يبدو أن الأزمة الديبلوماسية بين مصر والجزائر على خلفية مباراة كرة القدم بين منتخبيهما في الخرطوم الأربعاء الماضي، مرشحة للتفاقم، مع ارتفاع حدة الحملات الإعلامية بين البلدين، واستدعاء الجزائر السفير المصري لديها أمس للاحتجاج، قبل مغادرته إلى القاهرة تطبيقاً لقرار استدعائه. وشهدت القاهرة تظاهرات عنيفة في محيط السفارة الجزائرية أعقبتها مواجهات مع الشرطة أدت إلى جرح 35، بينهم 11 ضابطاً، وخسائر مادية، فيما قُتل 19 شخصاً في الجزائر وجُرح مئات في حوادث خلال الاحتفالات بالفوز على مصر والتأهل إلى كأس العالم. واستدعت وزارة الخارجية الجزائرية أمس سفير مصر لدى الجزائر، وأعربت له عن «استغرابها وقلقها الشديد» من «التصعيد» الإعلامي. وقالت الوزارة في بيان نقلته وكالة الأنباء الرسمية، إن وزير الخارجية مراد مدلسي كلف السفير «إبلاغ سلطات بلاده استغراب السلطات الجزائرية وقلقها الشديد من تصعيد الحملة الاعلامية». وأعرب عن «الأمل في إنهاء هذه الحملة لأنها لا تخدم مصالح البلدين والشعبين». ودخل النجل الأكبر للرئيس المصري علاء مبارك على خط الأزمة بظهور تلفزيوني نادر مساء أول من أمس، رفض فيه أي محاولات للتهدئة، منتقداً «تناول الأمور بمنطق الشعارات والشقيقة الكبرى والعروبة». واعتبر أن «هذه روابط نحترمها فقط مع الشعوب التي تحترم مصر». ورأى أن «مهاجمي المشجعين المصريين لا يعبرون عن المشجعين الجزائريين، وهم مجموعة من المرتزقة»، لكن «ما حدث لا يمكن السكوت عليه ولا بد من وقفة ضده». وتساءل مبارك الابن الذي كان حريصاً على تأكيد أنه يتحدث بصفته مواطناً لا نجل الرئيس: «إلى متى نصمت على ذلك كله؟ إلى متى نصمت على هذه الإهانات غير المقبولة... من يحترمنا سنحترمه، لكن أي تصرف ضدنا سنواجهه». وواصلت أمس وسائل الإعلام الخاصة في البلدين حملاتها المتبادلة، وأفردت صحف جزائرية خاصة صفحات للرد على «التضليل المصري». وشنت صحيفة «الشروق اليومي» هجوماً حاداً على علاء مبارك، واتهمته ب «التحريض والكذب والتلفيق». ودعا الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى الطرفين إلى «الهدوء في اتخاذ القرارت ووضع الأمور في حدودها وإطارها»، مطالباً الشارع العربي ب «العودة إلى العقل». واعتبر أن ما حدث «فتنة أدت إلى فورة أعصاب في بلدين كبيرين». وتلقى وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط أمس اتصالاً هاتفياً من نظيره الجزائري بحثا خلاله في الموقف بين البلدين. وقال الناطق باسم الخارجية المصرية السفير حسام زكي إن «أبو الغيط أعرب خلال الاتصال عن رفض بلاده التام الاعتداءات التي وقعت ضد الجماهير المصرية في الخرطوم وطالت المصالح والمنشآت المصرية في الجزائر»، مشيراً إلى أن «الاتصال تناول تداعيات المباراة، والتشديد على أهمية أن يتحلى إعلام البلدين بالحكمة، وضرورة توخي الحذر والتأكد من صحة الأخبار قبل نشرها بحيث لا يؤدي ذلك إلى استثارة حفيظة شعبي البلدين». وأكد أن وضع الجالية المصرية في الجزائر «يحظى باهتمام القيادة العليا»، مشدداً على أن بلاده «لا تقبل في أي شكل من الأشكال الاعتداء على رعاياها». واستقبل أبوالغيط أمس السفير السوداني لدى القاهرة عبدالرحمن سر الختم، بناء على تكليف من الرئيس حسنى مبارك، لإبلاغه «شكر وتقدير مصر السودان لما بذله من جهد لتأمين عودة المواطنين وبعثة المنتخب القومي إلى أرض الوطن»، بعد يوم من استدعاء الخرطوم السفير المصري لديها للاحتجاج على «معلومات مغلوطة» نشرتها وسائل إعلام مصرية عن «تراخي» الأمن السوداني في حماية المشجعين.