كثّفت وزارة التجارة والصناعة السعودية جهودها في حماية المستهلك، منذ مطلع شهر آذار (مارس) الجاري، وتزامناً مع فعاليات أسبوع المستهلك الخليجي الذي تشارك فيه المملكة. وحظي هاشتاغ أطلقته وزارة التجارة بعنوان: «اعرف-حقك» بمشاركات فعالة، خصوصاً من وزيرها الدكتور توفيق الربيعة الذي يغرد بين الحين والآخر لتعريف المواطن بحقوقه، كان آخرها تحذير من خدعة الأرباح السريعة في الاستثمارات قصيرة الأجل التي في معظمها تكون عمليات نصب واحتيال يقع ضحيتها الكثير. وقال الاقتصادي رئيس مركز ارك للدراسات الاقتصادية الدكتور خالد الحارثي ل«الحياة»: «إن مفهوم التوعية للمستهلك أمر مهم ويقع ضمن مهمات وزارة التجارة، وهي تلعب دوراً ملاحظاً في هذا الخصوص، لاسيما وأنها تستخدم التقنية الحديثة للوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من المستهلكين». وأردف قائلاً: «عندما نتحدث مع مجتمع تطغى عليه فئة الشباب التي تشكل 60 في المئة منه، فإن استخدام التقنية ومواقع التواصل الاجتماعي أو ما يعرف بالإعلام الجديد أمر إيجابي، وتنعكس على زيادة الوعي لدى أفراد المجتمع لمعرفة حقوقهم التي يجهلها جانب مهم من أفراد المجتمع السعودي». وأضاف: «لدينا ضعف في معرفة الحقوق سواء في مجال الحقوق الإنسانية أم التجارية، وهو من أهم الأمور التي تعمل عليها وزارة التجارة. عملية توعية المستهلكين بحقوقهم التي تعمل عليها وزارة التجارة مسألة جدلية، إذ إنها عملية تقوم بها مؤسسات المجتمع المدني في الدول المتقدمة، ووزارة التجارة دورها تنفيذي ورقابي في الوقت ذاته، وحماية المستهلك جزء من تلك المهمات وليس الكل». وأشار إلى أن الدور الأكبر لوزارة التجارة لدينا هو حماية المستهلك والتوعية بحقوقه، وهذا لا بد أن يتزامن مع التوعية بحقوق التاجر وواجباته، إذ إن المسألة ليست في قمع الاستثمارات وحماية المستهلك فقط. وتابع: «الهدف الرئيس لوزارة التجارة هو تحويل البيئة الاستثمارية لدينا إلى بيئة جاذبة، ما يتطلب تناغم الجهود بين المستهلك والمستثمر بما يعزز وحماية المستهلك». واستدرك بالقول: «لا يمكن أن ننكر أن بعض التجار لدينا يعملون على استغلال المستهلك، وهذا الانطباع العام عنهم لدى وزارة التجارة دفعها للقيام بحملات متتالية لحماية المستهلك». وعن الاندفاع وراء المساهمات ذات المردود المالي الكبير في وقت قياسي، قال إنه يعود في المقام الأول إلى انتشار مفهوم الطمع في الثقافة المحلية، وهذا يزيد من دخول المستثمرين الصغار في الاستثمارات ذات العوائد العالية، وهو السبب ذاته الذي دفع «النصابين» إلى استغلال هذه النقطة وترويج عملياتهم. ونوّه الحارثي إلى أن غياب الثقافة الاستثمارية في المجتمع السعودي أسهم في انتشار هذه الظاهرة، لاسيما المضاربات للكسب السريع، وقال: «من الملاحظ أن ما يتم في سوق الأسهم السعودية هي عمليات مضاربة تشكل 90 في المئة من إجمالي العمليات داخل السوق، وهذا يوضح طريقة فهم السعوديين للاستثمار». وأردف: «أن إشكالية البيروقراطية في الاستثمارات أسهمت في تفضيل السعوديين لهذه الاستثمارات وإن كانت معدلات المخاطرة فيها عالية، وقد توقعهم في عمليات النصب والاحتيال». وأوضح أن وضع حلول جذرية للبيروقراطية سيسهم في عدم خفض معدلات المضاربات والسعي وراء هذه الاستثمارات ذات المخاطر المرتفعة. بدوره، أشار أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبدالعزيز في جدة الدكتور أسامة فيلالي في حديثه ل«الحياة» إلى أن الطمع وحب الربح السريع هو السبب الرئيس لانتشار هذه المساهمات والاستثمارات، خصوصاً أن لدينا جهلاً من غالبية السعوديين بطرق الاستثمارات المؤسسية الصحيحة. واعتبر أن ما تقوم به وزارة التجارة جهد تشكر عليه، لاسيما وأنها تستخدم رسائل الجوال النصية إضافة إلى مواقع التواصل الاجتماعي للوصول إلى أكبر عدد ممكن من المواطنين.