أكد قائد قوات الدفاع المدني في الحج اللواء سليمان بن عبدالله العمرو شمول الخطة التدبيرية للدفاع المدني خلال موسم حج هذا العام المخاطر المحتملة كافة، لافتاً إلى تفعيل الإجراءات الوقائية والاحترازية لتجنب وقوع الحوادث والتواجد المستمر للوحدات الميدانية في جميع أرجاء المشاعر المقدسة لتأمين سلامة ضيوف الرحمن. وأشاراللواء العمرو في حديث شامل إلى «الحياة» حول استعدادات الدفاع المدني في الحج إلى إجراء المسح الوقائي لمساكن الحجاج للتأكد من توافر متطلبات السلامة فيها، وتحديد عدد من مواقع الإيواء في المشاعر المقدسة لنقل الحجاج إليها في حالات الحوادث الكبيرة، مؤكداً وجود تنسيق مستمر مع الرئاسة العامة للأرصاد الجوية للوقوف وحماية البيئة على احتمالات سقوط الأمطار الغزيرة واتخاذ ما يلزم من إجراءات لمواجهة السيول. وأضاف أن المشاريع الضخمة التي تم تنفيذها في منطقة الجمرات ساهمت إلى حد كبير في تقليل حجم المخاطر الناجمة عن الزحام والتدافع، وضاعفت من قدرة القوات المعنية بأمن وسلامة الحجيج على أداء مهامها بفاعلية، مشيراً إلى أن عدد قوات الدفاع المدني المشاركة في أعمال الحج يزيد على 13750 ضابطاً وفرداً وموظفاَ مدنياً ومتطوعاً، إضافة إلى 3900 معدة وآلية متعددة الاستخدامات. وفيما يأتي تفاصيل الحوار: في البدء نود التعرف على أبرز معالم خطة الدفاع المدني في الحج هذا العام؟ - تأتي خطة الدفاع المدني لتأمين سلامة حجاج بيت الله الحرام هذا العام متضمنة كل الإجراءات الاحترازية، لتجنب الأخطار المتوقعة، واتخاذ التدابير اللازمة كافة للتعامل معها في حال حدوثها، وتأخذ الخطة في الاعتبار كل المستجدات المرتبطة بالحج هذا العام، مثل المخاوف الناجمة عن مرض أنفلونزا الخنازير وتزامن مناسك الحج مع موسم الأمطار خلال السنوات الأخيرة. وتتميز الخطة التدبيرية العامة للدفاع المدني التي تم اعتمادها من قبل النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا الأمير نايف بن عبدالعزيز بالشمولية واستيعابها كل المخاطر الافتراضية، من خلال عدد من الخطط التفصيلية الملحقة بها مثل خطة مواجهة الأمطار والسيول وخطة سلامة الأنفاق وخطة الإخلاء وغيرها. أشرتم إلى أن الخطة تتضمن إجراءات وقائية ضد كل الأخطار المحتملة، فهل ثمة قائمة بهذه الأخطار؟ - بالطبع هناك قائمة بكل الأخطار المحتملة، سواء أكانت أخطاراً طبيعية كالأمطار والسيول أو الأعاصير، أو أخطاراً ناجمة عن حوادث مثل الحرائق، وتتضمن خطة الدفاع المدني في الحج 12 خطراً افتراضياً تشمل كل الحوادث التي قد تقع بمساكن الحجاج بالعاصمة المقدسة، وكذلك في المشاعر، مثل: حوادث الحريق وحوادث الأنفاق والانهيارات الصخرية والأمراض الوبائية والتلوث والمواد الخطرة والحوادث المرورية والمخاطر المرتبطة بالزحام والتدافع أثناء أداء مناسك الحج، وغيرها. ما الأسس التي استندت إليها الخطة في تحديد هذه المخاطر؟ - نستفيد كثيراً من الخبرات التراكمية لقوات الدفاع المدني التي تشكلت خلال مواسم الحج الماضية في التعرف على هذه المخاطر، إضافة إلى ما تسفر عنه عمليات الرصد والاستشعار ونتائج تحليل المخاطر من قبل الأجهزة المتخصصة، إلى جانب ملاحظات قادة الوحدات الميدانية العاملة في الحج، ولا أبالغ عندما أقول إننا نمتلك خريطة دقيقة للمشاعر المقدسة والمخاطر المحتملة بها، ويتم تحديث هذه الخريطة سنوياً في ضوء المتغيرات المناخية والجغرافية وعدد الحجاج، وبناء على ذلك يتم وضع خطة الدفاع المدني في الحج وتحديد حجم ونوعية القوات والتجهيزات والمعدات. ما حجم ونوعية قوات الدفاع المدني المشاركة في أعمال الحج؟ - يصل عدد قوات الدفاع المدني بالحج هذا العام إلى أكثر من 13750 من الضباط والأفراد والموظفين المدنيين والمتطوعين، أما فيما يتعلق بالمعدات والآليات فيصل عددها إلى ما يزيد على 3900 آلية، تشمل سيارات الإطفاء والإسعاف والرافعات وآليات التدخل السريع ومعدات الإنقاذ المائي والدراجات النارية، وهناك حرص كبير على اعتماد التخصص الدقيق للكوادر البشرية والمعدات تبعاً للمهام المنوطة بكل الوحدات والفرق وخطة انتشارها. وهنا لابد من أن نشير إلى حرص معالي مدير الدفاع المدني الفريق سعد بن عبدالله التويجري على تلبية كافة احتياجات قوات الدفاع المدني المشاركة في الحج، في إطار ما تقدمه الدولة - رعاها الله - من إمكانات لخدمة الحجاج وتيسير أدائهم مناسك الحج. كثير من مهام الدفاع المدني ترتبط باختصاصات تدخل في نطاق صلاحيات وزارات وجهات أخرى مثل الصحة والحج والأمن العام والأرصاد الجوية، فما آليات التعاون مع هذه الجهات؟ - التنسيق مع كل هذه الجهات يتم على مدار العام أثناء إعداد الخطة التدبيرية العامة للدفاع المدني في الحج، للوقوف على مهام ومسؤوليات كل جهة تحت مظلة اللجنة العليا للحج، حيث يتم عقد اجتماعات بين قادة كل الجهات المشاركة في الحج واعتماد آليات دقيقة للتعاون والتنسيق فيما بينها، وتتولى عمليات الدفاع المدني، من خلال مركزها في منى، مهمة التنسيق الميداني العاجل للتعامل مع أي حالات طارئة. بعض الحوادث التي تقع في مساكن الحجاج تدفعنا للتساؤل حول الدور الوقائي لقوات الدفاع المدني في تجنب هذه الحوادث؟ - إجراءات الوقاية من الحوادث التي قد تقع بمساكن الحجاج تبدأ قبل التصريح لمنشآت إسكان الحجاج والفنادق باستقبال ضيوف الرحمن، إذ يشارك الدفاع المدني ضمن لجنة الإسكان في التأكد من متطلبات السلامة في هذه المنشآت، لاسيما أنظمة الحريق ومخارج الطوارئ. وتتضمن الإجراءات الوقائية تدريب مشرفي السلامة في مؤسسات الطوافة وإدارات الفنادق على التعامل مع الحوادث البسيطة وسرعة الإبلاغ عن أي خلل يهدد سلامة الأرواح والممتلكات، وهناك فرق من الدفاع المدني لمتابعة أنظمة السلامة في مساكن الحجاج والتأكد من فعاليتها وصلاحيتها، ومؤخراً بدأ ربط بعض هذه المنشآت بعمليات الدفاع المدني للتعرف آلياً على وقوع حوادث بها من خلال أنظمة متقدمة، وتنطبق نفس الإجراءات الوقائية على مخيمات الحجاج والأنفاق ومصارف السيول والأمطار، إذ تقوم دوريات الدفاع المدني وفرق المسح الوقائي بمتابعة متطلبات وأنظمة السلامة فيها وإزالة أي مخالفات تؤثر في فعاليتها، هذا إلى جانب تكثيف برامج التوعية لحجاج الداخل والخارج على حد سواء. فجائية الحوادث تتطلب جاهزية كاملة للتعامل معها، فماذا عن جاهزية قوات الدفاع المدني في الحج؟ - هناك وسائل للتوقع والتنبؤ باحتمالات وقوع بعض الحوادث ورصد العلامات الأولى لها، وعلى سبيل المثال يمكن معرفة فرص سقوط الأمطار والمواقع المحتمل حدوث تساقط للصخور بها، وفي جميع الأحوال فإن الاستعداد الجيد والتدخل السريع هو العامل الحاسم في التعامل مع الحوادث على اختلاف أسبابها ومواقعها، يضاف لذلك كفاءة القوات البشرية والآلية. وحرصاً على التعامل الأمثل مع الحوادث المفاجئة وغير المتوقعة في الحج فإن خطة انتشار قوات الدفاع المدني تحقق تواجداً مستمراً في المشاعر المقدسة والطرق المؤدية إليها، عبر عشرات الوحدات الثابتة والمتحركة والمجهزة تجهيزاً كاملاً للإطفاء والإنقاذ والإسعاف والإخلاء، يدعم ذلك استخدام أنظمة حديثة للاتصال مدعومة بالمصورات الجوية لتحديد موقع الحادث بدقة وتوجيه أقرب الوحدات الميدانية إليه، بل وإرشادها إلى أفضل الطرق التي تسلكها لتجنب الازدحام أو المشاكل المرورية التي قد تؤخر وصولها. بالحديث عن كفاءة القوات البشرية كعنصر مهم وحاسم في التعامل مع الحوادث، هل ثمة برامج تدريبية لقوات الدفاع المدني المشاركة في الحج؟ - برامج تدريب قوات الدفاع المدني في جميع المناطق متواصلة على مدار العام من خلال خطة إدارة التدريب، إلا أن ذلك لا يمنع من تنفيذ برامج تدريبية خاصة للقوات التي تشارك في أعمال الحج بما يتناسب مع نوعية الأخطار المحتملة، بهدف تنمية قدراتها على التعامل مع هذه المخاطر والتأكد من مدى استيعابها لمهامها، وتتضمن الخطة تدريبات ميدانية تعتمد "المحاكاة" لكل المخاطر المتوقعة وكيفية التعامل معها، إضافة إلى تدريبات تخصصية للفرق والوحدات على أعمال الإنقاذ المائي والإطفاء والإنقاذ في المباني المرتفعة والتطهير في حالات وفك الاختناقات والتكتلات البشرية في الأماكن التي تشهد زحاماً بالمشاعر المقدسة. بعد تقسيم منطقة المشاعر المقدسة وإسناد مهمة الدفاع المدني فيها لمراكز مستقلة لكل منطقة، كيف ترون هذه التجربة ومدى فاعليتها؟ - تقسيم المشاعر المقدسة لم يكن هدفاً في حد ذاته، لكنه تم بناء على دراسة تحليلية لطبيعة كل منطقة ونوعية المخاطر التي يمكن أن تحدث فيها، فمثلاً مشعر منى عبارة عن واد منخفض تحيطه الجبال من عده جهات، وهو ما يجعله أكثر عرضة لمخاطر السيول، في حين أن عرفة تزيد فيه مخاطر الحريق بحكم استخدام الخيام التقليدية، ووجود مراكز قيادية للدفاع المدني في كل منطقة يضاعف قدرات مواجهة هذه الأخطار المتباينة ويحقق أفضل استخدام للتقنيات والتجهيزات الفنية والمعدات. وقد أثبت هذه التجربة نجاحها، ولاسيما أن جميع المراكز الخمسة في المشاعر المقدسة وما ينطوي تحتها من وحدات متعددة الاختصاصات مرتبطة بقيادة قوات الدفاع المدني بالحج. هناك تخوف من أن تؤثر العمليات العسكرية في القرى الحدودية الجنوبية وجهود الدفاع المدني هناك في حجم القوات المشاركة في الحج هذا العام؟ فماذا تقولون عن ذلك؟ - هذه المخاوف لا مبرر لها، إذ نسبة المشاركة من كل منطقة تمثل نسبة قليلة من مجموع العاملين في كل منطقة مع إجراء بعض التعديل في نظام الورديات لتغطية مواقع المشاركين في مهمة الحج، كما أن اختيار الوحدات والأفراد والقوات للعمل في موسم الحج هذا العام تم منذ وقت سابق على العمليات العسكرية في المناطق الجنوبية ومشاركة الدفاع المدني فيها لإدارة معسكرات الإيواء للنازحين، يؤكد ذلك وجود زيادة في عدد قوات الدفاع المدني بالحج هذا العام عما كانت عليه العام الماضي، من دون أن يحدث أي نقص أو قصور في أداء الدفاع المدني في كل المناطق. في ظل استيعاب الخطة للمتغيرات... ماذا عن استعدادات الدفاع المدني إزاء مخاطر مرض أنفلونزا الخنازير؟ تتحمل وزارة الصحة العبء الأكبر فيما يتعلق بالإجراءات الوقائية من أنفلونزا الخنازير في الحج، وتتعاون معها في ذلك كل الجهات الحكومية الأخرى كل في حدود مهامه ومسؤولياته واختصاصاته، ولعل مساهمة الوزارة بتطعيم قوات الدفاع المدني المشاركة في الحج باللقاح المضاد للمرض تمثل نموذجاً لهذا التعاون، إضافة إلى التنسيق بشأن عمليات الإخلاء الطبي للمصابين ونقلهم للمستشفيات لتلقي العلاج، ومتابعة تعزيز الجانب الوقائي للحيلولة دون احتمالات انتشار العدوى بالفيروس المسبب للمرض، وقد تم عقد عدة اجتماعات مع قيادات وزارة الصحة ناقشت آليات ومجالات التعاون في هذا الشأن، وأسفرت عن تحديد دقيق لمهام كل الأجهزة لدعم جهودها خلال موسم الحج لتفعيل الإجراءات الوقائية، وكذلك إجراءات التعامل مع الحالات التي يشتبه في إصابتها بالمرض. ماذا عن خطة الإخلاء والإيواء في الحج؟ ومتى يتم اللجوء إليها؟ - الهدف من عمليات الإخلاء هو تأمين سلامة الحجاج الذين قد تتضرر مواقع إقامتهم لسبب أو لآخر، كالسيول أو الحرائق، وفي مثل هذه الحالات يتم نقل هؤلاء الحجاج المتضررين إلى أماكن بديلة آمنة بأسرع وقت ممكن، وتم تحديد أربعة أماكن ثابتة لإيواء الحجاج بالمشاعر المقدسة في عرفة ومنى والمعيصم، وتصل الطاقة الاستيعابية لهذه المعسكرات الإيوائية لما يقرب من 60 ألف حاج، إضافة إلى تحديد عدة مواقع أخرى لاستخدامها متى دعت الحاجة لذلك، أما عن إجراءات تنفيذ عملية الإخلاء فهناك فرق الإنقاذ المائي للإخلاء في حالات السيول، ويشارك طيران الدفاع المدني في الحالات التي يتعذر وصول السيارات والمعدات الأرضية إليها. مع استمرار قرار منع استخدام الغاز في المشاعر المقدسة، ما جهود الدفاع المدني لمتابعة تنفيذه؟ - حقيقة نلمس قدراً كبيراً من الالتزام بهذا القرار، ولاسيما في ظل توافر عدد كافٍ من المطابخ المجهزة الآمنة في جميع المخيمات بالمشاعر المقدسة، وهناك دوريات تابعة لمراكز الدفاع المدني تراقب الالتزام بذلك وتتصدى لأي مخالفات في هذا الشأن. هل تعد منطقة الجمرات من المناطق ذات الخطورة العالية؟ وهل ثمة استعدادات خاصة لتفويج الحجاج بها هذا العام؟ - بكل صدق نقول إن مشروع منشأة الجمرات الذي يعمل بطوابقه الخمسة هذا العام أدى إلى انخفاض درجة المخاطر في أداء هذا النسك للحد الأدنى، إذ يتيح إمكانية كبيرة لاستيعاب 300 ألف حاج في الساعة، وتركز خطة الدفاع المدني بمنطقة الجمرات على تأمين سلامة منافذ الدخول والخروج للمنطقة ومنع التكتل ونقل الحجاج الذين قد يتعرضون للإجهاد أو الإغماء إلى مراكز الإخلاء الطبي الموجودة بالمنطقة بواسطة سيارات صغيرة قادرة على التحرك بسهولة.