وضع «ملتقى أبوظبي لأسواق المال العالمية» في ختام أعماله أمس، المصارف والمؤسسات المالية والصناديق السيادية في المنطقة أمام مسؤولياتها في اتخاذ قرارات حذرة وإدارة التوقعات في أسواق المال، في ضوء الأزمات التي مازال يعاني منها الاقتصاد العالمي، على رغم النمو الذي يحققه الاقتصاد الأميركي وارتفاع سعر صرف الدولار أمام العملات العالمية الأخرى وتوفير جزء من التمويلات المطلوبة للنهوض بقطاعات صناعة الطيران في المنطقة التي تشير كل المعطيات إلى أنها ستكون ميداناً للاستثمارات الناجحة خلال السنوات المقبلة. وعكس مسؤول قسم الأسهم والسندات في «جهاز أبوظبي للاستثمار» خليل فولاذي، بعض المخاوف التي برزت خلال الملتقى الذي نظمه «بنك أبوظبي الوطني» بدعم من مؤسسات اقتصادية ومالية في أبوظبي، بعدما أشار إلى الأثر الكبير لانخفاض أسعار النفط على قيمة الأصول في المنطقة والعالم. وأضاف « فقدت الدول المنتجة للنفط مع انخفاض أسعار الخام منذ منتصف العام الماضي، نصف القيمة التي كانت تحصل عليها من صادراتها النفطية والتي تقدر بنحو ثلاثة تريليونات دولار سنوياً، و270 بليون دولار شهرياً، ليصبح دخلها من النفط نحو 135 بليون دولار شهرياً فقط». وأكد أن «المخاوف تتبلور أيضاً في تراجع الفوائد على الصكوك والسندات ليعيش العالم اليوم في ظل الإنتاجية السلبية». ولكن هذه المخاوف بددها محافظ مصرف الإمارات المركزي مبارك حمد المنصوري وحاكم المصرف المركزي العماني حمود الزدجالي، إذ قال المنصوري في جلسة مشتركة مع الزدجالي: «نحن محظوظون في دولة الإمارات لربط الدرهم بالدولار القوي الذي يعوضنا عن بعض خسارتنا لقيمة صادراتنا من النفط كوننا دولة مستوردة، في حين نصدر النفط والخدمات الأخرى إلى دول مجاورة عملاتها بالدولار مربوطة». ولفت إلى أن «التطورات الاقتصادية في العالم مربكة ومثيرة للاهتمام نتيجة نمو الاقتصاد الأميركي الذي يقابله تراجع في الاقتصاد الأوروبي وانخفاض معدل النمو المتوقع في الصين». وأضاف: «ليست لدينا نية لفك ارتباط الدرهم بالدولار الذي يوفر لنا الاستقرار الاقتصادي، كما أن استثماراتنا هي بالدولار أساساً». وأكد المنصوري أن «الاقتصاد أقل عرضة للتأثر السلبي بانخفاض أسعار النفط، إذ يشكل دخل الإمارات من النفط 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي». ولفت إلى أن «المركزي الإماراتي اتخذ قرارات وسن قوانين لمواجهة أخطار الاستثمارات العقارية، ما أتاح لنا الاستقرار وعزز قدرتنا على السيطرة على أي تطورات في القطاع»، مؤكداً أن «المركزي يلعب دوراً مهماً في الاستقرار المالي ونشجع البنوك على النمو الطويل الأجل ورفع الكفاءة بما يؤثر في الخدمات وكلفتها». واتفق المنصوري والزدجالي على أن الجانبين اتخذا الإجراءات الضرورية لمواجهة جرائم الإنترنت في القطاع المالي، وذلك بعد التوسع، خصوصاً في الإمارات، في تطبيق الخدمات المصرفية عبر الهواتف الذكية، ووضع تشريعات جديدة تدفع نحو مزيد من الابتكار وتحقيق الاستقرار المالي». ولفت المنصوري إلى أن «الأخطار في القطاع المصرفي ستتزايد في المستقبل، خصوصاً مع استضافة دبي معرض أكسبو 2020 وتنفيذ مشاريع ضخمة في أبوظبي». وقال الزدجالي: «لدينا في عُمان نظام قوي جداً لمواجهة جرائم الإنترنت من خلال العمليات التي نقوم بها لمراقبة أجهزة الصراف الآلي والاتصالات والخطوط الساخنة للزبائن والتحويلات المالية المشكوك بها». وبين المشككين بمستقبل الاقتصاد العالمي والمتفائلين به، برزت مؤشرات قوية خلال الملتقى الى ضرورة الاستثمار والتمويل في قطاع الطيران، على غرار المؤشرات التي برزت في اليوم الأول لدعوة القطاع المالي إلى الانخراط في استثمارات الطاقة التي تزيد كلفتها خلال السنوات ال20 المقبلة على 48 تريليون دولار، نصفها للاستثمار في الطاقة المتجددة». وأكد رئيس شركة «بوينغ» مارك ألن، أن «منطقة الشرق الأوسط تحتاج 2950 طائرة خلال السنوات ال20 المقبلة تتجاوز قيمتها 600 بليون دولار، وعلى المصارف والمؤسسات المالية في هذه الدول النظر إلى قطاع الطيران كفرص متنقلة واستثمار طويل الأجل». ولفت في مداخلة أمام الملتقى إلى أن «مطارات الإمارات استقبلت عام 2014 أكثر من 100 مليون مسافر، وطلبات الطائرات المحجوزة على المستوى العالمي يبلغ 500 بليون دولار، و30 في المئة من الطائرات ذات البدن العريض محجوزة من قبل شركات طيران الإمارات والاتحاد للطيران والقطرية». وأكد وجود مؤشرات على انخراط دول المنطقة في صناعة الطيران، مشيرا إلى أن «لشركة بوينغ شراكات مع مبادلة وستراتا في أبوظبي لتصنيع أجزاء والبدء في تسليمها، وهي مواد مركبة تدخل في صناعة طائرات من طراز 777 و787 العملاقة».