بعكس المتوقع، زادت التغطية الإعلامية المكثفة على إشاعة وجود «الزئبق الأحمر» في ماكينات الخياطة القديمة (ماركة سنجر)، من اهتمام السعوديين بهذا الموضوع ومحاولة بيع المتوافر لديهم من تلك الماكينات بالمبالغ الخيالية التي راجت بها. الشاب أحمد العنزي كان سمع بالإشاعة قبل نحو أسبوعين في مدينته سكاكا ولم يصدقها، لكنه بدأ الآن بشراء الصحف التي غطت هذه الإشاعة، معتقداً بأن هذه ليست إشاعة بل حقيقة. وما يزيد من شكوك العنزي حول غلاء قيمة «الزئبق الأحمر» كونها مادة سرية تستخدم في عمليات مثل صناعة الأسلحة النووية واستحضار الجان كما قرأ عنها في مواقع الإنترنت. وانشغل العنزي بالاتصال بأصدقائه وأقاربه الذين يقطنون في مناطق عدة من المملكة، مستفسراً عن وجود حالات بيع لتلك الماكينات حتى يبيع الماكينتين الخاصتين بأمه وخالته. والغريب أن هذه الشائعة لم تنطلِ على البسطاء فقط، فحتى المتعلمين تعليماً عالياً أصبحوا يرددون هذه الشائعة، فأحد هؤلاء (فضل عدم الكشف عن اسمه) كان يسأل باستمرار عن أماكن بيع تلك الماكينات، ما جعله محط تندر وسخرية زملائه. وبقدر ما كشفت هذه الشائعة عن سطحية تفكير عدد من السعوديين، كشفت في الوقت ذاته عن وجود محتالين مستعدين لاستخدام كل الطرق الملتوية للكسب المادي بأي طريقة كانت، حتى أن واحداً منهم اشترى أكثر من ماكينة «سنجر» في بداية انتشار الشائعة، وقبل أن يعرف أصحابها بقصة وجود «الزئبق الأحمر» في تلك الماكينات. يذكر أن «الحياة» نشرت أمس تحقيقاً عن الموضوع، أشارت فيه إلى أن وجود «الزئبق الأحمر» في تلك الماكينات «خرافة» لا أساس لها من الصحة، وبأن وراءها محتالاً أردنياً استغل «هوس» أحد المهتمين بالبحث عن الكنوز في الأردن، فادعى وجود «الزئبق الأحمر» في تلك الماكينات، اللازمة لاستحضار الجان لإرشاده عن مكان كنز مزعوم في الأردن. وأكد الناطق الإعلامي في مديرية الأمن العام الأردنية الرائد محمد الخطيب، «أن الموضوع بكامله نصب واحتيال من عصابة تقوم ببث إشاعات كاذبة في هذا الخصوص، إذ يقوم أحدهم بشراء ماكينة بمبلغ من المال، وبعدها يقوم آخرون من العصابة ذاتها بتوفير عدد من الماكينات من ذات المواصفات المطلوبة، لبيعها على المواطنين الذين يبحثون عنها». من جانبه، استغرب الناطق الإعلامي باسم شرطة منطقة الجوف العقيد دامان الدرعان انتشار الإشاعة، وقال إن شرطة المنطقة لم تسجل حالات بيع لتلك الماكينات بتلك المبالغ الكبيرة.