الجمهوريون الذين خسروا حربين ودمروا اقتصاد أميركا والليكوديون من المحافظين الجدد الذين روجوا لكل حرب ضد العرب والمسلمين يخوضون الآن حرباً ضد الرئيس باراك أوباما لزيادة القوات الأميركية في أفغانستان كما يطلب العسكر. الولاياتالمتحدة لن تربح الحرب في أفغانستان، إذا كان النصر يعني تدمير طالبان والقاعدة، وفرض حكم ديموقراطي غربي الميول، وتسييس الحرب كما يريد الجمهوريون يعني خسارة مؤكدة. هل هذا ما يريد الجمهوريون سراً؟ هل هم يريدون أن يخسر أوباما الحرب، حتى لو كان الخاسر هو بلادهم، ليستطيعوا مواجهته في الانتخابات النصفية المقبلة وانتخابات الرئاسة سنة 2012. أترك نظريات المؤامرة لأصحابها، ولكن أسجل حملات ديك تشيني المستمرة على الرئيس وإدارته، مع أن نائب الرئيس السابق يجب أن يكون متهماً في قفص محكمة جرائم الحرب لا طليقاً يوجه الاتهامات الى غيره. موقف الجمهوريين وعصابة الحرب الليكودية شجع الجنرالات من أنصار زيادة القوات على مواجهة الإدارة، مع أنه يفترض أن الرئيس الأميركي هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، وأن العسكر ينفذون أوامر القيادة المدنية. وكان قائد القوات الأميركية في أفغانستان الجنرال ستانلي ماكريستول شكا في برنامج تلفزيوني أميركي من أن الرئيس أوباما حدثه مرة واحدة منذ تسلمه قيادة القوات في أفغانستان، ثم قال رداً على سؤال خلال مؤتمر في لندن إن فكرة نائب الرئيس جو بايدن عن خفض القوات والتركيز على القاعدة لا تصلح وأنها قصيرة النظر. ويبدو أن الجنرال ديفيد بيتريوس، القائد السابق للقوات الأميركية في العراق ورئيس ماكريستول الآن، يحرض على مثل هذه المواجهة، ولعله يطمع بالترشيح للرئاسة سنة 2012. قرأت في دعم مواقف العسكر ضد القيادة المدنية مقالاً كتبه الليكودي ماكس بوت في مطبوعة «كومنتري» اليهودية الليكودية يذكّر القراء بماضي ماكريستول في العمليات السرية ضد الإرهاب في العراق، ويقول إنه الآن يطالب بحسب تقريره الذي سرب الى «واشنطن بوست» بحرب على التمرد أو العصيان في أفغانستان وأنه يعرف ما يقول ويجب الاصغاء اليه، ما لا يقول بوت ان الأميركيين خسروا الحرب في العراق أمام المقاومة والإرهاب، وإن الإرهاب مستمر هناك ما يعني أن ماكريستول فشل في العراق، وسيفشل في أفغانستان. أما الليكودي تشارلز كراوتهامر فهاجم الرئيس أوباما مرة بعد مرة واتهمه بالضعف والتردد مثل «هاملت» بطل مسرحية لشكسبير تحمل اسمه، وهو زعم أن ماكريستول قتل «ألوف الإرهابيين» في العراق، فأعود الى القول إن الإرهاب مستمر والجنرال فشل بالتالي في مهمته. أغرب ما قرأت تأييداً للحرب كان مقالاً لكونراد بلاك، ناشر مجموعة «التلغراف» السابق، من زنزانة يقبع فيها بعد إدانته بسرقة شركاته والحكم عليه سنة 2007 بالسجن 78 شهراً. وبلاك كان عاقلاً معقولاً حتى تزوّج الصهيونية البريطانية بربارة امييل ليصبح زوجها الرابع، ومال الى البذخ والتطرف معاً، ولم يصلحه السجن. وهو الآن يتهم الحزب الديموقراطي بأنه جماعة سلام أو داعية انعزالية جديدة، وأن الخسائر في أفغانستان لا تقاس شيئاً بالخسائر في فييتنام. أقول لجميع أعضاء عصابة الحرب، وكلهم تقريباً فارّون من الجندية، أن يذهبوا ويحاربوا بأنفسهم بدل أن يضحوا بزهرة شباب أميركا في حروب استعمارية خدمة لإسرائيل في النهاية. كنت أقرأ عن الحرب على حرب أفغانستان وتسييسها لأغراض أخرى غير الفوز، عندما قرأت أن الولاياتالمتحدة وقّعت معاهدة قاعدة عسكرية مع كولومبيا، ما ذكرني بخطاب قديم لعضو الكونغرس الطبيب رون بول، وهو جمهوري من تكساس، تحدث فيه عن حجم الوجود العسكري الأميركي حول العالم ونفقاته. لن أدخل في أرقام مؤكدة فهناك 737 الى 860 قاعدة عسكرية أميركية أو منشأة حول العالم نفقاتها السنوية ترليون دولار. ويستطيع القارئ الراغب أن يعود الى الانترنت فموقع غوغل عنده 19.9 مليون خبر عن رون بول وحده، وأضعافها عن الإنفاق العسكري الأميركي. لا يمكن تفسير هذا الوجود العسكري الخارجي وحجم الإنفاق عليه بغير استعمار جديد، وإذا كان أوباما يحاول تخفيف العبء على الأميركيين فإن عصابة الحرب لا تزال تسعى الى أمبراطورية أميركية على رغم الخسائر العسكرية والأزمة المالية الخانقة. [email protected]