حوادث الاغتصاب المفجعة التي بدأت تدق أجراس الخطر ينبغي أن تنبهنا لفداحة الأمر وخطره الكبير على المجتمع وعلى الضحية الذي في الغالب لا يبلغ لما يسببه التبليغ والفحوصات والإثبات من ألم نفسي كبير، ناهيك عن وصمة العار المجتمعية التي تترك الجناة وتمسك بتلابيب الضحية. ومن المعروف أن الضحية خصوصاً لو كان ذكراً (اذا) لم يسمع ويرى أن الجناة أخذوا عقوبة مناسبة تتناسب مع الفعل الشنيع من اغتصاب وخطف ثم تصوير وابتزاز (سيصبح في ما بعد هو نفسه مغتصباً) لأنه رأى حقه يضيع بين بطء الإجراءات والواسطات والتنازلات والتعويض وعقوبة مخففة لا تتناسب مع قيمة الشرف في ثقافتنا. الجريمة الأخيرة التي نشرتها صحيفة «الحياة» بتاريخ 23/11/2009 والتي قام بها مجموعة من الأحداث في بريدة، والتي بدأت بالتحايل على الضحية ثم اغتصابه ثم تصويره ثم تهديده بالفضيحة وابتزازه، هي جرائم عدة في جريمة واحدة، والمطلوب تقدير الضرر والعقوبات المناسبة التي لا يتلاءم معها لا تعويض ولا تنازلات ولا عقوبة بحفظ القرآن ولا ترتيب المصاحف في المساجد ولا الخدمة العامة لأن كل النوايا الإجرامية والتخطيط والترصد والتهديد تغلفها. بعض الجرائم لا يصلح فيها التنازل حتى لو تنازل الضحية على رغم أن تنازله ينبغي ألا يؤخذ به، فأحياناً يكون واقعاً تحت تهديد معين ولا يعي بان تنازله سيبقي اثر الجريمة عالقاً للأبد في ذهنه وسيحوله في ما بعد في بعض الحالات إلى مجرم من نوع آخر لم ير مجتمعه يقف معه ليدافع عنه بل رآه يقبل بتنازله ولا أعلم لمصلحة من حتى اللحظة! كتبت قبل سنوات عدة مقالاً مشابهاً عن كلمة غريبة كنت اسمعها من بعض الحالات وهي (أكسر عين فلان) ولم أكن قادرة على فهمها حتى قام احد المراهقين وشرحها لي بأنها كلمة متداولة في المدارس ولا تحظى بالكثير من الاهتمام والدراسة ولا الاحترازات لأن التهديد لا يؤخذ به عادة ولا يعتد به ولو تم اتخاذ إجراء سيكون تعهداً خطياً أو شفهياً بعدم كسر عين فلان فقط! كسر العين في مفهوم المراهقين هو الجريمة أعلاه حتى يكون فلان تحت تصرفهم وفي شلتهم ولا يخرج عنها وحتى «لا يشوف حاله عليهم». المشكلة ما زالت كما هي إن لم تكن تتضاعف وما زلت أذكر رسالة أحد المراهقين والتي كتبت عنها سابقاً في الموضوع نفسه بأنه تعرض للجريمة نفسها ورفض عمه الإبلاغ بحكم أن والده متوفى وظل الجناة يبتزونه خصوصاً عندما علموا بأن عمه الفاضل قام بضربه هو، وأصبح لا يناديه بلفظ كريه غير أنه أخبر العائلة كلها عن الحادثة وأصبح الجميع يعايرونه بحادثة كان هو فيها ضحية! في ظل غياب المتخصصين المؤهلين في التعامل مع حالات الاغتصاب والتحرش الجنسي التي تكثر في مرحلة المتوسط، أنادي اليوم بضرورة الاهتمام بحالات التهديد بكسر العيون، وأن يسن قانون صارم وسريع لعقوبة هؤلاء المجرمين، وأتمنى ألا أقرأ أن الجناة تمت عقوبتهم بحفظ القرآن أو بتنظيف المساجد لأن العقوبة لا تتناسب مع الفعل، ولأن حفظ القرآن وإتقان تجويده (لا يعتبران عقوبة أساساً) وأستغرب حقيقة التهاون الذي أقرأ عنه في العقوبة الشرعية للمغتصبين أو لجريمة اللواط والتي تفيد بقتل الفاعل والمفعول وبرميهما من أعلى جبل. عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ) وصححه الألباني في صحيح الترمذي. هذه العقوبة للذين قاموا بالفعل الشنيع (برضاهم التام) فكيف بحدث يُغتصب ويُخطف ويُصور ويُبتز ويُهدد؟! [email protected]