بعد المؤتمر السنوي الثاني ل «المنتدى العربي للبيئة والتنمية» في بيروت، يجب أن تتوجه الدول العربية فعلياً نحو سياسات وطنية شاملة تراعي حماية المناخ، إذا أرادت هذه الدول الحفاظ على وجودها وتجنب التأثيرات السلبية المترتبة على التلوث البيئي، خصوصاً أن 3 في المئة من أراضيها مهددة بالغرق بإثر من ارتفاع منسوب مياه البحار، وتضم بعض تلك الدول جزراً سيكون مصيرها الغرق. وإذ تتحدث الدكتورة إيمان غنيم من «مركز علوم الفضاء» في جامعة بوسطن، إلى «الحياة»، تشير الى أن ارتفاع مستويات البحار يؤثر سلباً على اقتصاد مصر مثلاً. وتقول: «مصر هي الأكثر عرضة في هذا المجال... إن ارتفاع مستويات البحار متراً، من شأنه أن يجعل مصر تخسر 6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، كما أن 12 في المئة من أفضل الأراضي الزراعية في منطقة دلتا النيل ستكون في خطر». إذاً، تعتبر غنيم أن البيئة العربية تحتاج لوقفة وصرخة بوجه الدول العربية لتمويل بحوث البيئة. وتضيف: «هناك خطورة فظيعة لارتفاع منسوب البحار... هناك 12 مليون شخص في منطقة الدلتا سيتهجرون إلى الجنوب، ما يتسبب في تغييرات ديموغرافية وجغرافية، إضافة الى خسارة 65 في المئة من الزراعة التي هي مصدر الغذاء للشعب المصري الذي سيكون قوته تحت سطح المياه... وفي وقت يدرك الجميع أن المناطق الساحلية باتت مناطق مهددة، فيخففون من الاستثمارات الكبيرة على الساحل، نرى الدول العربية تضع كل استثماراتها على الساحل، بل حتى في قلب البحر. وهذه مفارقة غريبة فإما انهم لا يريدون أن يفتحوا أعينهم ليروا الحقيقة واما ان هناك أمر اًغير مفهوم». وتلفت الى أن السواحل، كما الجزر الإصطناعية، ستصبح مهددة. وتقول: «لا نستطيع التحايل كي لا يزعل منا المستثمرون في قطر والبحرين والإمارات... يجب أن نكون واقعيين ونقول أن هذه الأماكن ستكون مهددة في أقرب وقت لذا يجب التنبه. فنحن نتحدث عن معدلات ارتفاع مياه في حالات طبيعية، فكيف إذا حصل تسونامي مثلاً». وكانت غنيم وضعت دراسة بعنوان: «الاستشعار من بعد لبعض تأثيرات الاحترار العالمي على المنطقة العربية»، وهي استعملت تقنيات الاستشعار من بعد للتكهن بنتائج سيناريوات مختلفة لتأثير تغير المناخ على العالم العربي. وتلفت غنيم إلى أن غالبية الصور التي شملهتها الدراسة التُقِطت فضائياً، مع جعلها تتمتع بجودة عالية ودقة التفاصيل. وقالت: «تعطينا الصور مشاهد لظواهر على الأرض بدقة عالية جداً تصل الى نصف متر. ولا يمكن لأي مصدر معلومات آخر أن يعطيها. إذ تؤخذ بالأقمار الاصطناعية المتخصصة بكشف الظواهر على سطح الأرض وتحتها، بواسطة الرادار... إن هذه الصور تتوغل في الرمال لإظهار ما تحتها». وتوضح أن ما ورد في التقرير يمثّل تسلسلاً من الصور التي تغطي السنوات 1972 و1990 و2007 و2008 لمراقبة التغير الحاصل خلال هذه السنوات وتحديد مكامن التهديد، فهي تحدد أماكن الخطر بيئياً في الدول العربية. وقالت: «هذا غير متوافر لدينا لا من الحكومات ولا من المعاهد». وتضيف غنيم: «هذه التكنولوجيا غير متوافرة في العالم العربي، ويأتي معظمها من هيئات تجارية تمتلك أقماراً إصطناعية، ونحن نشتري الصور المطلوبة منها». وترى ان المشكلة تكمن في عدم استعداد الدول العربية لتمويل هذه البحوث، على عكس الحال في دول الغرب. وتقول: «هناك تمويل غربي كثيف لهذه الغاية. عندما ينهض أي عالم بدراسة يهتمون بها، يقدمون له التمويل للحصول على الصور الجوية الفضائية، لذا نترك الدول العربية ونقصد الغرب للقيام ببحوثنا». تختلف تكلفة هذه الصور بحسب دقة التفاصيل. وتشرح غنيم الأمر بالقول: «الصور على بعد 30 متراً هي شبه مجانية، ويصل سعر الأكثر دقة الى الألف دولار لكن القيمة التي نخرج بها من هذه الصورة تساوي مليون دولار». وتعتبر أن إمتلاك الدول العربية لأقمار اصطناعية ليس مكمن المشكلة. وتضيف: «قد نشتري الصور العالية الدقة من الدول الأجنبية، لكن نحتاج للمال لذلك لنتوصل إلى علم صحيح». وتُلخص المشكلة بالقول: «العقول العربية موجودة لكنها مطرودة من بلادها ومنجذبة إلى الدول الغربية التي تضع العقبات في طريق عودتها لبلادها لأنها تعرف أن هذه العقول ستوصلها الى درجات أعلى من العلم. في المقابل، الدول العربية غير مهتمة، فهي منطقة تطرد العقول ولا تجذبها».