمها من شركة لأخرى. وانتقد مواطنون تحدثت إليهم «الحياة» صمت المسؤولين حيال عقود الباطن، وقالوا إنه كان ينبغي على الأمانة مراقبتها. على صعيد آخر، أخفقت مساعي «الأمانة» في تهدئة مخاوف سكان الأحياء القريبة من بحيرة الصرف الصحي من احتمال تفجر مخزونها وإمكان تسببه في فيضان يخشى معه حدوث أضرار مادية وخسائر بشرية فادحة. وكانت «الأمانة» بدأت تشييد سد ترابي ثالث لحماية سكان الأحياء المجاورة. ونصح الخبير في شؤون المياة والبيئة المهندس محمد بخاري أمانة جدة بعدم الاتجاه إلى بناء سدود ترابية لحجز مياه بحيرة الصرف الصحي، معتبراً انها «مضيعة للوقت». وقال ل«الحياة»: «السد الترابي لن يصمد في وجه مياه السيول طويلاً، خصوصاً وأن البحيرة تقع على مجرى واد»، وأضاف أن ما يتم حالياً عملية «ترقيع». بيد أن وكيل أمين جدة للتعمير والمشاريع ابراهيم كتيخانة شدد على ان السد الثالث جاء بناء على توجيهات أمين جدة من اجل طمأنة الأهالي، مشيراً إلى أنه سينجز في غضون أسبوع. وقال إن منسوب مياه البحيرة وصل يوم هطول الأمطار الأربعاء قبل الماضي إلى 15 متراً، وانخفض أول من أمس إلى 13.5 متراً، وتم تركيب 20 مضخة سعة كل منها ألفا متر مكعب في الساعة، لخفض كمية المياة». وفي حي «قويزة» - وهو أحد المناطق المنكوبة - لم يفلح اجتماع بين مسؤولي إمارة منطقة مكةالمكرمة و «المستودع الخيري» في إقناع الأخيرين بتجاوز التعقيدات البيروقراطية للتعجيل بإسكات الجياع والمعوزين، إذ تمسك مسؤولو المستودع الخيري بأنهم مطالبون بتوثيق ما يقدمونه من مساعدات لاقناع المانحين بتقديم مزيد من التبرعات لمثل هذه الأغراض الخيرية.