لم يكن مستغرباً أن ينال المسلسل الاجتماعي «زمن العار» لمخرجته رشا شربتجي أربع جوائز، من أصل 12، خصصتها مسابقة «أدونيا» للأعمال الدرامية السورية. فأعضاء من لجنة تحكيم هذه الجائزة أشاروا إلى تميز المسلسل، وتحدثوا عن فرصته الكبيرة بحصد الجوائز، قبل صدور النتائج النهائية ليل اول من امس في حفلة أقامتها «المجموعة المتحدة للنشر والإعلان والتسويق». وكانت شربتجي قالت ل «الحياة» أنها تتمنى أن «تجتمع اللجنة الكبيرة على انتقاء المسلسل كأحد الأعمال المرشحة لأفضل عمل». وبالفعل استحق العمل الاجتماعي «جائزة أفضل عمل متكامل»، و«جائزة أفضل نص» لكاتبيه نجيب نصير وحسن سامي يوسف، كما منحت الفنانة سلافة معمار جائزة «أفضل ممثلة دور أول» عن أدائها شخصية بثينة فيه، بالإضافة إلى جائزة «أفضل ممثل دور مساعد» لمكسيم خليل. وإنتماء مسلسل «زمن العار» إلى الدراما الاجتماعية ليس الأمر الوحيد الداعي الى تصدره الأعمال الدرامية السورية، فاستقراء تفاصيل شخصية «بثينة» يعيدنا إلى التقاط المخرجة شربتجي لكثير من ملامح مدينة دمشق بشكل مغاير لما اعتادت «عدسة الدراما» التقاطه. فهي لم تكتف بتعرية واقع تشتت «عائلة دمشقية» صغيرة بل حاولت المطابقة بين العمل والزمن الحالي الذي يعيشه المجتمع السوري، إذ تظهر التناقضات تحت المجهر في مفهوم «الخطيئة»، و «الواجبات والحقوق»، وذلك بسبب تغير بنية المدينة نفسها من الناحية المعمارية أولاً، نتيجة توسع أطراف دمشق بطريقة عشوائية مخيفة توحي وكأن الضوابط بدأت تغيب عن بعض شخصياتها، كما أن مراوحة بعض الشخصيات في مكانها سببت تعثراً في تطور العلاقات الأسرية، وفرضت «تحريمات» كثيرة لا تستند إلى دواع حقيقية. «زمن العار» هو باختصار ثورة «بثينة» الشابة التي تبعد عن جسدها شبح العنوسة، عندما تواجه جميع أفراد أسرتها بأحد مشاهد المسلسل صارخة أن «صبرها نفد». لقد انفجرت الشخصية بخيوطها الإنسانية العميقة عبر أداء معمار لتدلنا إلى مدى انقسامنا على أنفسنا وعلى من حولنا، وعلى رداءة الزمن الحالي بأكثر معاييره تأثيراً في الأجيال اللاحقة، ف«الأخلاق» لا تخضع لما يوازن كفتيها، والمرأة في مرات كثيرة تتواجد على الكفة غير الراجحة، مع أن المجتمع ذاته بنى نفسه عليها. الحوار أيضاً في «زمن العار» اتصف بفنيته العالية في تحليل أفعال الشخصيات، وتحويل «الجدل العقيم» بين أفراد الأسرة إلى رسالة واضحة أمام الجمهور، لا مراوغة في فحواها. وعلى رغم أن هذا العمل الدرامي أنطق بعض الشخصيات لتشهد على قسوة الواقع سواء عبر التركيز على قصة «بثينة» المأسوية، أم من خلال ظهور الصراع الداخلي لأفراد الأسرة بين الرغبات والأمور الواقعية، فإن المسلسل لم يصطدم بخلافات حقيقية بينه وبين الجمهور، إذ قال ما يريد من دون أي وصاية أو رقابة، واستطاع أن يجذب شرائح واسعة لم تكن لتتقبل حتى مجرد الحديث أو النقاش في «العار»، ككلمة لها مفاهيمها المختلطة بمزاجية الأفراد، وسلطة الخوف من المجتمع عليهم. وبهذا يكون «زمن العار» انتزع العدد الأكبر من جوائز المسابقة السورية المحلية «أدونيا»، التي جاءت بقية نتائجها على الشكل الآتي: جائزة أفضل ممثل دور أول لبسام كوسا، وجائزة أفضل ممثلة دور مساعد لديمة قندلفت عن دوريهما في مسلسل «سحابة صيف»، جائزة أفضل ديكور لناصر الجليلي عن مسلسل «صدق وعده»، جائزة أفضل تصميم ملابس لرجاء مخلوف عن مسلسل «فنجان الدم»، جائزة أفضل ماكياج لعبد الله سكندري وردينا ثابت عن المسلسل ذاته، بينما حصد مسلسل «هدوء نسبي» جوائز التحكيم الثلاث المتبقية وهي: أفضل إضاءة وتصوير لسبينيو سيبزينسي، أفضل موسيقى تصويرية للموسيقي رعد خلف، وأفضل إخراج لشوقي الماجري. وصوت الجمهور لمسلسل «باب الحارة» الذي نال جائزة أفضل عمل جماهيري، كما منحت جائزة «مسيرة الحياة» هذا العام إلى الفنان دريد لحام. يذكر أن فرز نتائج مسابقة «أدونيا» تولته شركة «برايس واتر هاوس كوبرز» (Pricewater house Coopers) المتخصصة في الإحصاء، واتبع التحكيم معايير منها أنّ كلّ مسلسل يعدّ سورياً، عندما يحقق 75 في المئة من عناصره الأساسية (المخرج، المؤلف، الممثلون، الإنتاج) سوريون، ويحقّ لكلّ من شارك بمسلسل اعتبر سورياً أن يترشّح للفوز بجائزة «أدونيا»، وإن لم يحمل الجنسية السورية.