بعد أن لقي حفاوة في أوروبا وتجمهر الناس لاستقباله في أفريقيا وهتف الناس له في الشرق الأوسط سيختبر الرئيس الأمريكي باراك أوباما حدود نجوميته العالمية الأسبوع القادم خلال جولته الآسيوية الأولى منذ توليه الرئاسة. وتشير معظم الدلائل إلى أن الرئيس الأمريكي الشاب حتى رغم فقده بعض بريقه في الداخل لا يزال يحظى بشعبية في الخارج ويمكنه توقع استقبال حار في جولته التي تستغرق عشرة أيام وتشمل اليابانوسنغافورة والصين وكوريا الجنوبية. ولكن من المرجح أن يكون الهوس بأوباما أكثر هدوءا على الطريقة الآسيوية حيث لن يضيف مجرد عدم كونه الرئيس السابق جورج دبليو بوش إلى رصيده هناك كما كان الحال في أماكن أخرى. وعلى رأس ذلك سيواجه أوباما صعوبة في ترجمة مكانته الشخصية إلى مكاسب ملموسة خلال زيارة لا تتيح له موضوعاتها الرئيسية - المواجهة النووية مع كوريا الشمالية والتجارة مع الصين ووجود القوات الأمريكية في اليابان والنضال للتوصل إلى اتفاق بشأن التغير المناخي - فرصة تحقيق فوز سهل. وقال جيمس مان خبير الشؤون الآسيوية في مدرسة الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جون هوبكنز في واشنطن "مكانة المشاهير التي يحظى بها أوباما ستضيف إليه ولكن الآسيويين سيتعاملون معه بأسلوب أكثر عملية." وحظى أوباما منذ توليه المنصب في يناير كانون الثاني بشعبية خاصة في أوروبا حيث حياه الكثيرون على أساس أنه سيمحو أثر ثماني سنوات من حكم سلفه بوش الذي يحمل له الأوروبيون استياء بالغا بسبب الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة للعراق عام 2003 ودبلوماسيته التي يصفونها بأنها "دبلوماسية رعاة البقر". واستقبلت حشود المعجبين أوباما بالترحاب في رحلاته الأولى إلى الجانب الآخر من الأطلسي إلا في روسيا حيث لاقى استقبالا أقل حرارة يعكس العلاقات المتوترة بين واشنطن وموسكو بعد الحرب الباردة. واعتبرت علاقة الحب التي جمعت بين أوروبا وأوباما الذي تعهد بفترة جديدة من الارتباط الدبلوماسي على نطاق واسع كعامل رئيسي في حصول أوباما على جائزة نوبل للسلام الشهر الماضي رغم أنه لم يحقق انجازات ملموسة كبيرة على الساحة العالمية. وبينما اجتذبت قصة أوباما الشخصية كأول رئيس أسود للولايات المتحدة الكثير من الآسيويين فإنه لم يحظ هناك بنفس الشعبية التي حظى بها في أوروبا. ففي الواقع أظهرت استطلاعات الرأي التي اجريت قبل انتخابات الرئاسة الأمريكية العام الماضي أن منافسه الجمهوري جون مكين مفضل في بعض الدول الآسيوية. والحقيقة أن شعبية بوش لم تتدهور في آسيا حيث طغت موضوعات مثل المصالح التجارية والاقتصادية دائما على موضوعات مثل حرب العراق كما حدث في أوروبا. وقال مان "هناك رغبة أقل في آسيا أن يمثل أوباما نقطة تحول عن عهد بوش... الكثيرون في الواقع يريدون رؤية نوع ما من التواصل." وبينما يضبط أوباما نغمة علاقة إدارته بالقوى الاقتصادية الآسيوية فإنه ربما يواجه أكبر تحد له على الإطلاق مع الصين التي تبدو الأكثر حذرا من سياساته. ورغم إعجاب الكثير من الصينيين بشخصية أوباما فإن ذلك لا يفوق القلق العام من نوايا إدارته وبخاصة في ضوء قرارها مؤخرا فرض رسوم عقابية على الإطارات المستوردة من الصين. وقال وانج شويانج (47 عاما) المسؤول باحدى شركات التقنية العالية في شنغهاي "أيا كان رئيس الولاياتالمتحدة فلن يكون ودودا بشكل كبير مع الصين. فالصين منافس قوي للولايات المتحدة رغم كل شيء." ويشعر البعض حتى أن الصين كانت في وضع أكثر راحة مع بوش. وقال شي ينهونج أستاذ الأمن الدولي في جامعة رنمين في بكين "نعرف أين نقف." وكشأن الدول الآسيوية الأخرى التي تركز على الصادرات تخشى الصين أن تكون الادارة الديمقراطية أكثر عرضة للتأثر بالضغوط الداخلية وهو خوف استمر رغم تأكيدات أوباما على أهمية حرية التجارة. ويخشى بعض نشطاء حقوق الإنسان أن ينحي أوباما الحديث عن حقوق الإنسان في الصين جانبا لتحسين علاقته مع حكومتها الشيوعية التي تحوز النسبة الأكبر من سندات الخزانة الأمريكية والتي تتوسط في الأزمة مع كوريا الشمالية. وينفي البيت الأبيض ذلك. وستمثل اليابان أولى محطات أوباما الخميس المقبل قبل أن يحضر قمة دول آسيا والمحيط الهادي في سنغافورة تحديا آخر حيث يحاول تقوية علاقاته مع رئيس الوزراء يوكيو هاتوياما الذي يرغب في اتخاذ مسار سياسي أكثر استقلالا عن الحليفة الولاياتالمتحدة. وهناك قضايا ثنائية مازالت حساسة مثل القواعد العسكرية الأمريكية في اليابان وقد تطغى على زيارة أوباما. ولكن بوجه عام فإن رؤية أوباما لعالم خال من الأسلحة النووية من شأنها أن تعطيه دفعة بين اليابانيين ذوي الميل الى التهدئة. ومن المرجح أن يهيمن التحدي الذي أبدته كوريا الشمالية بشأن برنامجها النووي على زيارة أوباما لسيول. وأشاد كثير من الكوريين الجنوبيين بانتخاب أوباما منذ عام كتغيير مرحب به بعد بوش الذي اعتبروه جامدا أكثر من اللازم في التعامل مع المشكلة. رغم ذلك فإن أوباما ليس لديه الكثير ليظهره من التواصل الدبلوماسي مع بيونجيانج . فهو لم يحقق سوى تقدم بسيط عما حققه بوش للحصول على موافقة الكونجرس الأمريكي على اتفاق التجارة الحرة مع كوريا الجنوبية المعلق منذ فترة طويلة. ولا تضم جولة أوباما إندونيسيا هذه المرة ولكنه يحظى بشعبية كبيرة في أكثر الدول الاسلامية سكانا حيث يعتبر أحد أبنائها لأنه قضى طفولته وذهب الى المدرسة وهو طفل في العاصمة جاكرتا. وقال ويمار ويتويلار المعلق السياسي "الناس يحبونه لأنه يبدو وكأنه واحد منا." وينتظر الإندونيسيون باشتياق فرصة للاحتفاء بصلة أوباما ببلادهم. ويقول البيت الأبيض إن أوباما وافق على زيارة إندونيسيا العام المقبل.