في السياسة غالباً ما يُقال كلام يناقض الفعل، مثل قنابل دخانية تستهدف التمويه على حقيقة المراد، يرجح ان تكون تصريحات وزير الخارجية الايراني الاخيرة من هذا القبيل، التهدئة الايرانية المفاجئة، في ما يخص الاعتداءات على الحدود السعودية الجنوبية ومعها دعوة الأمين العام ل «حزب الله» في لبنان السيد حسن نصرالله لمبادرة إيرانية تجاه السعودية، أو سعودية تجاه إيران، كما جاء في تصريح الاخير. لكن لا أحد منهما أدان الاعتداءات على حرس الحدود السعودي قتلاً وإصابة. جملة هذه التصريحات منذ بداية تلك الاحداث وسط الاسبوع قبل الماضي تحاول التأكيد على مسألة واحدة أن إيران طرف أساس في القضية وكل قضايا المنطقة ويجب أخذها في الاعتبار سياسياً، ما يعني ضرورة الرجوع اليها. من هذا دعوات للجلوس والمفاوضات حتى من المتمردين في اليمن الذين طالبوا بوساطات خارجية. ربما تكون بالونات التهدئة هذه لمجرد التقاط الأنفاس وصدى لرسائل ميدانية من المتمردين في اليمن بعد واقع عمليات عسكرية، فهل من الصدف أن تتحلحل قضية تشكيل الوزارة اللبنانية مع شرارة استهداف الحدود السعودية اليمنية؟ مشكلة إيران مع الدول العربية أنها تؤكد بالأفعال والأقوال ما يحذّر منه الغرب، أميركا وبريطانيا تحديداً، وتقاطر المسؤولين الغربيين على دول الخليج العربية للتحذير والتحريض على إيران ليس عنّا ببعيد، لكن الممانعة السعودية والخليجية لتلك الدعوات لم تؤت ثمارها في طهران، بل شجعت التيارات المتطرفة هناك على مزيد من استهداف مصالح عربية، كل هذا يصبّ في مصلحة إسرائيل التي يعلن فضائياً عن عداوة لها. السياسة العربية هنا بين فكي كماشة، مثلما أن المتمردين في شمال اليمن بين فكي كماشة، ولا شك أن دعوة الأمين العام ل «حزب الله» في لبنان لإطفاء الحرائق دعوة طيبة، لكنه أهمل إدانة مُشعل الحرائق، الحرج أن حكومة إيران تخصصت في إشعال الحرائق وصب الزيت عليها، ويبدو أننا في صدد ماهية عملية الإطفاء تلك، فهل المطلوب أن تشارك إيران على طاولة مفاوضات من هذا النوع لإيقاف إشعال الحرائق أو إطفائها؟ وهي النغمة التي ترددت فضائياً، وتتعقد المشكلة في الابتزاز الطائفي الذي تمارسه إيران في المنطقة بتصريحات المسؤولين وآلة إعلامية، ما يتنافى مع دعوة الأمين العام ل «حزب الله» بعدم إضفاء الطابع الطائفي، وآخرها التدخل الإيراني الصارخ في الشؤون الداخلية اليمنية. هنا يستلزم الأمر دوراً حقيقياً لأمين «حزب الله» في لبنان يتجاوز التصريحات الفضائية - بخاصة وهو القريب من طهران - حتى يتطابق القول مع الفعل للجم التيار المتطرف في إيران. www.asuwayed.com