تنص القوانين الدستورية والتشريعية وشرعة حقوق الإنسان على علمانية النظام في كيبيك، وترفض كل المظاهر الدينية في المؤسسات الرسمية، إلا ان كيبيك لا تزال تحاول إيجاد مخارج قانونية لهذه المسائل المتعلقة بالمجموعات «الإتنو- ثقافية» على غرار ما اقرته لجنة «بوشار- تايلور» العام المنصرم من «تسويات معقولة» منفتحة ازاء بعض المظاهر والرموز الدينية في المدارس والمؤسسات التعليمية. ويبدو ان بعض المدارس ذهب إلى ابعد من ذلك، وكانت ثانوية «مارغريت دو لا جيميري» للبنات، Marguerite de la Jemmerais، أول من بادرت الى اتخاذ قرار جريء هو سابقة من نوعه في تاريخ كيبيك التعليمي، ويقضي، ليس بفرض زي موحد على جميع الطالبات بمن فيهن المسلمات وحسب، بل الزام الراغبات من هؤلاء الأخيرات (المسلمات) في توحيد شكل الحجاب وفق نموذج «شرعي» موحد الشكل واللون (ابيض او اسود) ومطرز بشعار المدرسة ويغطي كامل الرأس والصدر ما عدا الوجه. قرار وإن وصفته أوساط تربوية ب «التاريخي»، إلاّ انه لا يزال مثار جدل واسع في الأوساط التعليمية والإعلامية والحزبية والاجتماعية بين مؤيد ومتحفظ ومعارض فضلًا عن مناقشته في الجمعية الوطنية الكيبيكية (البرلمان). ويبرر مدير المدرسة ألان غيمت هذا التدبير بقوله: «ان اكثرية الطالبات في المدرسة مسلمات ويقطن في المنطقة المجاورة لها». وتوحيد الزي المدرسي يؤكد المساواة في المظهر بين الجميع ويلغي موزاييك الألبسة غير المتجانسة في ألوانها وأشكالها وتصاميمها وغير المحتشمة أحياناً، وتوحيد الحجاب يحفظ للمسلمات خصوصيتهن الدينية والثقافية والعرقية لاسيما ان ارتداءه بات أمراً شائعاً ومسموحاً به في مختلف المدارس الابتدائية والثانوية». أما كريستيان بلشا رئيسة إحدى الجمعيات النسائية في كيبيك فتقول: «من غير المعقول ان تنغمس الإدارات التعليمية في مسألة الحجاب وتلزم الطالبات به وتختار تصميمه ولونه وتوزيعه وأن يصبح جزءاً من اللباس الموحد في المدارس حتى وإن كان اختيارياً». من جهتها، تخشى اندريه كارون الناطقة بلسان لجنة المدارس في مونتريال ان يتعمم هذا النموذج من الحجاب على بقية المدارس ويكرس التمييز بين الطالبات ويخل بمبدأ المساواة بين من هن سافرات ومن هن محجبات وتتحول المدرسة بالتالي الى مجموعات». اما وزيرة التربية ميشال كورشين فتصر على ان «ارتداء الحجاب امر اختياري ولكن تشريعه من قبل بعض ادارات المدارس، يتنافى مع علمانية المؤسسات التعليمية وقيم المجتمع الكيبيكي»، مشيرة الى ان الجمعية الوطنية الكيبيكية تناقش هذا الموضوع من خلال مشروع قانون رقمه 16 تحت عنوان «التنوع الثقافي» الذي قد يفضي في حال إقراره إلى إلغاء كل الرموز الدينية المتميزة في المدارس الرسمية ابتداء من عام 2010 - 2011 . وفي ظل هذا الجدال تصر لجان حقوق الإنسان على احترام فكرة التنوع والتعددية الثقافية داخل المدارس وخارجها والتي «لا يمكن ان تختزل بقيم مركزية واحدة»، وتشير الى حرية كل مدرسة في اختيار التدبير الذي يوفر افضل أجواء التعايش بين طلابها.