واصلت وحدات الجيش اللبناني اجراءاتها المتشددة في منطقة بعلبك - الهرمل (شرق لبنان) بحثاً عن منفذي الكمين ضد دورية للجيش أدت إلى مقتل أربعة عسكريين وجرح نقيب، بينما شيّع رفاق السلاح وأهالي منطقة عكار وطرابلس العسكريين في مآتم طغى عليها الحزن والغضب. ووصفت العملية التي ينفذها الجيش في معظم مناطق البقاع الشمالي، وبخاصة في جرود بعلبك والهرمل، ب «الكبيرة والشاملة» اذ استقدم آلاف الجنود معظمهم من الوحدات والأفواج الخاصة، مستخدماً مئات الآليات والمدرعات والمروحيات، حتى أن الطريق الدولية في البقاع لم تهدأ عليها حركة الآليات العسكرية منذ مساء أول من امس. وفي حين لم يصدر الجيش بياناً عن عملياته، فإن الأجواء التي سادت منطقة البقاع أوحت بأنها ستطاول كل المطلوبين والصادرة بحقهم مذكرات توقيف في كل التهم، ولن تقتصر على ملاحقة قتلة الجنود، خصوصاً أن المعلومات المتداولة تشير إلى أن شقيقين لعلي جعفر الذي قتل مع شخص آخر في 27 آذار (مارس) برصاص الجيش بعد امتناعه عن التوقف على حاجز، خططا للكمين وشاركا في تنفيذه مع آخرين ولاذوا إلى مناطق جردية. وطوّق الجيش منطقتين يقطنهما آل جعفر هما بلدة الدار الواسعة وحي الشراونة في بعلبك. وذكرت وكالة «فرانس برس» أن عناصر من الجيش أقاموا ثلاثة حواجز ثابتة في حي الشراونة وتمركزوا في منزل حسن جعفر المشتبه بضلوعه في الكمين. وأشارت إلى أن الحركة كانت شبه معدومة في الحي «بعد مغادرة معظم الرجال وبقاء النساء والاطفال داخل منازلهم». ونقلت الوكالة عن اقارب جعفر أن «الرجال لجأوا الى جرود الهرمل (شرق بعلبك) حيث يختبئ عادة الخارجون على القانون». وتزامن ذلك مع عمليات دهم في كل المناطق التي يتوارى فيها المطلوبون في قضايا جنائية وترددت معلومات غير مؤكدة عن توقيف 20 مطلوباً ومصادرة سيارات مسروقة، وجرح بعض الأشخاص في اشتباكات متفرقة. وأفيد أن أحمد عثمان أصيب بجروح طفيفة أثناء مداهمة الجيش بلدة حوش بردى، وذكرت «وكالة الأنباء المركزية» ان عثمان «احد افراد المجموعة التي نصبت الكمين، ونقله الجيش الى مستشفى رياق الحكومي»، لكن محطة «المنار» قالت «إن عثمان مزارع عكاري وارتبك أثناء مداهمة للجيش فأصيب». وأفيد عن اصابة مطلوب من آل اسماعيل قبل توقيفه في اليمونة، وألقي القبض على مطلوب في وادي التركمان - الهرمل، وذكرت «المركزية» أن «الجيش ألقى القبض على 3 مطلوبين بجرائم مختلفة وهم: عطالله جعفر، ركان جعفر، وفايز علاو». وفي بلدة الشربين ضبط اربع سيارات مسروقة ورانج روفر اسود وبداخله اسلحة رشاشة. قهوجي - ريفي وما عزز الاعتقاد بأن الجيش لن يتراجع في عمليته، زيارة قائد الجيش العماد جان قهوجي منطقة البقاع متفقداً مكان الكمين الذي تعرض له الجنود، والوحدات العسكرية المنتشرة في البقاع الشمالي، مطلعاً على سير تعزيزات القوى والتدابير الميدانية المتخذة، واجتمع إلى قادة الوحدات وضباطها وأعطى توجيهاته. وأثنى على «جهود العسكريين وتضحياتهم الكبيرة للحفاظ على استقرار الوطن وسلامة المواطن». وعاهد العسكريين على أن «دماء الشهداء الذين سقطوا بالأمس، كما الذين سقطوا في مواجهة الإرهاب، لن تذهب هدراً، ولن يستطيع القتلة الإفلات من العقاب مهما كلف ذلك من جهود وتضحيات». وأكد المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي في مؤتمر صحافي، أن «قوى الامن والجيش سيقومان بواجبهما حتى ولو كانت الضريبة ضريبة دم». وأشار إلى أن «لا شيء خفياً في لبنان، بعض الأمور يعالج بالسياسة وبعضها الآخر يعالج أمنياً، ونحن واعون لدقة الواقع ونعمل وفق خطة عقلانية». ولفت الى «ضرورة معالجة موضوع السلاح على طاولة الحوار». ولاحقاً بحث قهوجي وريفي في اليرزة المستجدات الامنية. وأعلن شيخ عشيرة آل جعفر ياسين علي حمد جعفر استنكاره الاعتداء على الجيش. وأكد ل «المركزية» تعاون عشيرته مع المؤسسة العسكرية ل «توقيف جميع مرتكبي الجريمة»، داعياً الى ان «تأخذ العدالة مجراها في حقهم». وشدد على أن «الجميع تحت القانون»، مقدماً التعازي بالشهداء. التشييع أما منطقة شمال لبنان، فاكتست امس مجدداً بالسواد حداداً أثناء استقبالها شهداء الجيش الأربعة المؤهل محمود أحمد مرون، والرقيب خضر أحمد سليمان والعريفين بدر حسين بدر بغداد وزكريا أحمد حبلص، لتشيعهم بمشاركة ذوي شهداء الجيش الذين قضوا في معارك نهر البارد العام الماضي. وأقيم في بلدة العبدة، مدخل منطقة عكار، مأتم مهيب شارك فيه مئات تقدمهم سياسيون ووجهاء المنطقة، للشهداء سليمان وبغداد وحبلص الذين وصلت نعوشهم ملفوفة بالعلم اللبناني في موكب عسكري، بينما شيّع مرون في باب الرمل في طرابلس. ورفعت النعوش على الأكف وسط صيحات الغضب والتهليل والترحيب ب «الرجال شهداء عكار». وكذلك علت هتافات منددة ومطالبة بملاحقة الجناة. واتسعت دائرة الاستنكار للاعتداء ليشمل شخصيات سياسية رسمية وحزبية والمرشحين الى الانتخابات النيابية المقبلة، وأثار بعضهم ملف مصير السلاح والمربعات الأمنية انطلاقاً من هذا الحادث. وابرزهم الرئيس أمين الجميل والنائب مروان حمادة.