أكد مستشار في المصرفية الإسلامية أن الاختلاف بين علماء المسلمين في المجال المصرفي ليس رحمة. وقال لاحم الناصر إن المدارس الفقهية تعد أبرز التحديات التي تواجه المصرفية الإسلامية «فعلى رغم أن الاختلاف بين علماء المسلمين يعتبر رحمة، إلا أنه ليس رحمة في المجال المالي». وشدد على أن «هذا القطاع لا يقبل الهزات والخلافات، فالخلاف يزرع «البلبلة»، ويؤثر في الثقة لدى غير المسلمين، وينعكس سلباً على المنتج الإسلامي كونه غير مستقر، كما أنه يحرم المؤسسات الإسلامية من الاستفادة المتبادلة بينها، فعلى سبيل المثال لا يمكن أن تكون هناك استفادة متبادلة بين المصارف الإسلامية السعودية مع الماليزية، فبيع العينة (مثلاً) جائز لديهم ولدينا حرام، وبيع الدين هناك مباح بينما في المملكة محرم». وأشار في المحاضرة التي نظمتها غرفة تجارة وصناعة الرياض أول من أمس حول «المصرفية الإسلامية: الفرص والتحديات»، إلى أن الهيئات الشرعية في المصارف الإسلامية قد لا تنظر في المنتج بالإطار الشرعي المتكامل، بل تحاول مواءمته وتأطيره على الأسس التي تبيح المنتج وتجذب العميل، وتساءل الناصر قائلاً: كيف لأعضاء الهيئات الشرعية القدرة على العمل والعطاء ومتابعة المنتجات البنكية الجديدة وبعضهم أعضاء في عدد كبير من الهيئات وقد ينتسب إلى أكثر من 70 عضوية في الهيئات العالمية؟ ودعا الناصر المصرفيين من رجال الأعمال لشراء المؤسسات العالمية المتأزمة. وأشار إلى أن هناك تنافساً كبيراً في المصرفية على سبيل المثال في بريطانيا، في حين أن الكثير من الدول الإسلامية لا ترغب في الدخول إلى المصرفية الإسلامية، وبناء على ذلك يلاحظ هجرة الرساميل من حاضناتها الأصلية في الدول الإسلامية إلى دول أخرى. واعتبر أن المصرفية الإسلامية فوّتت على نفسها فرصة قد لا تعود مجدداً، إذ إن العالم خلال أيام الأزمة المالية العالمية أقبل على المصرفية الإسلامية للاستفادة منها، لكنها لم تستطع أن تقدم له شيئاً، لأنها هي من يعاني من عدم استقرار وأخطاء، كما أنها لا تملك العلم النظري أو الأنظمة والقوانين المتفق عليها بالإجماع. وطالب بضرورة دعم الصناعة المالية الإسلامية، واتخاذ التدابير لتجاوز التحديات التي تواجهها، التي من أبرزها عدم وجود الكوادر المؤهلة، والجهة التعليمية المناسبة التي تقدم العلم الكامل للعاملين في المصارف الإسلامية، وعدم وجود مراكز أبحاث يمكن الوثوق بها. وأشار إلى أن قلة الكوادر المؤهلة من أهم التحديات أمام المصرفية الإسلامية، إذ يعتبر 85 في المئة من العاملين بهذه المصارف التحقوا للعمل في المصارف الإسلامية بخلفية تقليدية، لافتاً إلى أن قيادات هذه المصارف أيضاً تعتبر تقليدية، ما يتسبب بعدم فهمهم لبعض الأمور التي تدعم البنك، منوهاً إلى عدم وجود الابتكار والتطوير لدى المصارف الإسلامية. ودعا إلى إنشاء أكاديمية لتعليم وتدريب الشباب على المصرفية الإسلامية، وأن يُدرّس الراغبين في العمل بهذه المصارف تعليماً كاملاً لسنوات، وليس تدريباً مختصراً كما هو معمول به لدى البنوك، فالمستجدون في العمل المصرفي يحصلون على دورات تدريبية قد تكون ستة أشهر، منوهاً إلى أن الجامعات والكليات السعودية ليست لديها القدرة على تقديم الدور الذي تقدمه البنوك. وأوضح أن المصرفية الإسلامية انطلقت عام 1963، وكانت أول تجربة لها في ألمانيا ونقلت فكرتها إلى مصر آنذاك، وكانت بداياتها الفعلية عام 1975 في بنك دبي الإسلامي، وخلال العام 2008 بلغ عدد المؤسسات المالية الإسلامية 396 مؤسسة، منها320 مصرفاً تقدم منتجات إسلامية وبينها مصارف عالمية كبيرة، وقدّر أصول هذه المؤسسات بنحو800 بليون إلى تريليون دولار بعد أن كانت 150 بليون دولار في عام1990، وبلغت نسبة النمو من 15 إلى 20 في المئة في السنوات الأخيرة، لكن هذه الأرقام لا يمكن الجزم بها والقطع فيها بشكل نهائي. وأضاف: «يعتبر التأمين التكافلي صناعة حديثة خصوصاً في السعودية ففيها 123 شركة، بلغت أصولها ما يقارب بليوني دولار، ويتوقع أن تصل إلى 8 بلايين دولار في عام 2012، كما يبلغ حجم المصرفية الإسلامية حوالى 6 في المئة من المؤسسات المالية في السعودية»، مؤكداً صمودها في الأزمة المالية العالمية لأنها لم تتاجر في «الأوراق المسمومة».