حذر الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي السوداني المعارض الدكتور حسن الترابي من أن «إصرار الحكومة على نهجها الحالي سيؤدي الى اشتعال الحروب في السودان وأن «تتفاصل» (تتمزق) البلد في النهاية، مؤكداً أن استمرار النهج الحكومي الحالي سيؤدي الى كثير من الاضطراب والدم والخسران لأهل السودان. وقال الترابي في حديث الى «الحياة» في الدوحة قبيل مغادرته الى باريس للعلاج إن خلافه مع الرئيس عمر البشير وقادة الحكم في الخرطوم يكمن في قضايا الحريات وأمانة المال العام، مشيراً الى أن الوضع الآن «من رأس الدولة حتى شيخ القبيلة الى فريق كرة القدم، كله يتنزل من فوق(بالتعيين). ووصف نظام الحكم بأنه «ديكتاتوري يستخدم القوة ضد الرعية»، ورأى أن الانقلابات لا تحل مشاكل السودان. وأوضح أن الحكومة عاملته بقسوة خلال فترة اعتقاله الأخيرة، وأنها أطلقته بعدما خشيت من موته في السجن إثر تقارير طبية أشارت الى تعرضه الى ارتفاع في ضغط الدم، حيث «ارتبكوا (المسؤولون في الحكومة) ارتباكاً شديداً» ثم أخرجوه من السجن وسلموه جواز سفره وسمحوا له أخيراً بالسفر الى قطر ومنها الى فرنسا. وأكد أن أحزاب المعارضة ستجتمع في نهاية الشهر الجاري لتحدد موقفها الحاسم من مسألة الانتخابات المقررة العام المقبل، ودعا «السلطة» الى أن تتنازل وقال إن مال المعارضة ومال الحكومة كله في «جيب السلطة». وفيما دعا الترابي الى نشر الحريات في السودان والمساواة شدد على أهمية التوصل الى حل لقضية دارفور ورأى أن ذلك يتوقف على موقف السلطة، مشدداً على أن هذه القضية يمكن أن تعالج فوراً، لكن ذلك يحتاج الى ان «تبتسم الحكومة». ورأى أن غالبية الجنوبيين يجنحون الى الانفصال عن الشمال بسبب «تراكم الظلامات». وهنا نص المقابلة. في هذه الأيام تجرى عملية تسجيل الناخبين في السودان تمهيداً للانتخابات المقررة العام المقبل، كيف تنظر الى هذه الخطوة؟ - أولاً في مسنون الحياة العامة، سجل الناخبين هو إجراء راتب (دائم) يبقى كل عام ويتجدد (تسجيل من بلغ العمر أو توفي أو ارتحل). و (تسجيل الناخبين) ليس من حملة الانتخابات، خصوصاً أننا انقطعنا عن الانتخابات عهداً طويلاً (ضحك)، والسجل لم يكن منظوماً بل كان تلفيقاً، والانتخابات لم تثر هماً عند الناس (في خلال فترة حكم الرئيس عمر البشير)، لأنها ما كانت تنافسية. إن أية قضية تعنى بالانتخابات الآن أصبحت قضية يصوب عليها الهم السوداني. يظل السؤال قائماً، هل أعضاء حزبك، حزب المؤتمر الشعبي، يشاركون في تسجيل أسمائهم في سجل الناخبين؟ - نعم، التسجيل لمن يحق له التصويت في الانتخابات، وسجل الانتخابات لا شأن له بالانتخابات ويمكن أن يدخله الناس جميعاً، ليقوم سجل في البلد وليبقى محفوظاً، ثم يجدد (من وقت لآخر). وكان هذا هو النظام الذي وضعناه في الدستور الماضي ليبقى دستوراً دائماً، ويجدد كل سنة، واذا أجريت انتخابات ينفتح باب الترشيح رأساً، ثم يفتح مجال للمناظرات والاقتراع. وكيف ترى موقف أحزاب المعارضة وبينها حزبك (المؤتمر الشعبي) بشأن التهديد بمقاطعة الانتخابات المقبلة؟ - أحزاب المعارضة كلها كانت طرأت لديها أولاً فكرة ستة أشهر قبل يوم الاقتراع (مهلة للحكومة)، فإذا لم تتوفر خلالها الحريات التي تؤسس عليها انتخابات، وقد يدعوهم ذلك الى الكف عن الانتخابات ويقاطعونها. بعد ذلك أدخلوا (أحزاب المعارضة) قضية (حل قضية) دارفور شرطاً آخر (لخوض الانتخابات)، وعندما ذهبت أحزاب المعارضة (قبل شهر) الى مؤتمر جوبا (دعت اليه الحركة الشعبية لتحرير السودان وقاطعه حزب المؤتمر الوطني الحاكم) حددوا آخر تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري موعداً (لتحديد الموقف من خوض الانتخابات أو مقاطعتها). وقد علقت أحزاب المعارضة ذلك الأمر على الحريات، وأن لابد من (إجازة) قوانين الحريات كلها التي تلغي القوانين الاستثنائية كلها وتبسط المساواة، وهناك قانون الاستفتاء وهو شرط اشترطته الحركة الشعبية (لتحرير السودان برئاسة نائب الرئيس سلفاكير ميارديت). أحزاب المعارضة لم تذكر في القرارات (مؤتمر جوبا) موضوع مقاطعة الانتخابات (المقبلة)، لكنهم قالوا إنهم سيجتمعون (في حال عدم إجازة القوانين التي تبسط الحريات) ليتخذوا موقفا حاسماً. وما موقف حزب المؤتمر الشعبي؟ هل ستقاطعون الانتخابات؟ - لا جدوى من أن تقاطع (الانتخابات) جهة واحدة، لأنها ستنعزل، ولا جدوى من أن تتحدث عن سوء التسجيل أو فساد الانتخاب بعد صدور النتائج، لأنك إذا خسرت سيقال إنك تبحث عن تعذرات، فإما أن تدخل( الانتخابات) وترضى بالنتيجة أو (تقاطع). خلاصة كلامك تعني أن أحزاب المعارضة تنتظر نهاية الشهر الجاري لتحديد الموقف الأخير في شأن الانتخابات، أي المشاركة أو المقاطعة؟ - نعم، وإذا قاطعنا لا يعني ذلك أننا ننتظر تعديلاً جديداً، فمعنى ذلك أننا كنا نظن أنه خير للوطن أن يسلك سبيل الانتخاب إذا رأى شرطاً لإصلاح كامل في النظام. لا أتكلم عن أشخاص، بل عن نظام بين السلطة والحرية وبين اللامركزية الحقة والنصوص الواردة، وبين المركزية الواقعة فعلاً والنصوص الواقعة للامركزية، فالانتخابات هي منهج للتغيير بلطف وسلام. وإذا انسد هذا الباب (أمام أحزاب المعارضة) لا يقاطعون الانتخابات فقط، بل لابد من أن ينظروا (قادة أحزاب المعارضة) الى أي مسلك آخر. ألا ترى أن حال الاحتقان الحالية في السودان تتطلب تنازلات متبادلة بين الحزب الحاكم (المؤتمر الوطني بقيادة الرئيس البشير) وقادة المعارضة؟ - المعارضة ليست لديها سلطة حتى تتنازل عن شيء (وضحك)، وليس لها مال، مالنا كله، معارضة وحكومة، في جيب السلطة، والقوة كلها في يد السلطة، وهي التي يمكن أن تنزل (تقدم تنازلات)، نحن لم نطالب بشيء لأحزابنا من دون حزبهم، نطالب لكل الأحزاب بأن لا يحتكر الإعلام أي حزب، والمال العام لا يبذل لحزبهم (حزب الرئيس البشير)، وإذا بذل مال يبذل لكل الأحزاب، وإذا لم يبذل مال تُترك الأحزاب وشأنها تجمع مالها من أعضائها. أيضاً الحريات، (يجب أن) تباح بغير اعتقال لأحد، والندوات مفتوحة، والمواكب مفتوحة، وإذا مرت بالحركة (حركة السير) يمكن التعامل مع شرطة المرور لتنظيم (حركة السير)، والصحف تترك حرة تكتب ما تشاء لمن تشاء أو على من تشاء، حملة لهذا أو على هذا، والحريات لا بد أن تتوافر وكذلك المساواة. ودارفور على الأقل لا بد أن يبلغ الاتفاق معها لأن الوقت ضاق، وكل أصول الخلافات إذا سويت في الدوحة في المرحلة المقبلة يمكن أن يطمئن أهل دارفور أو نطمئنهم بأنهم لا بد أن يدخلوا الانتخابات، لأن أصوات دارفور كان لها دور فاعل في بلوغه (يقصد الرئيس البشير) مستوى الفوز. ونواب دارفور المقيمون في المجلس الوطني (البرلمان السوداني) لا بد أن يراعوا تنفيذ هذه الاتفاقية (اتفاقية حل مرتقب لمشكلة دارفور)، ورعايتها في كل سياسات الوطن، كما فعل الإخوة الجنوبيون الذين جاءوا لتنفيذ اتفاق (نيفاشا). وكيف ترى إمكان نجاح جولة مفاوضات الدوحة المقبلة بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة في دارفور، هل أنت متفائل بالتوصل الى اتفاق وحل للأزمة؟ - الأفارقة سووا كثيراً من الأمور بعد لجنة ثابو مبيكي (رئيس لجنة الحكماء الأفارقة التي أصدرت تقريراً حول دارفور)، وسيأتون (الأفارقة) برؤى متبينة، والأميركيون قدموا قضية دارفور حتى على قضية اتفاقية السلام (في الجنوب السوداني) في استراتيجيتهم، وطبعاً هذا هو الحزب الديموقراطي (في اميركا) وغالب عضويته أفريقية أميركية. الحملة الآن على الأطراف (المعنية بالصراع في دارفور) أشد من ذي قبل، والأمر كله وقف على السلطة، فإذا استبدت وأصرت على موقفها وآثرت أن تؤجل الجلسات أو تعطلها (جلسات المفاوضات في الدوحة) مرة بعد مرة، فالقضية لن تعالج، وهي يمكن أن تعالج فوراً، وهي قضية ليست عسيرة (على الحل)، وليست عسيرة من دقة مشكلاتها، ولدينا مثال في الجنوب (لتحقيق حل في دارفور). هناك مشكلة أساسية بين الحكومة السودانية و «حركة العدل والمساواة» تكمن في عدم تطبيق الحكومة اتفاق حسن النوايا وبناء الثقة الذي وقعته في الدوحة مع الحركة كما يشير الى ذلك المسؤولون في حركة العدل، وهو ينص على إطلاق محكومين بالإعدام بعد دخول الحركة المسلحة الى مدينة أم درمان (إحدى مدن العاصمة السودانية)؟ - هذا الاتفاق كان عرضياً، وكنت (عندما أعلن) في المعتقل، وكنت أظن أنه يتضمن بعض المبادئ، وهو اتفاق يعني: التقينا (أي التقى الطرفان الحكومة وحركة العدل) مع الشكر للبيئة وللذي جمعنا، أي لقطر وأميرها الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني. وجدت في اتفاق حسن النوايا وبناء الثقة بنوداً قليلة فيها إشارات، منها العون للاجئين والمرحلين والضائعين، وثانياً تبادل الأسرى، والغريب في الأمر أن هاتين المادتين القليلتين لم يوف بهما (أي لم توف بهما الحكومة السودانية). لذلك، الثقة، حتى اذا جرب كل طرف أخاه في ادنى حبال الثقة وتبين أن لا مجال لها، فكيف يتعاقد معه على قضايا ضخمة بالنسبة الى مصير بلد واقليم في وطن . أول الأمور يتطلب (لتحقيق حل) أن تبتسم وتتسامح الحكومة وعندئذ اذا كانت لك حدة أو شدة تكون في صلب القضايا، لكنهم تشددوا (الحكومة) حتى في القضايا التي وردت عرضاً (في اتفاق حسن النوايا) وهي تضمنت إشارات الى المعونات (للاجئين في دارفور) والعمل الخيري، وقد طلبت حركة العدل مد يد الخير من قطر وآخرين، وهذا متفق عليه، لكن، حتى هذا الأمر، انقلب (لم تستجب له الحكومة السودانية). أعلنت الإدارة الأميركية استراتيجية جديدة حددت فيها خطوط رؤيتها بشأن التعامل مع الحكومة السودانية، كيف تراها؟ - هذه الاستراتيجية ليس فيها من جديد، هي سياسات جمعت كلها في ورقة واحدة وقيل لنا إن وراءها غير مكتوب ومكتوم، وما هي العقوبات التي ينذر بها من لا يمضي في الطريق الصحيح، وما هي المكافآت أو الجزاءات؟ إذا (يعني الحكومة السودانية) سلّمت لما تريد مني ووافقتك وفعلت ما تريد ماذا ستعطيني، وإذا لم أسلّم (بما تريد الادارة الأميركية) ماذا ستفعل بي او ماذا تحرمني؟ هذه تركت غير مذكورة (في استراتيجية الحكومة السودانية تجاه السودان). وحتى في شأن دارفور، أشياء أساسية لم تذكر (في استراتيجية واشنطن) وحتى في السودان عموماً جاء الحديث في شأن الديموقراطية والانتخابات في السودان عرضاً بالإشارة الى قضية الاستفتاء (حول تقرير مصير جنوب السودان). وهل تعتقد أن تقرير لجنة الحكماء الأفارقة التي تضم عدداً من الرؤساء السابقين يمكن أن يساهم في إحداث تطورات في مسار الأحداث في السودان وتفاعلاتها؟ - دارفور ذكرت (في التقرير) في الإطار القومي، ونحن نؤكد دوماً أن دارفور ليست بلداً منفصلاً مستقلاً في اطار ديموقراطية السودان، وذكر التقرير أن كل القوى السياسية السودانية وأهل السودان لا بد أن يشتركوا في بلادهم سواء للتوحد أو للتفاصل. قالوا (في تقرير الحكماء) إن كل القوى السياسية السودانية لا بد أن تشترك في المفاوضات (الخاصة بأزمة دارفور)، ولا أعتقد أن الحكومة سترضى أن تدخل أحداً، هي (الحكومةالسودانية) تؤثر الثنائية (في المفاوضات وتوقيع الاتفاقات)، لكن الثنائية في الجنوب أثبتت أنها كانت خطأ، لأنه عندما اختلف الطرفان في نيفاشا (الحكومة والحركة الشعبية) لم يكن هناك طرف آخر يقول إن الحق مع هذا الطرف أو ذاك أو إن الحق بينكما. هناك رؤى كثيرة ترى ان الجنوب السوداني في طريقه الى الانفصال ما رأيك؟ - أتحدث عن الواقع، لكن الأفضل عندي شيء آخر، والواقع أن غالبية الجنوبيين تجنح نحو الانفصال، أكثر من تسعين في المئة، وهذه ليست حملة تقودها السلطة أو الحكومة في الجنوب، فغالبية أعضاء الحكومة مع شعبها لكنها لا تجاهر بحملة مشتدة مع الانفصال، لكن الشعب كله (في الجنوب) مع الانفصال. لماذا؟ - تراكمت عليه الظلامات كثيراً، وحتى ما يرى في الجنوب لا يصوب على حكومته بل يرد العيب وأصل العلة كلها للشمال، ودائماً قضايا الاستقلالية ليس في الجنوب بل لدى كل الشعوب اذا احتدت واستعرت فإن تلك القضية تشغل كل الناس. كل الجنوبيين الآن همهم واحد، وطبعاً نحن الحزب الوحيد القومي( يضم سودانيين من الجنوب وكل مناطق السودان). والأحزاب الأخرى في السودان؟ - أنت تعلم، اسأل نفسك. وهل يوجد في قيادتها أشخاص، وحتى من دون الجنوب نحن المستقبل ومعنا أفواج كبيرة مع الجنوبيين، لأننا ناصرنا قضية الجنوب وتعرضنا لحل (حل الحزب) وللسجن والجنوبيون يقدرون ذلك الماضي، ويعرفون أن في أصول فكرنا لا توجد تفرقة عنصرية أو لونية. والحديث بيننا كحزب والحركة الشعبية (لتحرير السودان) آثرنا أن يكون خاصاً، لأن الأحزاب الأخرى (كانت) ستأتي (الى مؤتمر جوبا في الجنوب) وما أردنا أن نكتب ما اتفقنا عليه (حتى لا يقولوا طبخوها، فالغيرة تأخذ البشر كثيرا)ً. الجنوبيون يدركون فضائل الوحدة وشرائطها كما ندركها، كما يدركون مخاطر الانفصال ودواعيه كما نقدرها نحن. هل يمكن أن تتغير المعادلات لتكون الوحدة بين الشمال والجنوب هي الحقيقة والأمر الواقع؟ - السياسة لا تعمل كثيراً بالدرامية لكنها تعمل بالتحول، أنا لا استيئس مئة في المئة. كان ينبغي ان تقيم الحكومة (المركزية) كثيراً من مشاريعها القومية في الجنوب كما هي في الشمال والغرب، لكنهم (في الحكومة في الخرطوم) لا يكترثون للجنوب. السودانيون مشغولون أيضاً بمضاعفات العلاقة بينك وبين تلاميذك في الحكم فأنت كنت شيخهم الكبير، هل من جديد في العلاقة مع الرئيس البشير او نائب الرئيس علي عثمان؟ الناس في السودان في مجتمع ماعرف السلطان كثيراً في تاريخه، عرف علاقات المجتمع. وإذا سئل أحد من ستنتخب، فالذي يأتيه في المآتم والأفراح ويتطايب معه هو أفضل (الناس)، لا يسأل عن منهجه. هم يرسلون سهماً من السيادة ويكلفونه نائباً ووكيلاً عنهم ليذهب لينفذ السياسات في المجلس الوطني (البرلمان) أو والياً أو رئيساً للجمهورية. خلافي (مع الرئيس البشير وقادة الحكم الحالي) هو حول الفكر نفسه، ماهي بنية الدولة الاسلامية وهي ليست أن تتولى السلطة فقط، هل هي حرية لك ولغيرك وحتى للذين لا دين لهم، وأياً كانت أحزابهم، لا بد أن تفسح لها وتنافسها. وخلافي معهم حول هل السلطة في البلد تكون كلها بالتعيين أم تكون كلها باختيار القواعد حتى في الصلاة، نحن ليس لدينا كنائس تفرض علينا أئمة، والآن من رأس الدولة الى شيخ القبيلة الى فريق الكرة كلها تتنزل من فوق، وهناك قضية الأمانة في المال العام. ألم يحدث اي تحرك او سعي لحل خلافاتك مع قادة الحكم في السودان، ألم يتغير الوضع في السودان؟ - الوضع ديكتاتوري، الله يهديك، ونظام الطغيان أياً كان اسمه في السودان أوغيره يستخدم القوة ضد الرعية، ولا يعرف حرية صحف ولا حرية أحزاب الا أن تترك أشكالاً للزينة (أحزاب زينة) تتنزين بها للناس لأن الديموقراطية أصبحت قيمة في العالم، ولا تعرف أجلاً للولاية (لفترة الحكم). إنهم يريدون حكماً لا يبلى، وسلطة لا تبلى، المال كله في جيبهم، والعهود لا يعرفونها بل يعرفون الأوامر، فالمسالة ليست تداولاً للسلطة. أنت متهم بأنك وراء صناعة الانقلاب الذي جاء بالرئيس البشير الى السلطة؟ - أنا أشرت الى (مسؤولية) كل الأحزاب (في الانقلابات)، لم أذكر حزب الأمة الذي علمنا أول التجارب (الانقلابية)، (في إشارة ضمنية الى دور حزب الأمة في أن يتسلم الرئيس السابق ابراهيم عبود الحكم من حكومة ديموقراطية في انقلاب عسكري). أنا سمعت كلمة من عبود، وقد حقق معه وقد رضي الناس عنه لأنه في النهاية رد الأمانة للناس. هل يعني كلامك أن الانقلابات لا تحل مشاكل السودان؟ - لا تحل مشاكل. الذي شارك في الانقلابات شارك ليس من أجل ضرر السودان بل من أجل قيم قدرها ومصالح قدرها، لكن الانقلابات انقلبت عليه وآذته. لكن الذين في السلطة الآن من العسير أن تقنعهم بذلك، وإذا خرجوا بانتخابات أو (غيرها) سيتبين لهم الأمر. يتساءل كثيرون كيف سمحت الحكومة السودانية بخروجك الى الدوحة ومنها الى فرنسا بعدما منعتك في مرات سابقة؟ - كما حدثتك فالضغوط الاجتماعية في السودان أبلغ من الضغوط السياسية، وقديماً ظن أن خروجي سيفتح أبواباً للإعلام والاتصالات الخارجية، وكان منعي من السفر نوعاً من السجن على رغم أنهم أدركوا أن العالم انفتح الآن ويمكن الحديث عبر التلفون (الى الإعلام في كل مكان). بعد خروجي الأخير من السجن جاءتني «بي بي سي» وقلت أشد من الكلام الذي قلته (كان دعا البشير الى تسليم نفسه الى المحكمة الجنائية الدولية فتم اعتقاله). في فترة اعتقالي الأخيرة كانت المعاملة قاسية، وكان هناك كبير في جهاز الأمن (جنوبي وهو الرجل الثاني) زارني من دون رضا من هو أكبر منه، ولذلك أخذت من السجن في الخرطوم وتم نقلي الى بور تسودان (ميناء السودان). وبسبب الطقس هناك حدث ارتفاع في الضغط وخشوا من تقارير الأطباء ومن ان يموت الانسان (الترابي) في السجن فأخرجوني فجأة وبارتباك شديد، ونسوا إخراج بيان من شدة ارتباكهم بعد تقرير طبي. وبعد ما اشتدت الشكاوى والاتصالات حول جوازي (جواز السفر) الذي كان لدى (الحكومة)، ردوا الجواز، ولذلك استعجل الذين استلموا الجواز (زوجته وصال المهدي وابنه صديق) سفري قبل ان تتغير الأمزجة. سؤالنا الأخير ماهي الرسالة التي توجهها للحكومة السودانية؟ السودان مقبل على مخاطر ذات شأن، هناك قضية وحدة السودان، وقد تبين عجز القوة على حل المشكلات، وإذا استمر هذ الاصرار (في نهج الحكم الحالي) فمعنى ذلك أن تشتعل الحروب وتتفاصل في النهاية، ولن يغلب المركز على الناس (في الأقاليم الأخرى)، لكن، قطعاً سيتفاصل السودان قطعاً مزراً (سيتمزق)، وهذا خطر بيّن على السودان. هذا المصير سينتهي اليه (السودان في حال استمر النهج الحكومي الحالي) بكثير من الاضطراب والدم والخسران والضياع لأهله، لأنه لن يكون تفاصل بالحسنى، ونحن كنا نريد للجنوب أن يبقى معنا بالحسنى اذا اختار ذلك، لأن الحدود بيننا واسعة وعامرة، واذا كانت حدود قطع وبتر وحدود اختصام فستكون النتائج وخيمة لنا ولهم.