لا يُعرف حتى الآن عدد الأسر السعودية التي نزحت قسراً بعد اعتداءات المتسللين المسلحين على الحدود السعودية مع اليمن، اليونيسيف تقول انه تم إخلاء 240 قرية في السعودية أجبر سكانها على ترك قراهم ومصالحهم من منازل وأملاك، وأغلقت 50 مدرسة، ولم يعلن رقم من الجهات الرسمية السعودية حتى الآن. الصور خير شاهد على أوضاع هؤلاء المواطنين البسطاء، وهم يحملون ما خف من متاعهم أو يسوقون مواشيهم. ومخيمات الايواء التي أقيمت بسرعة تحكي جانباً من القصة المؤلمة وتوضح حجم الضرر. لا شك في أن الجهات الحكومية المعنية تحاول التخفيف عنهم وتوفير حاجاتهم الأساسية على الأقل وهذا أقل الواجب، وهو ما يدعو أيضاً الى حملة تضامن شعبي للوقوف معهم في مصابهم. إذا كانت الدولة أيدها الله أعطت الأوامر للجهات المختصة فمن المهم التأكد من قيام الأخيرة بالمهمة على أكمل وجه، كما أن رسائل التضامن الشعبي للمواطنين يمكن أن تتبلور بأكثر من صورة، ومن الجدير بالإشارة القافلة التي بادر بتسييرها الى جازان أمير منطقة عسير الأمير فيصل بن خالد. لا يمكن المقارنة بين منزل مستقر هو كل ما عرفه الإنسان منذ ولادته وسط الأهل والأحبة بخيمة إيواء موقتة لا يعرف مستقبلها. من هنا تأتي الحاجة إلى تضامن شعبي، ولعلها ثاني مرة تضطر السلطات السعودية فيها إلى إخلاء مواطنين من قراهم ومنازلهم، كما حدث في الخفجي عند احتلال الكويت من قوات صدام. وفي العلم ان هذه القرى الحدودية عانت كثيراً من المتسللين وتجار المخدرات ومهربي الأسلحة سنوات، وتم التعامل - وقتها - مع ذلك بصورة روتينية، لكن الاعتداءات الأخيرة تجبر على إعادة النظر في جملة من الأمور، أهمها دراسة مستقبل استقرار هذه القرى المتناثرة على الشريط الحدودي ومستقبل أمن سكانها وسلامتهم، مع الأخذ في الاعتبار علاقات اجتماعية واقتصادية تاريخية قديمة بين السكان على جانبي الحدود. بوضعها الجغرافي الحالي يمكن لهذه القرى أن تكون الجانب الرخو الذي ينفذ منه المتسللون المسلحون للاستمرار بحرب عصابات واستنزاف مستغلين التماهي مع المدنيين المسالمين من الجانبين، والأحداث الأخيرة التي استغل فيها المتسللون منازل القرى المهجورة للراحة نهاراً والقنص ليلاً أكبر دليل. الثاني، أنه من غير المعقول أن يرابط الجنود وحرس الحدود والمجاهدون على خط النار لردع المتسللين على أعقابهم فيما لا نرى أثراً في الداخل للتعامل مع من نفذ منهم وهم كثر. وهنا لمواجهة المسألة الطارئة تأتي أدوار منتظرة، مثلاً مجلس الشورى يكتفي ببيان شجب واستنكار، وهو من تحصيل الحاصل، في حين أن من صميم مهامه أن يبحث عن الخلل والحلقات المفقودة بين جهات حكومية، حتى الآن لا نرى لجهودها في هذا الصدد أثراً يذكر. www.asuwayed.com