"مركز استهداف تمويل الإرهاب".. جهودٌ فعّالة ورائدة في مكافحة جريمة الإرهاب وتمويله    جيسوس: اللعب الجماعي مفتاح التأهل للنهائي    مكتبة الملك عبدالعزيز تعقد ندوة "مؤلف وقارئ بين ثنايا الكتب"    انطلاق ملتقى عين على المستقبل في نسخته الثانية بالرياض    أمير المدينة المنورة يدشّن المرافق الحديثة للمتحف الدولي للسيرة النبوية    وزير الخارجية يجري مباحثات مع نظيره العُماني    الشورى يطالب توحيد الجهود وتطوير تصنيف موحد للإعاقة    ورشة عمل حول منصة Linkedin بجامعة خالد    أمير نجران: التبرع السخي يجسد حرص واهتمام سمو ولي العهد على كل ما يعزز العمل الخيري    وزير الإعلام: 85% من مبادرات رؤية 2030 تحققت.. و2024 عام الأرقام القياسية    تدشين 9 مسارات جديدة ضمن شبكة "حافلات المدينة"    جمعية الخدمات الصحية في بريدة تفوز بجائزة ضمان    القبض على مواطن بتبوك لترويجه مادة الحشيش المخدر    أمير جازان يستقبل قائد قوة أمن المنشآت المعيّن حديثًا بالمنطقة    تقديرًا لإمكانياته القيادية ودوره في خدمة القطاع الصحي بالمملكة: "مانع المانع" الرئيس التنفيذي لمستشفيات المانع يحصد جائزة "الشاب القائد للعام" من مجلس الضمان الصحي    محافظ تيماء يرأس الجلسه الأولى من الدورة السادسة للمجلس المحلي    استثمر في حائل.. أرض الفرص الواعدة    أمير تبوك يستقبل رئيس وأعضاء جمعية خدمة ضيوف الرحمن بالمنطقة    بلدية مركز شري تُفعّل مبادرة "امش 30" لتعزيز ثقافة المشي    الراشد : حققنا أهدافنا ..وهذا سر دعم زوجتي لجائزة السيدات    جيسوس: إصابة كانسيلو الجانب السلبي الوحيد    جامعة الأمير سلطان تطلق أول برنامج بكالوريوس في "اللغة والإعلام" لتهيئة قادة المستقبل في الإعلام الرقمي    أمير الشرقية يرعى تخريج الدفعة ال 46 من جامعة الملك فيصل    هل تنقذ الصحافة الاقتصاد في عصر الذكاء الاصطناعي؟    استشهاد 18 فلسطينيًا    "البحر الأحمر الدولية" تكشف عن مستعمرة مرجانية عمرها 800 عام    محادثات القاهرة تتعثر.. ولا ضوء في نهاية النفق.. الاحتلال يصعد في غزة ويطارد حماس عبر «مناطق عازلة»    دمشق ل"قسد": وحدة سوريا خط أحمر    مدير الجوازات يستعرض خطة أعمال موسم الحج    صقر في القفص الذهبي    أبناء زين العابدين يكرمون كشافة شباب مكة    السعودية تمتلك تجارب رائدة في تعزيز ممارسات الصيد    أمير القصيم: الخريجون ثروة الوطن الحقيقية لتحقيق التنمية    بتوجيه من ولي العهد.. إطلاق اسم "مطلب النفيسة" على أحد شوارع الرياض    اكسر حواجز الواقع و اصفع الفشل بالإصرار    تنفذها الإدارة العامة للتوجيه والإرشاد بوزارة الداخلية.. أمير الرياض: الحملة الوطنية.. "الولاء والانتماء" تعزز الأمن وتحصن الشباب    معرض"ذاكرة الطين" للتشكيلية فاطمة النمر    هنأت رؤساء توغو وسيراليون وجنوب أفريقيا.. القيادة تعزي الرئيس الإيراني في ضحايا الانفجار    كيف تحل مشاكلك الزوجيه ؟    أكدت أنه يتفق والمصلحة المطلوبة شرعًا.." كبار العلماء": لا يجوز الذهاب للحج دون أخذ تصريح    "الانضباط" تجدد رفض احتجاج الوحدة ضد النصر    للمرة ال 20 في تاريخه.. ليفربول يتوج بالدوري الإنجليزي بجدارة    وفاة عميد أسرة آل أبوهليل    تشكيليات يرسمن أصالة الأحساء    ليلة استثنائية    أخضر الشابات يترقب قرعة تصفيات كأس آسيا تحت 20 عاماً    Adobe تطلق نموذج Al للصور    مقتل شخصين في ضربات أميركية على صنعاء    ملتقى «توطين وظيفة مرشد حافلة» لخدمة ضيوف الرحمن    «جمعية تجهيز» تُخصص رقماً مجانياً للتواصل    «هيئة الشورى» تعقد اجتماعها الثامن    حل 40 ألف قضية أسرية قبل وصولها للمحاكم    محمد بن ناصر: رياضة المشي لها دورها في الوقاية من الأمراض وتعزيز الصحة    طلاء سحري يقتل البكتيريا والفيروسات    ارتفاع حرارة الأطفال بلا سبب    الأسواق تترقب أسبوعا يرسم ملامح الاقتصاد العالمي    ولي العهد يوجه بإطلاق اسم الدكتور مطلب النفيسة على أحد شوارع الرياض    حسين الشيخ نائبا للرئيس الفلسطيني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شابة مغربية تقود مجموعة فارسات في احتفال «التبوريدة» الشعبي
نشر في الحياة يوم 09 - 11 - 2009

كما يليق بالفرسان وأدابهم، رفضت بشرى أن تُلتقط لها ولو صورة واحدة من دون كامل عناصر فرقتها. في عمر العشرين فقط، تعرف هذه «المقدمة» (القائدة) كيف تقود بحكمة ونجاح «سربة» من تسع فارسات، بينهن من يكبرنها سناً. تقود بشرى فريقها بمهنية وذكاء وحرص بالغ على دفع أي شيء قد يشوش على انسجام «الجند» ويعكر صفوهن، وبالتالي يقلل من انضباطهن لتعليمات القائدة واحترامهن لها.
حينما انتهت فرقتها من أداء استعراضات صباح آخر يوم من مهرجان الفروسية السنوي لأحواز الرباط، كانت بشرى أول من رافق الخيول إلى مرابضها، وآخر من غادر. حس مسؤولية عال أكسبها احترام أبناء قبيلتها وإعجابهم، وشجعهم على ائتمانها على قيادة بناتهن في حلبة الفرسان الذكور.
خيام على مد البصر تصنع حدود الحلبة المتربة لمهرجان «التبوريدة» الذي أقيم أخيراً في ضواحي الرباط، وضم نحو ستة قبائل تعيش في محيط العاصمة. مئات الفرسان باللباس التقليدي الأبيض في غالبه تناوبوا على امتطاء صهوات خيول تحلت بأبهى الحلل لاستعراض مهاراتهم في ركوب الخيل واستخدام السلاح الناري.
يطلق المغاربة على هذا الاستعراض الخاص بفن الفروسية التقليدية اسم «التبوريدة»، وهي لفظة مستولدة من البارود، أي الذخيرة الحية، ويعبر عن تقليد متوارث بين الأجيال عبر خمسة قرون، يعكس زمن بطولات الجهاد بالبنادق على صهوة الفرس ضد الأعداء، وطقوس التنظيم العسكري لصفوف «الخيالة» وخبرات القيادة والطاقات القتالية لفرق «السربات».
وقفت بشرى على عملية ملء ذخيرة بنادق «كتيبتها». عملية محفوفة بالخطر قد يكلف الخطأ فيها أضراراً صحية جسيمة، لكنها قلما تأتي على إرادة الفرسان وعشقهم لفن «التبوريدة» الواسع الشعبية. كانت إحدى فارسات «سربة» بشرى أصابت أصابع يديها معاً بطلقة من بندقيتها قبل يومين، إذ لم تنتبه إلى أن الذخيرة كانت مضاعفة.
مع ذلك، خرجت «المصابة» مباشرة من المستشفى إلى صهوة فرسها بيدين مضمدتين، يصعب معهما معرفة كيف أمكنها الإمساك بالبندقية بعدها. موعد مع الفرس والجمهور لا يمكن تفويته لأي سبب كان. «أنا مدمنة على الفروسية»، تقول كوثر بابتسامة واسعة.
وقفت سربة بشرى بلباس أخضر موحد في صف منتظم وسط صفوف الفرسان في انتظار دور استعراضهن. شمس ذلك اليوم كانت حارة. بيد أن «المساواة» السلبية التي مارسها الفرسان الذكور ضدهن حرمتهن من فرصة «التمييز الإيجابي» إزاء النساء الذي يستفدن منه عادة في مواسم الفروسية خارج الرباط، فكابدت الفارسات الحر بإرادة قوية طيلة المرات الثلاث التي أدين فيها عرضهن ذلك الصباح.
حان دورهن. انطلق صوت بشرى قوياً: «مصاوبين؟» ( أي هل أنتن مستعدات للتصويب؟). أجابت الفرقة بصوت واحد: «يصاوب الله». وتنتظر الفارسات التعليمات المقبلة لإعداد الخيول للركض والتحكم بشكيمتها والتصويب إلى أعلى، ومن ثم إطلاق النار في وقت واحد مع الحفاظ على انتظام الصف. كثيراً ما يسقط الفرسان ذوي الخبرة المتوسطة والمبتدئين من أعلى الحصان في هذه الاستعراضات، أو تحرن خيولهم وتعصى الانقياد لهم. لكن سربة بشرى لم تعان أياً من هذا وذاك. ونالت عروض السربة النسائية الوحيدة في المهرجان إعجاب الجمهور وثناء الفرسان.
«لا فرق بين أداء الفارسات والفرسان إذا تدربت الفارسات جيداً على ركوب الخيل واستخدام البندقية»، يؤكد مدرب سربة بشرى، وهو فارس سابق. ثمة أيضاً مؤهلات «وراثية» مجدية بالنسبة الى معظم الفارسات اللواتي يملك أهاليهن الخيول، أو يكونون أنفسهم فرساناً أباً عن جد. ولهذا لا يبدو مثيراً للدهشة أن يولد في أسرة نباتة فرسان كثر، فلبشرى ثلاث أخوات فارسات أيضاً في سربتها، هن حياة وليلى ومحجوبة، أصغرهن عمرها 12 سنة، وأكبرهن 26 سنة، وهي متزوجة. أما أمهن فهي بمثابة «كوتش» (coach) حقيقي تلازمهن بالدعاء والنصائح والرعاية في كل حلبات التباري في المغرب. ولا يفوت الجد والأب مناسبات قريبة مثل هذه لتشجيع فارساتهما والافتخار بهن وسط قبائل المنطقة.
وترأس بشرى جمعية «فارسات الحوزية» التي أنشأتها في العام 2006. وكانت في عمر محجوبة الصغرى عندما امتطت الفرس، ولم تنزل عن صهوتها حتى اقتحمت بها حلبة الفرسان في العام 2003، مع أولى الفارسات المغربيات اللواتي دخلن عالم «التبوريدة». بعد سنتين، حازت ميدالية ذهبية في منافسات جائزة الحسن الثاني للفروسية ضمن فرقة فارسات مدينة المحمدية (شمال الدار البيضاء). وفازت العام الحالي في البطولة نفسها بالميدالية الفضية ممثلة جهة الرباط.
فرق فارسات «التبوريدة» في ازدياد مطرد في شتى أنحاء المغرب، عددهن اليوم سبع سربات، وجمهورهن بلا عدد وإضافتهن الخاصة في عروض الفروسية التقليدية تمنح زمن الحاضر مسحة المشاركة الفعلية للمرأة والرجل في ما أضحى فناً شعبياً للتعبير عن الانتماء في الآن نفسه، وتذكر بزمن كانت النساء يسرن جنباً إلى جنب مع الفرسان إلى ساحات القتال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.